ورود وأشواك


أما وقد انقشع غبار المعركة الانتخابية والقت الحرب أوزارها فقد اصبح لزاما علينا ان نأخذ مجريات ما حدث ببعض من التأمل والتحليل بموضوعية وبعيدا عن التهويل والتهويش , لا بد من القاء الضوء على ما حدث كي نفهم نحن ويفهم الجميع ونتعلم ويتعلم الآخرون ونأخذ العبر من هذة التجربة التي جرى الاعداد لها على قدم وساق في السر والعلن ,هذه التجربة التي خاض مخاضها الشعب كله في مدنه وبلداته وأريافه ومخيماته وبواديه وخاض مخاضها النظام السياسي بكل أركانه ورموزه وادواته التنفيذية المدنية منها والامنية , هذة التجربة أسموها منذ البدء أساسا ديموقراطيا يمكن البناء عليه كي نتحول نحن المجتمع والشعب والدولة من البدائية الى الحداثة ومن الفردية في الحكم الى الجمعية التشاركية ,كي ننتقل من دولة الافراد الى دولة المؤسسات ,ومن دولة المزاجية الى دولة الانظمة والقوانين, هكذا قالوا عنها واستماتوا عبر كل الوسائل المتاحة في اقناعنا بها وبصدقيتها ونجاعتها وصحتها, فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة يا سادتي الكرام كانت محزنة وباهتة فبعد طول المعاناة التي عاشها الشعب على مدى العامين الماضيين على وقع الربيع العربي والآمال العراض التي حلم بتحقيق معظمها أوقل حتى بعضها استفاق هذا الشعب المأزوم أصلا على أزمة جديدة قديمة ,حمل الربيع العربي لشعبنا مجلس نواب أريد له أن يكون عديم الوزن ,منزوع القدرة على القيام بواجباته الدستورية ولو في حدودها الدنيا في ضبط ماكنة التشريع والقدرة على مراقبة أداء السلطة التنفيذية وكبح جماحها من التغول الموروث على السلطتين التشريعية والقضائية .
النتيجة يا سادتي الكرام مجلس نواب يخلو من الرؤى السياسية الجمعية ذات البرامج الممنهجة الواضحة ,مجلس غالبية العظمى نواب خدمات ,هكذا هم يسمون أنفسهم علانية وهكذا تسميهم رموز الدولة وشخوص النظام ,هكذا وبكل بساطة وعلنية رغم ان اطلاق مثل هذة التسمية يعد خرقا فاضحا لنصوص الدستور. مجلس غير مسيس لا تجلس على مقاعده أغلبية حزبية ولا حتى تحالف من أحزاب , أين هي اذن الحكومة البرلمانية التي قيل لنا عنها صبح مساء.
النتيجة يا سادتي الكرام ان ولادة مجلسنا الجديد رافقها المزيد من تأجيج نار العشائرية وانقسام العائلات والعشائر على نفسها وأضاف موجة جديدة من العنف المجتمعي الذي نخر عظام الناس وافقدهم القدرة على التمييز بين الوطن والعشيرة من حيث الولاء والانتماء كل ذلك كان من بركات الدوائر المحلية التي أريدلها ان تكون كذلك وكأن مثل هذا كان مبرمج له ان يكون فبدلا من ان "يبلش" الشعب بقضايا الفساد ومحاربة الفاسدين أريد له ان "يبلش بنفسه" وينسى الهم العام وقضايا الكفاية في العيش ومشاكل البطالة والفقروالتعليم والدفع نحو الاصلاح المنشود.
النتيجة يا سادتي الكرام ان المال السياسي اصبح لاعب معترف به على ساحاتنا السياسية والنفسية وقد تبدى ذلك بصورته البشعة في آليات انشاء ما سمي بالقوائم الوطنية ( لا أدري لم سميت هكذا وهل هذا يعني ان هناك قوائم أخرى غير وطنية) ,قوائم البزنس وأحزاب البزنس كان لها الوجود المميز وسواء حصلت أو لم تحصل على عدد مقبول من المقاعد النيابة فهذا ليس مهم لأن الكسب والخسارة هي من صلب عملية البزنس وأما قوائم الاحزاب ذات الرؤى والمناهج والبرامج فقد وقعت في المصيدة, مصيدة العدد المتواضع الهزيل المخصص للقوائم ومصيدة العزوف عن الحزبية والتحزب في ظلال الواقع العرفي الذي عاشتة البلاد طوال العقود الماضية ومصيدة افهامها انها لا شيء من حيث الحجم والتأثير.
هذه هي نتائج الحملة الانتخابية التي عاشها البلد وعاشها الشعب. منذ البدء قلنا ولا زلنا نقول أنك ان شئت ان تقطف الورد فلا بد لك من زراعة بذور الورد, وأن من يزرع الشوك لن يقطف الا الشوك, وقانون الانتخاب الذي فرض علينا شوكا ما كان له ان ينبت وردا بأي حال من الاحوال.
د. رضا مومني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات