القرار .. من يصنع القرار ؟


بقولك فلان صاحب تجربه .. واسأل مجرب ولا تسأل طبيب .. وهناك من يبني او يتخذ قرار بناءا على تجاربه بالحياه او بناءا على علومه .. انا شخصيا ضد هذا المفهوم .. ما يصلح لزمانك ليس شرطا ان يصلح لزمان غيرك .. وما أتخذ من قرار بفتره معينه وظروف معينه قد لا يتناسب مع واقعه اخرى تختلف فيها الظروف والعوامل والبيئه وحتى نفسيات الاشخاص .
مثلا .. اذا اختار احد الاشخاص دراسه تخصص معين واكتشف فيما بعد ان هذا التخصص ممل وعديم الفائده والقيمه ولا يحقق له طموحاته وندم وتمنى لو انه درس تخصص اخر.. تجربته بسوء الاختيار تختزن لديه معرفه ..
هذه المعرفه ليس شرطا ان تورث .. اذا جاء يوم من الايام واراد الأبن مثلا ان يدرس نفس تخصص والده .. وقام والده بمنعه بناءا على تجربته السابقه هذا خطأ .. لا يمكن ولا بأي شكل من الاشكال ان يكون الاب على حق وانه صاحب قرار بهذه الحاله .. على اي اساس اتخذ الاب قرارا فرديا بمنع ابنه من دراسه تخصصه بفتره من الزمن .. لا يمكن التعميم .. والزمن والمكان والظروف اختلفت .
المقصود بالكلام .. مهما بلغ الانسان من درجه التجربه والعلم لا يمكن ان يتخذ قرارا فرديا وينفذ .. حتى تكتمل عمليه ( القرار ) يجب من يتخذ قرار ان يحصل على موافقه الطرف الاخر الذي سيقع عليه تنفيذ هذا القرار .. اذا حصل الرفض من الطرف المنفذ . فالقرار يصبح عديم القيمه ويصبح بحكم الملغي لان عمليه ( القرار ) كدائره وكحلقه لم تكتمل .. واذا حصل تجاوب وقبول بين المتخذ القرار والمنفذ يكتمل القرار وبهذه الحاله كتصنيف فلسفي يكون القرار جماعيا وليس فرديا لان هناك اكثر من طرف شاركت بالقرار .
لا يوجد بالكون قرار فردي .. ومن يدعي ذلك فهو حسب اعتقادي اخطأ التقدير نوعا ما .. نلاحظ مثلا بأن فرضا رئيس الولايات المتحده الامريكيه ( اوباما ) نسمع بأنه اتخذ قرار يتعلق بانسحاب الجنود الامريكيين من العراق على سبيل المثال .. قد يتخيل للبعض بأن هذا القرار اتخذ فرديا من قبل اوباما كونه رئيس اميركا وله الصلاحيات المطلقه بأن يفعل ما يشاء ويتخذ قرارات كيفما شاء .. لا .. هو اجمالا يناقش ويستشير ومن ثم يتم التوافق بناءا على المشوره ويخرج القرار بعدها بالاجماع ومن ثم شكليا يحصل على موافقه الرئيس ويعلنه بأسمه كرئيس ...
اذا وعلى ارض الواقع لا يوجد انسان يملك القرار .. هو يساهم بصناعة القرار وان بدا ظاهريا وشكليا انه هو صاحب القرار .
الانسان بحكم موقعه يخيل اليه انه هو من يتحكم بالامور وصاحب قرار .. مثلا ( الاب .. المعلم .. المسؤول .. رئيس قسم .. شوفير الباص .. اي موقع تطغي عليه صفه القياديه او المسؤوليه ) .. هذه الامور والمناصب على مختلف مستوياتها تؤهلك بأن تكون مرجعيه عليا ضمن منظومة صناعة القرار وليس صاحب القرار المطلق ..
