وقفةٌ أمام انتخابات المجلس النيابي السابع عشر


وقفةٌ أمام انتخابات المجلس النيابي السابع عشر.......ودعوة لتحكيم الضمير قبل التصويت!
لقد اقتربت المدة الزمنية المحددة لانتخابات المجلس النيابي السابع عشر، وآذنت الخُطى أن تتوجه من صناديق الاقتراع لتلبية نداء الوطن وتحكيم الضمير لاختيار المرشح القادر على حمل المسؤولية بجدٍ وأمانة لسنوات أربع قادمة، وعليه فإن المواطن يتطلع إلى أن تتـفـق الحملة الانتخابية وروح العصـر ليؤدي ذلك إلى إفراز برلمان واعٍ قويٍ يتمكن من مجابهة التحديات وينتصر للأردن ويقف مع مصالح الناس وتطلعاتهم.
لقد كنا نُمني النفس أن تكون الجهات الرسمية قد أخذت الدروس والعبر من التجاوزات الكثيرة التي وقعت إبان الحملة الدعائية للمجلس المنصرم - وقد كنت شخصياً كتبت عنها ثلاثة مقالات متتالية نشرت في صحفنا اليومية - وها نحن نرى تلك التجاوزات وقد تجددت هذه الفترة بشكل أكثر قسوةً وتمادياً! حيث ضاقت الشوارع باليافطات، وغصّت الأحياء باللافتات وصور المرشحين بأحجامها الترويجية الضخمة، التي عُلِّقت وثُبِّتت فاحتلت واكتسحت كلّ ركن وزاوية وفي أماكن خطِيرة بحيث أثــَّرت على السلامة المرورية والعبور الآمن للناس. وتمادى الأمر فإذا بعضهم يحجب الإشارات المرورية في مواقعَ والإشارات الضَوئية في مواقعَ أخرى، ولم تـَسْلم من الأيدي أعمدة الكهرباء التي تسلَّقها بعض مفتولي العضلات لربط وشبك أسلاك اليافطات على خطورة هذه الممارسة! أما الجزر الوسطية، والدوّارات، ومواقع انعطاف المركبات، ومداخل الأنفاق وجوانب الجسور فقد حجبتها يافطات دعائية بأحجام وقياسات كبيرة، حتى إذا أراد السائق الالتفاف أو الدوران من أحد الدوّارات لم يبصر القادم باتجاهه من المسارب الأخرى، ما أدى إلى وقوع حوادث وربما يؤدي إلى ضعفها في قادم الأيام.. ولا يغيب عن الذهن سقوط قارمات ويافطات بإطاراتها الخشبية الثقيلة في مواقع كثيرة لعم تثبيتها بشكل صحيح! وقد تبدّى تمادي بعض المرشحين بقيامهم بحجز الشوارع والطرق جوار المقرَّات والصواوين الانتخابية دون تقدير لحقّ بقية المواطنين.
وكنا نُمني النفس أن تُمنح فرصاً متكافئة متساوية للمرشحين بوضع لوحات ويافطات ومواد دعائية تروِّج لحملتهمِ بقياسات محدَّدة منضبطة، وتحديد مواقع آمنة لتثبيت اليافطات والصور الدعائية وأن تكون موضع اهتمام ومتابعة الجهات الرسمية. ومع تفهُّمِنا أن الدعاية الانتخابية لها قوانين وأنظمة، وأن هناك التزامات وتعهدات يُلزم المرشحون بالتوقيع عليها، فمن المستغرب تجاهل هذه المسألة وفي سائر المناطق!
أمَّا الضخ المالي الكبير الذي ينفقه كثرة من المرشحين ومؤازريهم ومن خلال قنوات تعمل سراً لصالحهم فكان من الأوْلَى التحقق من مصادره. فمن القاعات الفاخرة المُكلفة إلى الخيام التي تستقطب المارّة بأبَّهَتِها وكرّم مُضيفيها. يواكب هذا ما يتردد على ألسِنة مطـَّلعين عن دفعات مُجزية قُدِّمَت وتقدَّم من مرشحين أو من خلال قنواتهم للقائمين على بعض الجمعيات والنوادي والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والخيرية وروابط المدن والقرى بغرض استقطاب مَن يَسْهل تحريكهم أو مِمَن هم في عَوَزٍ، وليقود هؤلاء بالتالي أفراد أسَرهِم ومعارفِهم - دون خِيارٍ لهم - إلى صناديق الاقتراع. يضاف إلى ما سبق ما يتمُّ إنفاقه لأثمان المواد الدعائية وأضعاف ذلك للإعلانات الضخمة في الصحف اليومية. يرافق هذا النشرات والصور والمنشورات على اختلاف أنواعها وألوانها. ولا يغيب عن الذهن سيل المصروفات الأخرى.. والدفع المستمر خلال أيام الحملة للمؤازرين والمتعاونين الذين ينعمون هذه الفترة بجيوب عامرة ويبتهلون أن تدوم عليهم هذه النعمة!
ومع ما يجري تداوله أن المال السياسي يلعب دوراً في الحملة الجارية حالياً، فإن من الحق كشف أسماء المرشحين المنتفعين وفضح مَن يموِّلهم – بصرف النظر عن مكانتهم في الخارج - كي لا يستحوذوا على مقاعد في برلماننا القادم يجيرونها لرغباتهم ومؤامراتهم المشبوهة. وكم كنا نتمنى وضع سقف أعلى يتمُ ضْبطُهُ ومراقبتُهُ بحزم، لنفقات المرشحين أو لكل دائرة انتخابية. إن إجراءً مثل هذا كان سيُمكن أصحاب الفكر والعلم والكفاءة من المنافسة بميزانياتهم المتواضعة لخدمة بلدهم من تحت القبة وبالشكل الذي يرضي ضمائرهم، ويرتقي بشأن الوطن على الوجه الأمثل، وكي لا تبقى الانتخابات وقفاً على أصحاب الجيوب العامرة أو المموَّلين من الخارج، ليصلوا بالرغم من ضآلة مخزون بعضهم المَعْرفي وعدم إلمام بعضهم الآخر بخارطة وجغرافية بلدهم وتاريخه ومنجزات رجاله؟
إنّ إعطاء الناخبين أصواتهم لمرشحين محدَّدين لأواصر القرابة أو الصداقة أو لمكسب مالي فوري أو لوعود مؤجَّلة، هو خداع للنفس وتخدير للضمير.. فجدير بالناخب أن لا يُصوِّت لأي مرشح تحت أي ضغط ٍ أو إغراءٍ كان، بل إذا تفهمه جيداً واقتنع بنظافة يده ولسانه وبصدق ما جاء في برنامجه الانتخابي، الذي يفترض أن يُحاسب عليه إن حاد عن مضامينه أو رمى به عرض الحائط بعد فوزه.
إن الانتخابات النيابية جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطي، ولكن لوحِظ في دول عديدة أن الانتخابات كثيراً ما كانت تـُظْهـِر الجانب السلبي من الإنسان، وما كانت دائماً تؤدي إلى نجاح الرجل الأفضل. والبرهان على هذا أن أشخاصاً من ذوي الكفاءات العالية غير مستعدِّين لاصطناع الأساليب الخَشِنة لشقِّ طريقهم إلى قبة البرلمان، إذ يستشعرون أن الميدان ليس ميدانهم للمقارعة.. فيفضلون اجتـناب الخوض في هذه التجربة!
على أيّ حالٍ، إن موعد الانتخابات قد اقترب، والتوجه لصناديق الاقتراع هو أقلّ ما يمكن أن نؤديه من واجب لأردننا في مرحلة مهمة تمرُّ بها المنطقة، وذلك لاختيار المرشّح الذي قلبه وهواه مع الأردن.. المرشح الملتزم المتزن المدرك، ومَن ليس غرضه الجاه والوجاهة والاستحواذ على منافع ومكاسب، أو حتى الاختباء بطريقة أو أخرى لسنوات أربع تحت مظلة الحصانة!
حنا ميخائيل سلامة
hanna_salameh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات