التخصصات البيئية ووزارة البيئة


المستعرض لسياسات التوظيف العام والخاص في الاردن يجد انه وفي بعض الاحيان التخبط في اتخاذ القرارات وبُعد هذه السياسات في التوظيف عن المنهجية العلمية في تهيئتها على مستوى المسودات ومن ثم على مستوى الاستراتيجيات والتي تحتاج الى التنسيق الكامل مع الجامعات التي تقرر طرح برنامج اكاديمي ما او الغاء آخر والذي يترتب عليه انخراط عدد كبير من ابنائنا في هذه البرامج او التيه بعد الإلغاء.

اسوق على ذلك ما حصل بداية بما يتعلق بالتخصصات البيئية والتي انشئت بالتزامن مع تحويل المؤسسة العامة لحماية البيئة الى وزارة البيئة وبلوغ النشاط البيئي العالمي الى الجميع وانتشار الحاجة الى مختصين بالبيئة وآليات المحافظة عليها وحمايتها وتطبيق القوانين ذات العلاقة بالبيئة. كان في تلك الفترة جامعتان في الأردن تطرح برامج بيئية لم يتم الترويج لها جيدا ولم يتم استيعاب الخريجين بما هو مفترض ان ينخرط تحت مظلته وهو وزارة البيئة وضاعت التسميات والتصنيفات لدى ديوان الخدمة المدنية ولم يتم الطلب أيضا لتعيين مختصين بيئيين من قبل الدوائر والهيئات ذات العلاقة مما دعى ونتيجة لضغط الطلبة الخريجين ومن هم على مقاعد الدراسة بالمطالبة بعدم الانخراط بهذه التخصصات حتى تم إغلاق القسم من أحد الجامعات وبقي الثاني يدافع ويناضل وتم تغيير الخطط الدراسية للأفضل وبقيت المشكلة قائمة.

وهنا حتى لا يتم إلحاق الظلم بالجامعات الأردنية لا بد من الغشارة الى أن الجامعات الأردنية وفي كثير من الأحيان تتلمس التطور الأكاديمي على المستوى العالمي وتراقب التغيرات على مستوى الجامعات والتخصصات المطروحة وتحاول أن تستبق الأحداث من خلال طرح برامج جديدة لتزويد السوق المحلي والأقليمي باصحاب الكفاية العلمية والمختصين الذين يعول عليهم بحمل سلم التطور ومجارات الاحتياجات السوقية ومن خلال الطرق العلمية والادارية في الطرح للاقسام الجديدة ومروره لعدة لجان تبدأ من لجنة الكلية ذات الاختصاص الى لجان الخطط الدراسية الى مجالس العمداء وبتصور علمي عملي مع مبررات مرتبطة بالسوق المحلي والاقليمي والعالمي ومدى الحاجة المتوقعة وتبدأ الجامعات بالانفاق على البنى التحتية والتعيين والايفاد والبناء وغير ذلك من الاحتياجات اللازمة لهذا القسم الجديد. وتتراكم اعداد الخريجين دون فرص حقيقية إلا ما ندر. وهنا يبرز العجز المؤسسي والبيروقراطية القاتلة بفهم هذه التخصصات واستيعابها على الرغم من وجود الشواغر لها رغم الخطابات المهنية من الجامعة ذات العلاقة لتوضيح المسمى الوظيفي ونتيجة عدم مواكبة التطوير وضغط الطلبة والاهالي تغلق الاقسام وتبدأ  المعاناة للجامعة والخريجين مع تقبل اصحاب العلاقة المفترضين كوزارة البيئة ووزارة الزراعة والبلديات والمصانع وخصوصا مع وجود العديد من الانظمة والقوانين البيئية الواجب تطبيقها والزام الجميع للالتزام بها ولكن دون جدوى.

ما حصل يحصل الان هو تخبط بعينه فآلية التوظيف في المجال البيئي مغلوطة فلا يمكن لدارس البيولوجيا أو الكيمياء أو ادارة الأعمال (مع الاحترام والتقدير لهذه التخصصات واصحابها) أن يقدر الأتر البيئي لملوث ما دون معرفة آلية عمل هذا الملوث والمدى الذي يمكن أن ينتشر فيه ولا آلية الحد منه ومن تأثيره , وعلى العكس من طلبة التخصصات البيئية الذين تمت تهيأتهم بالمعرفة لدراسة ذلك وغيره من الأنشطة البيئية المختلفة ذات التكاملية الحيوية وغير الحيوية في المنظومة البيئية الأكبر  ولذا لا بد من العودة والتأكيد على التخصص فالتخصص فالتخصص بالتوظيف.

