"الجريمة العائلية" مهمة خطيرة على طاولة دائرة "الافتاء" ..


جراسا -

خاص - رائده الشلالفه - في جملةٍ من الفتاوى الشرعية والتي تُعلنها دائرة الإفتاء العام بين الحين والآخر ، والتي تتعلق بالمنهي عنه والمكروه او الحرام شرعا، لم يرد في فتاوى دائرة الإفتاء العام المرجع الفقهي الأول ما من شأنه أن يُميط اللثام عن شرعية السياسات الحكومية التي أثقلت كاهل المديونية وخزينة الدولة عبر الحكومات المتعاقبة وحتى الان، والتي كان من إفرازاتها ما يعانيه المواطن الأردني من ضغوطات نفسية واجتماعية تبدت آثارها بأكثر من مكمن صب بالمحصلة في قناة ارتفاع منسوب الجريمة بالأردن وبالاتساق مع ارتفاع عد حالات الانتحار !

فقد انشغلت دائرة الإفتاء العام بإصدار فتاوى "بديهية" يعرفها الشارع ولا تحتاج إلى فتوى رسمية، فمن منا لا يعرف عن عدم شرعية إطلاق الشائعات وإلحاق الضرر بالأشخاص، لتخرج علينا "الإفتاء" بتحريم نشر الإشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما أعلنته مؤخرا، ومن منا قد يُجيز سرقة ممتلكات الغير ومن بينها خدمة "الانترنت" لتخرج علينا الدائرة بفتوى تحريم !

دائرة الافتاء العام والتي تأسست منذ نشأة الدولة الأردنية، وقادها ولا يزال علماء كبار هم شيوخ علم ودين اجلاء، ينظر اليهم الاردنيون بكثير من الهيبة والتبجيل وهم منارة الدولة للشؤون الفقهية، ومرجعهم الديني والاخلاقي، ويُعوّلون عليهم في وقوفهم عبر "دائرة الافتاء" الى جانب الشعب وتلمس احتياجاته كجسرٍ بين الدولة والمواطن ، لتكون بحق نبض المواطن وحلقة وصل لصوت الوطن والمواطن معا، كما يعولون عليها ممارسة دورها في تسليط الضوء على السياسات الحكومية الاقتصادية، لتدفع الحكومة في البحث عن بديل اخر لمعالجة مديونيتها وميزانيتها بعيدا عن جيب المواطن .

لكن المتتبع لفتاوى دائرة الإفتاء العام، يخرج بقناعة انها دائرة تقوم على نهج "انا أفتي انا موجود" ، والا لماذا غاب عنها معاناة المواطن الذي أرهقته سياسات حكومته وهي تفرض الضريبة تلو الأخرى، وترفع نسب الضرائب بازدواجية ، لماذا لم يستوقفها نظام "الجباية" الذي تعتمده الحكومة تحت ستار تنفيذ القوانين !

في الآونة الأخيرة لوحظ ارتفاع حجم الجريمة في الأردن، وبخاصة "الجريمة العائلية" والشواهد كثيرة، فمن جريمة اربد- الطيبة التي قام خلالها رب عائلة بقتل زوجته وابنه وبنته التي كانت تستعد لحفل زفافها، الى المواطن الذي قام بإشعال النيران بمركبته بمعية أسرته، الى الوالد الذي انتحر بعد ان قتل طفلته بمنطقة النزهة، الى الأخ الذي قتل شقيقه في مادبا بعد خلاف بينهما على عشرين دينار، الى تسجيل 3 حالات انتحار دفعة واحدة يوم أمس السبت ، وقد ثبت بالوجه الشرعي ان غالبية تلك الجرائم يقف العائق الاقتصادي من ورائها!

خبراء الاقتصاد يرون بظاهرة "الجرائم العائلية" بأنها حصيلة لعدم قدرة الفرد على تلبية حاجاته ورغباته، ما يخلق لديه اعلى درجات التوتر والقلق الذي يترجم إلى مشكلات وجرائم، وهو الامر الذي بدأنا نرصد آثاره على أرض الواقع من جرائم قام خلالها اباء بقتل فلذات قلوبهم، أو ابناء قتلوا ذويهم،، وأزواج قتلوا زوجاتهم ، وهذه الجرائم لا تقع إلا إذا وجد التوتر وعدم الاتزان الذي يعد من أسباب الحالة الاقتصادية".

الى ذلك اعتبر مختصو الطب النفسي بشأن ظاهرة الجريمة العائلية بأن ثمة "دخيل" على المجتمع الأردني ساهم ببروز هذه الظاهرة، فالى جانب الضغوطات النفسية والاجتماعية نتيجة الأوضاع المادية المتردية للمواطن، فقد أظهرت التحقيقات الأمنية والجنائية ان المخدرات وراء وقوع الكثير من الجرائم، وقد عزا المختصون توجه الفرد لتعاطي "المخدر" يجيء في سياق الضغوطات النفسية ذاتها التي أنتجتها الظروف المادية الصعبة خاصته، وليس أدق على ذلك من تورط بعض جناة "الجريمة العائلية" بتعاطيهم لمادة "الجوكر" والتي تتسبب بحسب خبراء الطب النفسي في عدم قدرة متعاطيها من الفصل بين الواقع والخيال، ولا يستطيع أن يميز بين إنسان وآخر، وبين سلوك وآخر، خاصة أن من أهم أعراض هذه المادة هو "الجنون المؤقت" فلا يستطيع أن يميز بين أخيه وأخته أو أبيه وأمه أو جاره !

وينصح مختصو الطب النفسي الجهات المعنية بدراسة الجريمة كحالة فردية، باعتبارها نتاج للضغوطات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وتلك العوامل بحسبهم تقود الأفراد إلى أمرين؛ الأول: الإدمان، والثاني: الإحباط الشديد" ليصل الأمر به الى المربع الخطر في إقدامه على العمل الجرمي.

دائرة الإفتاء العام التي نجّل ونحترم، ونقف معها في فتاويها المتعلقة بوحدة الأردنيين والعيش المشترك، ونقف معها وبشدة في فتاويها المنادية بتجريم التطرف ونبذ تداعياته، ومناداتها بتغذية الفكر المعتدل المستنير لم تلتفت الى حجم الجريمة وإقرانها بالواقع المادي المرير الذي يعيشه الأردنيون، ولم تلقِ بالا الى ان الضغوطات النفسية والاجتماعية جراء السياسات الحكومية في رفع الأسعار وزيادة الضرائب هي الأداة الحقيقية لمعول الجريمة الذي أصبح مؤشرا خطيرا غفلت عنه الحكومة ذاتها التي صنعت أدوات الظاهرة، وغفلت عنها كما يبدو دائرة الإفتاء العام التي يتوجب عليها فرد ملف السياسيات الحكومية الاقتصادية التي تغولت على المواطن وقوته اليومي ودفعت به الى اتون عالم الجريمة، فهل تضع "الافتاء" القرارات الحكومية على طاولة فتاويها لانقاذ ما يمكن انقاذه من تدهور الحالة الراهنة مما هي عليه، وليس الوقوف الى جانب نهج الجباية، حيث كانت دائرة الافتاء العام قد اصدرت فتوى بتحريم تقسيط مبلغ الضريبة على المكلفين في الوقت الذي اجازه قانون دائرة الضريبة !!



تعليقات القراء

حزين على وطني
الحكومة وسياسة صصندوق النقد لا يردها فتوى ولا ما يحزنون
06-02-2017 01:27 PM
ديما
وما نفع الفتاوي
لا يصلح العطار ما افسده الدهر
اين كان الافتاء عندما بيعت مقدرات الدوله بأبخس الاثمان
اين كان الافتاء عندما خصخصت مؤسساته الربحيه
اين كان الافتاء واين الافتاء وهو يرى ان الموظف المتقاعد منذ عقود لم تتم زيادته وتحسين معيشته
والحياه المعيشيه لم تعد تطاق والراتب لا يكفي قوت يوم عائله بابسط الطلبات
والشباب عاطل عن العمل طاقاته اهدرت وتحول اما الى عاله او مجرم او متعاطي

وحكومة تشليح المواطن باي ثمن لسداد العجز الفاحش بالميزانيه
بعد كل هذا الا تريدون ان يفقد الناس صوابهم ويصابوا بكل العلل العقليه والنفسيه

الجريمه نتاج عوامل كثيره اهمها الفقر والعامل الاقتصادي المتردي لتستطيع النمو والازدهار
وها نحن نرى تداعيات وضع اقتصادي مرتكب الجريمه نسي ربه ودينه وكل ما هو عظيم ومحرم ولم يعد يعنوا له شيئاوضرب به عرض الحائط وارتكب جريمته


حقيقة الافتاء لو جلس يفتي ليل نهار بتحريم القتل او اللصوصيه او سرقة المال العام وحرمتهم مرتكب الجريمه سيفعلها هيك طبع الانسان

الناس انجنت خلص واجرمت الله يسترنا
06-02-2017 02:31 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات