لا يختلف احد ان الاردن من طليعة الدول في المنطقة على صعيد الامن والامان.. ولا يمكن ان يشكك احد بقدرات رجل الامن العام وجاهزيته .. فالامن في الاردن تاج يزين الرؤوس .. لكن غريبة هذه المظاهر الامنية التي نراها في الشوارع .. غريب هذا الانتشار الامني الغير مبرر بشكل يومي .. غريب ما يقوم به رجال هذه الدوريات من تصرفات مع المواطنيين .

من يجول في شوارع عمان بعد الساعة العاشرة ليلا يعتقد ان الاردن في حالة طوارىء خطيرة فلا يخلو شارع من دوريات الامن العام اما شرطة او بحث جنائي او امن وقائي او دوريات سير لضبط السرعات .

وحتى لا افهم على غير ما اقصد فأن التواجد الامني لبث روح الطمأنينة في نفوس المواطنيين مسأله غاية في الاهمية ومطلب على الامن العام الالتزام به وتطبيقه لكن الغير مقبول اطلاقا ان تصور هذه الاجراءات الاردن على انه بلد مرعوب فالغاية مهمه لكن تصبح هذه الغاية مشكلة اذا اخطأنا الوسيلة .

قبل اشهر زارني صديقن من لبنان وطلبا مني ان اكون الدليل السياحي لهما فقررت ان اصطحبهما الى محمية ضانا وبعدها الى البتراء وفي الطريق اوقفتنا اول دورية بعد جسر المطار الرابط بين مادبا وعمان اخذو هويتي وجوازات السفر من الضيوف وبعد خمسة دقائق عادوا وارجعوا الوثائق وسألني مسؤول الدورية اين انتم ذاهبون فقلت له ان الى محمية ضانا فقال لي لماذا ..؟! قلت له ان هؤلاء ضيوف واريد ان اريهم بعض المناطق في الاردن فقال لهم أانتم من لبنان ؟ فقالوا له نعم وبعدها سمح لنا بالانطلاق .

وبعد اقل من عشرين كيلو متر اوقفتنا دورية اخرى في منطقة زيزيا فطلب مني الرخص وجوزات السفر ارجع لهم جوزات السفر وذهب الى الدورية دقق قيودي وبعد خمسة دقائق عاد واعطاني الهوية .. وسأل هل الاخوان من لبنان قلت له نعم فقال لي انا لم اوجه السؤال لك فعتذرت عن وقاحتي وجرأتي الغريبة في الرد وقلت لأحد الضيوف ان يرد فقال له الم تنظر الى جواز السفر فرد الشرطي بغضب شديد وقال له اجب على السؤال فقال له نعم نحن من لبنان وذاهبون الى محمية ضانا والى البتراء وسنعود بعد غدا الى عمان وسنرجع الى لبنان بعد ثلاثة ايام .. فقال لنا اذهبوا فانتم الطلاقاء.

في منطقة سواقة كان هناك دورية اخرى لكن لم توقفنا لان الدورية كانت مشغولة في ثلاثة سيارات غيرنا فحمدت الله ..اما في القطرانة فهناك دورية ثابته لابد من التوقف عندها لانها  بمثابة دورية اغلاق تام ... توقفنا واعطيتهم الوثائق بعد طلبها وغاب خمسة دقائق وعاد الينا ولم يسألنا عن شيء .. سألني اصدقائي اللبنانيين لماذا كل هذه الدوريات هل هناك مشكله الآن وتحاول الدوريات القبض على احد..!؟ لماذا يدقق الاسم عند كل دورية ..؟! لماذا رجال الشرطة غاضبون الى هذا الحد ..؟! .

بدأت اجيب على الأسئلة واشرح لهم كم نحن في الاردن فخورين بالأمن والأمان الذي نمتاز به وكم الاردنيين مقدس لديهم عمل الشرطة ولم ألبث ان اكمل كلامي الا ودورية رابعة توقفنا عند جسر الحسا ودورية خامسة وسادسة وهكذا....

بالأمس كنت انا واصدقائي في منطقة عمان الشرقية حوالي الساعة الحادية عشر ليلا فقررنا ان نقف عند احدى المقاهي التي تبيع القهوة السريعة وطلبنا دخان وفاين وقهوة وكانت هناك سيارة اخرى تريد نفس الخدمة وكان هناك ايضا شباب ينتظرون الباص العام ليذهبوا الى بيوتهم فتوقفت دورية ونزل منها احد الشرطة وطلب هويات كل الشباب الذين ينتظرون الباص وطلب رخص سيارتي وهويتي ومن معي ومن السيارة الاخرى كذلك وانتظرنا اكثر من نصف ساعة والشرطي يدقق قيود اكثر من خمسة عشر مواطن اردني وبعدها جاء الينا وقال لنا اريد ان افتشكم وافتش السيارة قلت له لماذا هل نحن مشبوهين بناءا على تدقيق الهويات فقال لي  انزل من السيارة ولا تكثر في الكلام .. وقام الشرطي بقلب السيارة بعد تفتيشنا ولم يجد اي شيء .. وفي الاثناء كانت دورية اخرى قد وصلت الى المكان وبدأت بتفتيش المواطنين الذين دققت قيودهم وكان منظر بمنتهى العجب وتخيلت نفسي على احدى المقصات اريد ان ادخل من مدينة فلسطينية الى اخرى .

بعد نصف ساعة انتهت مظاهر الرعب التي قامت بها دورية الأمن العام وسألت العمال في المقهى هل هذا يحصل يوميا ؟ قالوا نعم وليس فقط في الليل بل ان اي وقت من النهار يحصل ما حصل .

 اعتقد ان على  الشرطة التوقف عند كل بيت او عمارة سكنية و ان يطرقوا على الابواب ويأخذوا الهويات ليدققوا قيود المواطنيين خاصة في يوم عاصف ماطر فأن ذلك سيكون مغري وسيكون معظم الناس في بيوتهم ويمكن ان يسجلوا رقم قياسي جديد خاصة لادارة التنفيذ القضائي بعد ان سجلوا رقم قياسي السنة الماضية وهي جلب 200 الف مواطن مطلوبين للقضاء كما قال الناطق الرسمي بأسم الحكومة ويمكن ان يؤهلم هذا الرقم لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسة في عدد الطلبات القضائية المنفذه , فبدلا من ان  يخفي وزير الدولة لشؤن الاعلام هذا الرقم لانه يدل على وجود كارثة اجتماعية لمجتمع عدد سكانه لا يتجاوز ال 6 مليون مواطن .. التنفيذ القضائي نفذ على 200 الف مواطن منهم ,على العكس يفتخر وزير الاعلام بذلك .

ان تصرفات العديد من الدوريات اصبحت مرفوضة وفيها رعونة واستهانة بالمواطن الاردني .. هذا المواطن الذي يقدر كثيرا جهود رجال الامن العام.