أراجوزات في زمن تلفزيون الواقع .


بدء ما يسمى بتلفزيون الواقع في تسعينيات اقلرن الماضي كنتيجة حتمية لتطور وسائل الاتصال في جانب توفر التنقيات الازمة للبث المباشرة ، ومع إنخفاض تكلفة هذا البث وسهولة نقله عبر كاميرات عالية الجودة وصغيرة الحجم واستخدام اماكن التصوير الطبيعية والابتعاد عن مفهوم الديكور التلفزيوني بعد أن أصبح الشماهد يمتلك قدرات عالية في التمييز ما بين الواقعي والغير واقعى .
وإزدات الرغبة بمشاهدة هذا النوع من الانتاج التلفزيوني ( تلفزيون الواقع ) بعد توفر زغم كبير للإنتاج السنمائي القائم على المؤثرات عالية التقنية والمرتفعة التكلفة في الانتاج ، وظهور التقنية الثلاثية الابعاد في نظام العرض السينمائي وتلاه في الانتاج التلفزيوني مع وجود الشاشات المنزلية التي تستخدم هذه التقنية من الابعاد الثلاثية ، وهي محاولة جاءت لتقريب الواقع أكثر لدى المشاهد ولكن ترسخ مفهوم المؤثرات ظل باقيا في ذهن المشاهد مما حده به للتعامل مع هذه التقنيات من باب الاستعراض بإمتلاكه لذه الوسيلة ومن باب الهروب من الواقع الحاد الذي يعيش به في زمن الحروب المناطقية والضيقة ، وزخم الصور الناقلة للقتل والدماء ودمار المدن وعدم قدرته في نفس الوقت على رؤية الحدود الفاصلة ما بين الصورة الواقعية والصورة المتلاعب بها بتقنيات الفوتو شوب الفردية التي يرسلها ما أطلق عليه مفهوم المواطن الصحفي والذي أصبح خلال فترة قصيرة مصدرا للخبر لأكبر محطات البث التلفزيوني المحلية والاقليمية والعالمية .
ومن بين هذا الزخم في بث تلفزيون الواقع وتلفزيون المؤثرات وتلفزيون ثلاثي الأبعاد يخرج علينا الاعلام التلفزيون الأردني بحالة يرثى لها من حيث توفر التقنيات القادرة على جعل المشاهد المحلي يحقق مجموعة من الاهداف من وراء هذه المتابعة للتلفزيونات الخاصة والحكومية في الأردن ، وأول هذه الاهداف الحصول على المعلومة الصحيحة لما يجري في البلد ، وبالتالي أن يمتلك القدرة على تقييم الامور والتوقع بما يحمله المستقبل له مع كل هذه الاحداث ( حراك الشارع ، الانتخابات ) ، أو توفير له مصدر للمعلومات يساعده على التفاعل مع هذه الامور مجتمعة أو منفردة .
تشاهد إحدى محطات التلفزيون تقدم برنامج حواري بين أكثر من خصين ومع ذلك تجدهم جميعا محشورين داخل الكادر التلفزيوني حشرا ، وتشاهد الكادر التلفزيوني يعلوا قمة رؤوسهم مما يجعلهم واقيعن في قاع الكادر والمشاهد يحاول أن يبحث عنهم أو أن يحقق نوع من الراحة لبصره أثناء المشاهد ، وفي الجانب الصوت تجد محطات تلفزيون الى الان تستخدم نظام المايكرفون ابو الكيبل ، وتشاهد الكيبل يسير كالحية من تحت السجادة ليخرج من طرفها الأخر رغم محاولات الفنيني إخفاءه ، ويأتيك الصوت متقطع ومشوش واحيانا مبتور ويبذل الشملهد جهدا كبيرا للإستماع .
وتأتيك الخلفيات الخاصة بالشاشة إما على نظام الكروما الغير حرفي وتشاهد أثناء ذلك الظلال والانعاكسات للألوان في الشاشة ، وإختلاف الزمن ما بين الصورة الخلفية ( ليل ) وزمن التصوير ( نهار ) أو عدم وجود صلة ما بين تلك الصورة وبلد الخبر أو احداثه ، ويضاف لذلك الاختلاف البين ما بين زاوية إلتقاط صورة الخلفية مع الخط الأفقي للكادر التلفزيوني مما يحلف الشاشة واقعة في حالة من الفوضى البصرية .
ومن خلال كل هذه الفوضى يخرج علينا مرشحين تخرجهم الشاشة السابقة الذكر كالأراجوزات في زمن تلفزيون الواقع هل هم كذلك ؟ أم تلفزيوناتنا المحلية الخاصة هي الأراجوز نفسه .. طبعا إلا من رحم ربي ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات