ابو محمود مشتت الفكر هذه الايام. ويتسمر أمام التلفاز كالتمثال وهو يتابع المحطات الفضائية المزدحمة بقضايا الأمة العربية واذا ما هاتفته فانه يرد باقتضاب على غير عادته. فقررت أن لا أزعجه وانقطعت عن الاتصال به وعندما افتقدني وجدته يبادر بالاتصال وقبل ان يكمل تحيته أمطرته بالاسئلة عن تحرك الشارع ضد الحكومة والوضع في لبنان وفضائح السلطة الفلسطينية وثورة تونس المجيدة وعندما عيل صبره وهو يستمع رد علي قائلاً : يا صديقي اذا اردت اجابة جيدة فعليك ان تطرح سؤالاً جيداً فطلبت منه التعليق على مجمل الاحداث.
وبعد نوبة ضحك داهمته فجأة اعقبتها لحظات صمت قال : سأبدأ من هنا «من الأردن» حيث الطريقة الجديدة التي تتعامل بها الاجهزة الامنية مع المسيرات وهذا الكرم الذي ابدته حين وزعت المياه والعصائر علي المحتجين سوف يترك اثراً كبيراً على المواطنين ويشجعهم علي المشاركة في المسيرات القادمة علّ الحكومة تجود عليهم باطباق من الكنافة والمناسف في المرات القادمة حيث اظهرت كرماً اكثر من النواب الذين اكتفوا بتقديم «الساندويتشات» للمحتجين دون ان توضح تحت أي بند ضريبي سوف يدفع المواطن تكاليف رفاهيته اثناء المسيرات الاحتجاجية.
وعن لبنان هذا البلد الجميل الذي ذاق ويلات الحروب والمؤامرات والفتن علي مدى عقود وما زالت تنصب له الفخاخ فيما يراهن بعض أبنائه على القوى الدولية لتحلّ مشكلاتهم فعليهم ان يتعلموا من تجارب غيرهم ولا يراهنوا على دخول بيروت فوق ظهور الدبابات الامريكية ليعيدوا التجربة العراقية وان لا يغيب عن تفكيرهم ان الكيان الصهيوني حاضر في كل شرّ يتربص بهم.
اما مسلسل فضائح السلطة في فلسطين وعن التنازلات التي تقدم مجاناً للكيان الصهيوني من قبل عباس وزمرته قال ابو محمود هذا ليس بالامر الغريب على هؤلاء الذين يغتصبون حق تمثيل الشعب الفلسطيني كباقي الانظمة العربية التي تقف خلفهم حيث أكد رئيس السلطة المنتهية «صلاحيته» بأن كل تنازلات السلطة تعلم بها الانظمة العربية.
ابو محمود الذي عاد للتفاؤل بالشعوب العربية بعد ثورة الشعب التونسي المجيدة يرى ان إصرار الشعب التونسي على خلع النظام الدكتاتوري من جذوره والمتمثل بتواصل احتجاجاته ورفضه بقايا فلول النظام البائد انما يؤكد وعي هذا الشعب وصلابة ارادته.
ابو محمود اختتم حديثه متهكماً وقال : ان الانظمة العربية لا تميل الى حل المشكلات وانما تسعى لاعادة ترتيبها فقط.

 

esmel68@yahoo.com