تتبادر الى ذهني الكثير من المواقف وحلقات النقاش التي تدور في الورش العلمية التي تعقد في الأردن فعلى سبيل المثال لا الحصر في أحد الورش التي عقدتها وزارة البيئة حول منح ترخيص لشركة ما لاقامة منتجع سياحي في احد الغابات الأردنية برز أحد الحاضرين ومن جملة قضايا كثيرة تم إثارتها حول الموضوع للقول أن البناء في هذا الموقع لا يؤثر على المنظومة البيئية في الغابة فكانت الغجابة العلمية والمستندة الى الأبحاث العلمية العالمية الى خطأ هذا الطرح وتم طرح العديد من المصطلحات البيئية العالمية والتي توضح الطرح المغاير والذي يبرهن خطأ السماح بالبناء وإنشاء المنشأة بالصورة المطروحة ولم يتفهم طبيعة النقاش ولا مضمون الطرح لغياب التخصصية في النقاش على الرغم من أنه احد أعضاء اللجنة التي قدمت تقرير الإجازة.

هنا ومن هذا المنطلق وتحقيقا لرؤى صاحب الجلالة الهاشمية الملك المعزز للتخصصية في العمل وتحقيق التناسب بين الموظف مع الوظيفة يبرز الفكر المبتكر والمبدع في إتخاذ القرار الجريء لتتماشى مؤسسته مع التطور العلمي والذي بدون شك كقيل بالحد من الهدر في الموارد الطبيعية والبشرية وتقليل حجم التأثير السلبي على البيئة بتقليل كلف إعادة تأهيل المتدهور منها بعيدا عن الإصرار على المسميات القديمة البالية وتحييد البيروقراطية القاتلة ودفن الرؤوس بالرمال ولسان حالهم يقول المركب ساير  والتغيير المطلوب متروك لمن يأتي بعدي وهكذا. الجرأة في إتخاذ القرار المناسب تواكب التقدم المهني لاحراز المنافع وفهم المداخيل العلمية للوظيفة أساس المواكبة والموازاة في التقدم فحركة التقدم لا تنتظر حتى يفهم طبيعة العمل المطلوب منه وتدريبه مع وجود المأهل وصاحب الدراية العلمية والفنية. إن إختيار الوزارات المعنية لتوظيف خريجي الأقسام البيئية من الجامعات الأردنية واجبار المصانع على توظيف المختصين بيئيا لتفعيل القوانين البيئية لهو ضمان للتقدم من خلال أولا إشراك هؤلاء الفئة المجتمعية بآليات حماية البيئة وبنفس الوقت توفير الخسائر في المصانع وضمان إستدامة الموارد الطبيعية وتعظيم الفائدة منها وتقليل ما يطرح من أذى على المنظومة البيئية حماية لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة.
والله من وراء القصد



تعليقات القراء

بكالوريوس علوم بيئية وصحة عامة
بالم اقول ان التخصصصات المنبثقة عن البيئة وتخصص البيئة بحد ذاته مظلوم جدا. ومن تجربتي الخاصة فانا اخترت تخصص البيئة والصحة العامة وحملت درجة البكالوريوس وكلي تفؤل وامل لارتباط وثيق بين الصحة والبيئة الا انني ومنذ تسعة اعوام احمل المؤهل كمثل الحمار حمل اسفارا فلا انا اجد وظيفة في مجال عملي ولا ما يحزنون . انا اقطن مدينة العقبة ولاذنا الوحيد في مفوضية البيئة الا ان ملء الشواغر ياتي لمهندسين كيمياء او انشاء او مدنيين اي ان البيئة مليئة بحملة درجات الهندسة والكيمياء وتستثني الشهادات الاخرى
18-05-2010 01:00 PM
محمد بطيحه
كلام كله صحيح د ابو عمر فا انت من اصحاب الخبره ولك مجموعه كبيره من البحاث في هذا المجال
18-05-2010 07:04 PM
صديق بطيحة
اللي بيشوف تعليق بطيحة بيفكره هسة استاذ مشارك او بروفسور 0000
لما تعرف تكتب منيح بدون اخطاء املائية بعدين علق يا محمد
19-05-2010 10:37 AM
صديق بطيحة
اللي بيشوف تعليق بطيحة بيفكره هسة استاذ مشارك او بروفسور 0000
لما تعرف تكتب منيح بدون اخطاء املائية بعدين علق يا محمد
19-05-2010 10:38 AM
صديق بطيحة
اللي بيشوف تعليق بطيحة بيفكره هسة استاذ مشارك او بروفسور 0000
لما تعرف تكتب منيح بدون اخطاء املائية بعدين علق يا محمد
19-05-2010 10:38 AM
صديق بطيحة
اللي بيشوف تعليق بطيحة بيفكره هسة استاذ مشارك او بروفسور 0000
لما تعرف تكتب منيح بدون اخطاء املائية بعدين علق يا محمد
19-05-2010 10:38 AM
إلى خبراء البيئة EPA في الأردن
لم ولن يكن الهدف من هذا التعليق لمصلحة شخصية والله من وراء القصد. معنا دكتوراه بالهندسة وهندسة البيئية والإدارة البيئية منذ 15 عاما بالإضافة إلى دراسة القانون البيئي Environmental Law من جامعة جنوب كاليفورنيا ونعمل في أرقى الجامعات الأردنية ونغطي جميع الملوثات المتعلقة بالهواء والماء والمواد الصلبة والمواد الخطرة وطرق المعالجة وتقييم الأثر البيئي. عملنا مشاريع مع مؤسسات أمريكية. التقييم البيئي لا يعمل كما هو في الأردن. فهنا إذا كان التقييم البيئي لمشروع في النفط أو المخلفات الطبية يعمله دكاترة من الزراعة والمدني من القائمة الموجودة عند.....؟ هم يعرفون من نحن وقدراتنا ولكن ............
تَحملوني يا جراسا لأضرب مثال على وزارة البيئة:
قبل ثلاثة سنوات وفي فصل الشتاء تسرب البنزين من خزان كامل من محطة وقود في طلوع صويلح باتجاه الجبيهة بجانب مول صويلح و بالقرب من حلويات عرفات. وأغلقت المحطة لأشهر للتصدع في التنكات الأرضية. هذا التسرب يعتبر حاله طوارئ في البيئة وهنالك ما يسمى بخطة طوارئ Emergency response. لقد ذهبت شخصيا إلى الموقع ولمدة ثلاثة أيام، الدفاع المدني ومصفاة البترول والأمن العام عملوا بكل طاقاتهم بالنهار والليل لحماية البشر والمنشئات. وعملوا على وضع الرمل وشفط ما استطاعوا من البنزين المتسرب. لكن كمية من البنزين تحركت تحت الأرض ووصلت إلى المناطق المحلات المجاورة. ماذا عملت وزارة البيئة بعد كل القوانين والدراسات والمؤتمرات واللجان والتنظير والمدراء ؟ ما اعلمه أن وزارة البيئة وصلت إلى الموقع وأخذوا صور ثم ماذا عملوا بعد ذلك؟ ماذا كانت توصياتهم بعد كل هذه المؤتمرات والسفرات؟ وهل لديهم وثائق بتلك الحالة؟. هل أخذوا عينات تربه من المنطقة المجاورة؟ هل أخذوا عينات من أعماق مختلفة من المناطق المجاورة أو المحطة؟. ما هو عددها ومواقعها وتركيز البنزين فيها؟. أي معلومة من الفحوصات العميقة للمناطق المجاورة تعني ضرورة عمل معالجة سريعة خلال ساعات أو أيام وأن لا تترك للزمن و للطبيعة لمعالجتها لأنها مواد سامة ومتسرطنة. دور المؤسسات البيئية هي في وضع القوانين والقياسات ومتابعة التنفيذ لحماية البيئة . أن لتر من البنزين يلوث مئات الآلاف أذا ما وصل إلى ألمياه الجوفية (مثل عين صافوط) ففي فصل الشتاء يتحرك البنزين مع المياه الجارية. هل لدى الوزارة وثائق وأرقام أم تركتها للرب الراعي واستمروا في المؤتمرات والمحاضرات والتنظير والأثر البيئي. هنالك أمثلة كثيرة ولا نريد فتحها ألان. شبعنا تنظير!. الجميع صار أخصائي في البيئة والكل أصبح يفهم بطبقة الأوزون والتغير المناخي. بالله عليكم عينوا ناس تفهم بالبيئة لأننا والله نخجل من التصريحات وطريقة وضع الاستراتيجيات والخبراء واللجان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لنرى من سيقوم بدراسة الأثر البيئي للطاقة النووية ؟
20-05-2010 11:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات