ثرثرة المقاعد المهجورة تحت قبة العبدلي المقهورة
تذكر الصخب والجدال والهمس والصراخ الذي كان يحدث في قاعتنا ؟ يا الله كم أحن لتلك الأوقات ..
فخرج صوت مبحوح من مقعد آخر تحت قبة العبدلي : أرجوك يا مقعد عمان الثالثة اتركنا نايمين ومرتاحين بلا سياسة بلا هم .
فيقول مقعد الكرك : أسكت يا مقعد الكوتا وأترك المقاعد الثقيلة تحكي يعني عاجبك صرنا مجرد كراسي مهجورة ؟
يتنحنح مقعد البادية ويقول : حنا نريد تعود مياه المجلس لمجاريها لأجل مناطقنا تريد خدمات وفيها بطالة ومشاكل وثارات ، ونريد نحاسب الحكومة كيف تعاملت مع هالأوضاع ومع عيالنا!
فيخرج صوت من مقعد الزرقاء معترضاً : أنت يا مقعد الكرك أقوى نوع وترغب بعودة المجلس حتى تحطهم تحت جناحك ، وأنت يا مقعد البادية ركز معنا عالسياسة شوية مش بس نائب خدمات .
فيقاطعه بعصبية مقعد معان : الكرك أهل الهية ويطلع لمقعدهم يفرد حاله .
فيقول مقعد الكرك : ما نزود عليك يا مقعد معان ياللي بالعز مخضبة .
يدلي مقعد السلط بدلوه : زملائي المقاعد كلنا الأردن ومأصلين وبعدين كلنا بالهوا سوا مقاعد مهجورة .
مقعد الرمثا : صدقت والله لو كنا خلال هالأشهر الماضية مقاعد بحديقة عامة إلا فدنا الوطن أكثر من لطعتنا بدون شغل .
مقعد العقبة : يا مقاعد المجلس فُرِجَت وصدر قانون الانتخابات ورح يقعد علينا أصلح الناس بعد كم شهر .
مقعد جرش : أصلح الناس ؟! يا مقعد العقبة ، البراطيل خربت جرش قبل ألف سنة ، وجرش بالأردن وبرأيك فش براطيل بالأردن للآن تخرب مش بس جرش وسمك العقبة كمان ؟! خلصنا بلا أصلح بلا أطلح ، إحكي يا رب يقعد علينا الأقل سوء ونحن والشعب راضيين .
فجأة تخرج قهقهة مرتفعة من مقعد الطفيلة ويقول : يا مقاعد المجلس ادعو الله ما تصير انتخابات ونظل مهجورين .
فتسأل جميع المقاعد باندهاش وصوت واحد : ليييش؟!
ويواصل مقعد الطفيلة قهقهته ويجيب : صحيح مهجورين الآن لكن على الأقل موجودين يعني حقيقيين لكن بعد الانتخابات القادمة رح نتحول لوهميين يعني غير حقيقيين يا المقاعد المسخمة .
فتتساءل معاً المقاعد : كيف ؟ مش فاهمين !
فيتطوع مقعد مادبا ويجيب : مقعد الطفيلة قصده أن قانون الانتخاب الجديد أبدع اختراع أردني جديد على مستوى العالم وهو الدوائر الفرعية التابعة للدوائر الانتخابية ، وهذه الدوائر لا حدود جغرافية لها داخل الدائرة الانتخابية الأكبر ، والناخب حر في الدائرة الانتخابية يختار أي دائرة فرعية يصوت فيها ، يعني الدوائر الفرعية دوائر وهمية ومُتخيلة فقط !
ويكمل مقعد الطفيلة : والدائرة الوهمية يفوز عنها نائب وهمي ، والنائب الوهمي أين سيجلس تحت قبة العبدلي ، قبتنا؟
فيكمل مقعد عجلون : آآآه .. النائب الوهمي ممثل الدائرة الوهمية يحتاج لمقعد وهمي يجلس عليه ، يعني سنصبح مقاعد وهمية بمجرد إعلان النتائج .
فيقاطعه مقعد مادبا : النتائج ؟ هل ستكون وهمية لأنها تمثل نتائج انتخابات دوائر وهمية ؟
فيقول مقعد الأغوار متحسراً : يا صديقي يا مقعد مادبا ومتى كانت النتائج مش وهمية ؟ خلينا ساكتين أحسن .
فيتساءل مقعد ناعور : مش الأفضل نظل هيك مرتاحين من جلوس هالنواب علينا ؟ وخصوصاً أغلبهم المناسف والعزايم وإكراميات الدولة خلتهم من أصحاب الكروش الكبيرة والأوزان الثقيلة وذبحونا بأوزانهم .
فيرد مقعد الكوتا الناعمة بخبث : لا يا صاحبي مش الكل ثقيل أنا مثلاً اشتقت للشعور بالوزن الناعم وكنت أتمنى الجلسات ما تنتهي .
وأضاف مقعد المفرق : وأنا كمان أدمنت رائحة السيجار ومستعد أتحمل وزنه مقابل أشم سيجاره الكوبي كل يوم .
وبدأ يتعالى ضجيج مقاعد الحكومة في المجلس : اسكتوا يا مقاعد النواب ، الأولوية للمقاعد الحكومية بالحديث ، أو تعرفوا لن نقرّ امتيازات من فوق الطاولة ومن تحت الطاولة لكم .
فيعم الصمت قليلاً ، ثم تحدث مقعد رئيس المجلس وقال : أقترح يعدلوا قانون الانتخابات ويصبح من حقنا نحن المقاعد تحت القبة أن نختار من يجلس علينا وليس الشعب ؛ فنحن المتحملون لصراخهم ولهمساتهم وخلافاتهم ومؤامراتهم ونومهم أحياناً طول الجلسات وأمورٍ أُخرى متحملينها نتيجة جلوسهم علينا نخجل من ذكرها وهم يعلمونها .
وأيده مقعد المساعد الأول لرئيس المجلس وقال : نعم نحن الأقدر على اختيار النائب المناسب، فلو أنهم أحضروا جميع المرشحين وأجلسوهم علينا بالدور سنستطيع أن نحدد من هو الأنسب من خلال ثقله علينا ، ومن خلال مدى تململه فوقنا ، ونستطيع أن نعرف نواياه من خلال تخاطر نبنيه معه لنعرف هل أتى ليخدم الوطن أم ليحلب الوطن ، وكذلك من خلال الأمور الأخرى التي خجل مقعد الرئيس من ذكرها !
وفجأة جاءت صرخة مدوية من أعلى المجلس : كفى ، اصمتي أيتها المقاعد التعيسة التي فرقتِ الشعب بتنازعه للجلوس عليك .
فقالت المقاعد : ولماذا أنتِ غاضبة هكذا يا قبة المجلس ؟!
فأجابت القبة بحزن : لقد أيقظتم جروحي وجعلتم النوم يهرب من عيوني ، فأنا بجانبي في العبدلي قبتان جارتان لي أحسدهما على ما حباهما الله من نِعَم ؛ أنظر إلى قبة مسجد الملك المؤسس فأحسدها لأنها تغطي تحتها المؤمنين المصلين القانتين ، ولا تسمع إلا الآيات القرآنية ، ولا يتخللها إلا دعاء الطيبين ليصعد من خلالها إلى السماء ، وأحسد قبة قصر العدل التي تغطي تحتها القضاة الذين يحقون الحق في الدنيا ، وتغطي المظلوم الذي نظر إليها شاكراً الله من فوقها على عدله أن يَسّر له تحت قبة قصر العدل من أعاد له حقه ورفع عنه الظلم ، أما أنا قبة مجلس الأمة ، قبة العبدلي ، فأنا مقهورة أيتها المقاعد الكئيبة ؛ لأني أغطي تحتي من يجلسون عليكم ممن نافقوا الناس وكذبوا عليهم بالوعود ، وعندما استظلوا بظلي نسوا الناس ونسوا الوعد والعهد ، ونسوا من لن يظلهم يوم لا ظل إلا ظله ، وأصبحوا يتحالفون ويختلفون ويتفقون بما يحقق مصالحهم ، وأداروا بينهم كأس الوطن نخباً شربوه في صحة تأمين مستقبل أبنائهم بأعلى المراتب التي لا يستحقونها ، فبعد هذا ألا تريدون مني أن أعيش القهر و أنا أرى أخواتي القباب الأخرى تخبئ تحتها مؤمنا في المسجد أو قاضٍ في قصر العدل ، وأنا أُخبئ تحتي من أغلبهم جعلوا من البسطاء مطية لهم لبناء أنفسهم بهدم أحلام المواطن وعشمه فيهم ، أرجوكِ أيتها المقاعد أن تصمتي وتنامي ، واتركيني أندب حظي فقد رأيت في العقود الماضية وسمعت الكثير تحتي مما جعلني أتمنى أن توافق إحدى القبب الأخرى أن تبادلني مكانها !
تذكر الصخب والجدال والهمس والصراخ الذي كان يحدث في قاعتنا ؟ يا الله كم أحن لتلك الأوقات ..
فخرج صوت مبحوح من مقعد آخر تحت قبة العبدلي : أرجوك يا مقعد عمان الثالثة اتركنا نايمين ومرتاحين بلا سياسة بلا هم .
فيقول مقعد الكرك : أسكت يا مقعد الكوتا وأترك المقاعد الثقيلة تحكي يعني عاجبك صرنا مجرد كراسي مهجورة ؟
يتنحنح مقعد البادية ويقول : حنا نريد تعود مياه المجلس لمجاريها لأجل مناطقنا تريد خدمات وفيها بطالة ومشاكل وثارات ، ونريد نحاسب الحكومة كيف تعاملت مع هالأوضاع ومع عيالنا!
فيخرج صوت من مقعد الزرقاء معترضاً : أنت يا مقعد الكرك أقوى نوع وترغب بعودة المجلس حتى تحطهم تحت جناحك ، وأنت يا مقعد البادية ركز معنا عالسياسة شوية مش بس نائب خدمات .
فيقاطعه بعصبية مقعد معان : الكرك أهل الهية ويطلع لمقعدهم يفرد حاله .
فيقول مقعد الكرك : ما نزود عليك يا مقعد معان ياللي بالعز مخضبة .
يدلي مقعد السلط بدلوه : زملائي المقاعد كلنا الأردن ومأصلين وبعدين كلنا بالهوا سوا مقاعد مهجورة .
مقعد الرمثا : صدقت والله لو كنا خلال هالأشهر الماضية مقاعد بحديقة عامة إلا فدنا الوطن أكثر من لطعتنا بدون شغل .
مقعد العقبة : يا مقاعد المجلس فُرِجَت وصدر قانون الانتخابات ورح يقعد علينا أصلح الناس بعد كم شهر .
مقعد جرش : أصلح الناس ؟! يا مقعد العقبة ، البراطيل خربت جرش قبل ألف سنة ، وجرش بالأردن وبرأيك فش براطيل بالأردن للآن تخرب مش بس جرش وسمك العقبة كمان ؟! خلصنا بلا أصلح بلا أطلح ، إحكي يا رب يقعد علينا الأقل سوء ونحن والشعب راضيين .
فجأة تخرج قهقهة مرتفعة من مقعد الطفيلة ويقول : يا مقاعد المجلس ادعو الله ما تصير انتخابات ونظل مهجورين .
فتسأل جميع المقاعد باندهاش وصوت واحد : ليييش؟!
ويواصل مقعد الطفيلة قهقهته ويجيب : صحيح مهجورين الآن لكن على الأقل موجودين يعني حقيقيين لكن بعد الانتخابات القادمة رح نتحول لوهميين يعني غير حقيقيين يا المقاعد المسخمة .
فتتساءل معاً المقاعد : كيف ؟ مش فاهمين !
فيتطوع مقعد مادبا ويجيب : مقعد الطفيلة قصده أن قانون الانتخاب الجديد أبدع اختراع أردني جديد على مستوى العالم وهو الدوائر الفرعية التابعة للدوائر الانتخابية ، وهذه الدوائر لا حدود جغرافية لها داخل الدائرة الانتخابية الأكبر ، والناخب حر في الدائرة الانتخابية يختار أي دائرة فرعية يصوت فيها ، يعني الدوائر الفرعية دوائر وهمية ومُتخيلة فقط !
ويكمل مقعد الطفيلة : والدائرة الوهمية يفوز عنها نائب وهمي ، والنائب الوهمي أين سيجلس تحت قبة العبدلي ، قبتنا؟
فيكمل مقعد عجلون : آآآه .. النائب الوهمي ممثل الدائرة الوهمية يحتاج لمقعد وهمي يجلس عليه ، يعني سنصبح مقاعد وهمية بمجرد إعلان النتائج .
فيقاطعه مقعد مادبا : النتائج ؟ هل ستكون وهمية لأنها تمثل نتائج انتخابات دوائر وهمية ؟
فيقول مقعد الأغوار متحسراً : يا صديقي يا مقعد مادبا ومتى كانت النتائج مش وهمية ؟ خلينا ساكتين أحسن .
فيتساءل مقعد ناعور : مش الأفضل نظل هيك مرتاحين من جلوس هالنواب علينا ؟ وخصوصاً أغلبهم المناسف والعزايم وإكراميات الدولة خلتهم من أصحاب الكروش الكبيرة والأوزان الثقيلة وذبحونا بأوزانهم .
فيرد مقعد الكوتا الناعمة بخبث : لا يا صاحبي مش الكل ثقيل أنا مثلاً اشتقت للشعور بالوزن الناعم وكنت أتمنى الجلسات ما تنتهي .
وأضاف مقعد المفرق : وأنا كمان أدمنت رائحة السيجار ومستعد أتحمل وزنه مقابل أشم سيجاره الكوبي كل يوم .
وبدأ يتعالى ضجيج مقاعد الحكومة في المجلس : اسكتوا يا مقاعد النواب ، الأولوية للمقاعد الحكومية بالحديث ، أو تعرفوا لن نقرّ امتيازات من فوق الطاولة ومن تحت الطاولة لكم .
فيعم الصمت قليلاً ، ثم تحدث مقعد رئيس المجلس وقال : أقترح يعدلوا قانون الانتخابات ويصبح من حقنا نحن المقاعد تحت القبة أن نختار من يجلس علينا وليس الشعب ؛ فنحن المتحملون لصراخهم ولهمساتهم وخلافاتهم ومؤامراتهم ونومهم أحياناً طول الجلسات وأمورٍ أُخرى متحملينها نتيجة جلوسهم علينا نخجل من ذكرها وهم يعلمونها .
وأيده مقعد المساعد الأول لرئيس المجلس وقال : نعم نحن الأقدر على اختيار النائب المناسب، فلو أنهم أحضروا جميع المرشحين وأجلسوهم علينا بالدور سنستطيع أن نحدد من هو الأنسب من خلال ثقله علينا ، ومن خلال مدى تململه فوقنا ، ونستطيع أن نعرف نواياه من خلال تخاطر نبنيه معه لنعرف هل أتى ليخدم الوطن أم ليحلب الوطن ، وكذلك من خلال الأمور الأخرى التي خجل مقعد الرئيس من ذكرها !
وفجأة جاءت صرخة مدوية من أعلى المجلس : كفى ، اصمتي أيتها المقاعد التعيسة التي فرقتِ الشعب بتنازعه للجلوس عليك .
فقالت المقاعد : ولماذا أنتِ غاضبة هكذا يا قبة المجلس ؟!
فأجابت القبة بحزن : لقد أيقظتم جروحي وجعلتم النوم يهرب من عيوني ، فأنا بجانبي في العبدلي قبتان جارتان لي أحسدهما على ما حباهما الله من نِعَم ؛ أنظر إلى قبة مسجد الملك المؤسس فأحسدها لأنها تغطي تحتها المؤمنين المصلين القانتين ، ولا تسمع إلا الآيات القرآنية ، ولا يتخللها إلا دعاء الطيبين ليصعد من خلالها إلى السماء ، وأحسد قبة قصر العدل التي تغطي تحتها القضاة الذين يحقون الحق في الدنيا ، وتغطي المظلوم الذي نظر إليها شاكراً الله من فوقها على عدله أن يَسّر له تحت قبة قصر العدل من أعاد له حقه ورفع عنه الظلم ، أما أنا قبة مجلس الأمة ، قبة العبدلي ، فأنا مقهورة أيتها المقاعد الكئيبة ؛ لأني أغطي تحتي من يجلسون عليكم ممن نافقوا الناس وكذبوا عليهم بالوعود ، وعندما استظلوا بظلي نسوا الناس ونسوا الوعد والعهد ، ونسوا من لن يظلهم يوم لا ظل إلا ظله ، وأصبحوا يتحالفون ويختلفون ويتفقون بما يحقق مصالحهم ، وأداروا بينهم كأس الوطن نخباً شربوه في صحة تأمين مستقبل أبنائهم بأعلى المراتب التي لا يستحقونها ، فبعد هذا ألا تريدون مني أن أعيش القهر و أنا أرى أخواتي القباب الأخرى تخبئ تحتها مؤمنا في المسجد أو قاضٍ في قصر العدل ، وأنا أُخبئ تحتي من أغلبهم جعلوا من البسطاء مطية لهم لبناء أنفسهم بهدم أحلام المواطن وعشمه فيهم ، أرجوكِ أيتها المقاعد أن تصمتي وتنامي ، واتركيني أندب حظي فقد رأيت في العقود الماضية وسمعت الكثير تحتي مما جعلني أتمنى أن توافق إحدى القبب الأخرى أن تبادلني مكانها !
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
واكتبه بطريقتك المعهودة.
وشكراً
شلوى وو