انا اقيس على نفسي مثلا .. انا سأتكلم عن دوري ك (أب ) .. لدي اطفال وزوجه وبيت مسؤول عنهم .. هذا المنصب لا يخولني بأن اكون صاحب قرار .. ولا استطيع ان افرض على ابني امرا مبنيا على تجاربي السابقه ..او لكونني اكبر منه سنا واوعى منه ولدي رؤيه .. انا حقيقة افتقد للرؤيه وعلم الغيب ولا استطيع ان اتخذ قرار بناءا على تكهنات او تنبؤات او توقعات او رؤيا ضيقه او تجارب باليه .. قد ادمر انسانا واعقده من الحياه نتيجة قرار اتخذته بحق ابني او زوجتي او بيتي مثلا مبني على اسس مغلوطه وتوقعات .. الانسان بطبيعته معرض ان يتخذ قرار صائبا احيانا واحيانا اخرى خاطئه . الانسان بطبيعته ضعيف ومداركه محدوده .. ولا يستطيع احد ان يستمد قراره من تجاربه الغير مستنده الى اسس وقواعد وشريعه علميه وانما هي بالاساس ظروف طارئه وارتجاليه وقابله للتغيير .. انا باختصار اعترف بأنني بهذه الحياه لست وصيا على احد او اني افرض نفسي على احد لا لشيء ولكن لايماني المطلق بأن قدراتي محدوده وانا جزء من كل ولا شيء بهذه الدنيا يخولني او يعطيني امتيازات شكليه تتناقض مع غرائزي الفطريه التي اساسها واحد مكوناتها هو ( العجز الفطري ) .. انا خلقني الله ولم اصنع نفسي ..وهذا اكبر دليل على عجزي.
أي قرار يجب ان يتخذ بناءا على اسس مدروسه ومحسوبه وضمن خطه وذات مرجعيه مخطوطه ومكتوبه ويجب الاطلاع على من مارس هذا الامر سابقا وفعليا وما هي الاخطاء التي وقع فيها لكي اتعلم من شيء حقيقي واقعي ومجرب لكي اتجنب الاخطاء .. وهنا اقصد بالدرجة الاولى القرارات ذات الصبغه العلميه ( القوانيين والتشريعات )التي تتعلق بالنواحي السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه التي تتحدث على مستوى دوله .. اما القرارات الارتجاليه المحصوره ضمن اسره او مجتمع محلي بسيط يجب الرجوع الى اسس ثابته نابعه من العقيده والدين والشرائع والعادات والتقاليد واهمها بما يتعلق بالاخلاق والتربيه والتكافل وغيره , وهذا لا يعفي قرارات الدوله ان تستفيد من هذه الخاصيه ايضا ولو بشكل جزئي بما يتعلق بالقوانيين والتشريعات حتى تجد لها ارضيه قبول ممتازه من قبل المجتمع .
القرارات التي تتخذ على مستوى دوله هي تخضع لكل المعايير الدينيه والاخلاقيه والعلميه والمعرفيه والمجربه والى الاستشاره لكي يخرج القرار بشكل متكامل متماسك محسوب المخاطر والفوائد وينفذ خطوه خطوه وضمن سلسله زمنيه ومكانيه مراقبه ولها قابليه للتوقف والرجوع وتغيير المسار والمرونه الفائقه حتى بالغائه وقابل للتعديل والتغير والتمحيص والتقليص والتمدد هذه من صفات القرار الممتاز عكس القرار الجامد القابل للكسر لأي ظرف غير محسوب والتي ينتج عنه كوارث ومضيعه الوقت والفشل الذريع .
القرار الفردي ( المحدود ) هو القرار الذي يتخذه شخص وينفذه ذات الشخص هنا يكتمل القرار بلا شك .. ولكن هناك شركاء حتى بهذا القرار الفردي المنعزل ويتأئرون به بطريقه او بأخرى .. مثلا شخص اتخذ قرار بشراء سياره من ماله الحر .. هو فعليا اتخذ قرار الشراء ونفذه .. وهذا القرار الفردي المنعزل قد يؤثر على الاخرين مثلا على اسرته من تتضيق عليهم من ناحيه المعيشه وميزانية البيت لما تتطلبه السياره من مصروف مثلا .. حتى على مستوى اذا اراد شخص ان ( يحلق او يقص شعره ) مثلا على ( الصفر ) هو فعليا قد يكون أثر على من حوله من ناحيه تشكيل جزئيه معينه بتشويه المظهر العام امام زوجته واطفاله وسبب لهم ازعاج بطريقه او بأخرى من مظهره الجديد .. اي قرار فردي هو فعليا يؤثر بطريقه او بأخرى وبطريقه مباشره وبغير مباشره بالاخرين دون ان نعلم .. ( اكزوزت السياره ) عندما يخرج ( دخنه سوداء ) بسبب اهمالك بصيانه سيارتك انت لم تضر البشر فقط فأنت ساهمت بضرر الاشجار والبيئه .. الخ . ايضا . وهكذا .
من يريد ان يتخذ قرار يجب الهدوء والتروي قبل اتخاذه مهما كان صغيرا او كبيرا .. وينظر للامر من كل الجوانب وابعاده ... وان يخضع للمشوره والسؤال والتشاركيه ولا يؤخذ بعين الاعتبار صغر السن هو ليس شرطا باتخاذ القرار هناك من هم حديثي السن حتى ولو كان طفلا يجب سماع رأيه ورؤيته ويجب مراعاة على من سيقع القرار على كبير ام صغير ام على اسره او مجتمع او على مستوى دوله او على مستوى عالم ومراعاة الزمان والمكان والامكانيات والظروف والمخاطر والحسنات والتغيرات ( والنفسيات ) هذا امر ضروري جدا ويجب على القرار حين يكتمل ان تكتمل دائرته ويحصل قبول وتفاهم وموافقه بين من اتخذ القرار والجهه المنفذه له .
انا ابحث الامر من الناحيه الفلسفيه في صناعة القرار .. لا احد يستطيع ان يتخذ قرارا فرديا في أي زمان او مكان بدون مرجعيه سوى ( الله سبحانه وتعالى ) ما يقل لشيء كن الا فيكون قبل ان تنطبق الكاف على النون .
ملاحظه : حتى الاشياء من مكونات الكون لا تستطيع ان تأخذ قرار وتحفيزها بتنفيذه الا اذا توفرت عوامل اخرى تعمل على تحفيز هذا القرار لتنفيذه ووقوعه .. مثلا الشجر لا تتم عملية الكلورفيل الا بوجود الشمس او ضوء اذا تحقق هذا الشرط يكتمل القرار فتتم عمليه النمو للاشجار وهكذا .... اي شيء يخرج عن المألوف والتنسيق في صناعة القرار وتنفيذه قد يؤدي الى كارثه .. مثلا الذره اذا تم فصل البرتون عن الالكترون عن النيترون قد يحدث انفجار وانشطار وارباك بعمليه التكوين .. يجب ان يكون هناك تناسق وترتيب وتوافق وخطط محسوبه ودقيقه في عمليه الفصل حتى بين الجزيئات حتى تبقى الامور تحت السيطره للاستفاده من هذا الامر وليس لتحقيق الضرر ... هكذا ..قيس.
ملاحظه : لا ادري كيف اصنف هذا المقال .. علمي او فلسفي او تخبيص او رؤيه او نظريه او جق حكي او وجهة نظر او هبل .. صنفوا بمعرفتك .. بدي اصير عالم مش عارف.. هيني بلاخم . لعل وعسى.
إي .. هي عطيه أجا .. عطيه .. عطيه .. وينك يا زلمه . لحظه .. كيف حالك ....
برجعلكم بعدين .
والسلام عليكم
Burhan_jazi@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات