غرايبة يكتب: 5 كفوف !


حينما يثور إعصار – لا عاصفة فحسب – من الإحتجاج الإلكتروني " طبعا " ! على قرار تشغيل كاميرات المراقبة المرورية التابعة لأمانة عمان التي تهدف لتوثيق المخالفات المتعلقة بالسير , و النظافة , فهذا يؤكد ان عامة الناس ادمنوا الفساد , و استعذبوه , و باتوا شركاء فيه, دون أن يستفيدوا منه حتما, فقد أصبحوا شركاء في المغارم لا المكارم . و باتوا بحاجة لزيارة اخصائي نفسي بحكم أنهم يعانون من حب تعذيب الذات المعروف ب " المازوشيه " !

ينحاز الناس , إذا , للفوضى , و لفكرة جوهرية رسختها الأثار الجانبية للفساد هي فكرة " الاولوية لي دائما " , فمن حقي أن أخذ المسرب في أي وقت أريد , و أن أعبر الشارع من حيثما أريد , و أن " أستمتع " بضجيج المركبة بغض النظر عن حاجة الناس للراحة, و ان أبقي سيارتي نظيفة على حساب الشارع الذي أسلكه انا نفسي يوميا و أتذمر من التقصير في تنظيفه ! .

لا نحتاج لكاميرات مراقبة في شوارعنا فحسب , نحتاجها في وزاراتنا و مؤسساتنا و مدارسنا و جامعاتنا و سفاراتنا و بيوتنا بعد أن انعدمت الرقابة الذاتية و أُبتلي الضمير بحالة من التشوش الدائم.

تهدف الكاميرات لردع قيادة السيارات بشكل جنوني, بعد أن أصبح الموت على شوارعنا حدثا " عاديا " .و بعد أن أصبحت ظاهرة إلقاء القمامة من السيارات بطولة يرفع فاعلها رأسه و لا يجد من يرطب له وجهه على هكذا عمل مشين , و بعد أن أصبحت " القيادة " متهورة جدا....أقصد قيادة المركبات طبعا !

العقوبات , عبر قوانين تطبق على الكل , تردع همجية الناس . فإذا كُنت تخشى من قطع يدك فلا تسرق ! لهذا تحديدا أستلزمت الحقبة الماضية من الجهات المتحكمة بالبلد أن تدفع الناس للسرقة لأنها لم تقطع يد سارق , السماح بتكرار الجرم دون عقوبة رادعة هو تشجيع علني له !

إعصار التذمر من تشغيل الكاميرات سيهدأ حتما بعد ايام, و سيعتاد الناس على الإنضباط . و إذا ما فعَلنا الرقابة على الحكومة قبل الشعب سنجني كل الخير بوقت سريع , و سنتحول من مواطنين الى بشر !

يحتج الناس بذريعة أن الغاية من تفعيل كاميرات المراقبة للجباية فقط , إذا كان ذلك صحيحا فهل يستطيع أيا كان صفته في الدولة أن يتجنى على السائق و يخالفه بحجة السرعة الزائده في حين أن الكاميرات توثق سرعة مركبته و هي تسير دون الحد الاقصى للسرعة ؟!

صحيح أن أهالي عمان , وغيرهم من مدن الأطراف المهمشة , ينتظرون إجراءات عاجلة فيما يخص نظافة و جمال مدينتهم التي أضحت بلا معالم و بلا بهجة و تغرق في الكآبه .و ينتظرون إجراءات في مجالات النقل و الخدمات العامة . لكن يبقى جوهر تفعيل كاميرات المراقبة يصب لاحقا في بحِر هذه المطالب و يردع الضوضاء و الفوضى التي اصبحت بحاجة لإجراء كهذا, كجزء من اجراءات اخرى.

هذه المره أصابت أمانة عمان . و من واجبي كمعارض في تيار وطني يدعي الموضوعية والحرص على بلده ان اُثني على قرارها بعكس ما فعلتُه بواقعت " التكريم " بمناسبة عيد الام !

أنا بلا هوادة مع فكرة مراقبة الناس على سلوكهم الإجتماعي العام, لا فيما يتعلق بقناعاتهم الفكرية و الدينية و الثقافية , و مع معاقبة أي سلوك همجي يمس كرامة الناس و حقهم في النظافة العامة و الراحة , و هذا يتطلب رجال دولة شرفاء يهتمون لأمر بلدهم و شعبهم و يكونون هم القدوة, و يخضعون انفسهم لكاميرات مراقبة, و يخافون من تقارير الملائكة التي تقف على أكتافهم !

عن نفسي , لو أن الامر بيدي لجعلت عقوبة " التفحيط " و القاء المهملات من زجاج السيارة 5 " كفوف " و 7 " بكوس " و 10 " شواليت " و مسح الارض بالسائق بما لا يقل عن مساحة 150 متر مربع - بشرط أن تكون خارج التنظيم ! - و تكسير سيارته حال ضبطه , هذا عدا عن المخالفة الماليه و السجن . و لنرى بعدها سائقا واحدا يعيد تلك " الجريمة " !
" بحكي " جد !



تعليقات القراء

عمر /مكة
مقال رائع و ممتاز و أنا أثني عليك بكل كلمة.وأود هنا أن أثبت أن القوانين الرادعة هي التي تنظم همجية الشعوب" النفس أمارة بالسوء". لديك خطأ لغوي فادح , "واقعة" التكريم وليس "واقعت "التكريم.
25-03-2015 11:07 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات