فساد اللغة


منذ أكثر من سنتين ونحن نكتب عن الفساد والفاسدين ، والظاهر أننا استعملنا كل فنون الكتابة وأساليبها ، مرة كتبنا مقالة وأخرى كتبنا قصيدة ، وذات مرة وفي ليلة ظلماء كتبنا معلقة وعلقنا عليها كل الفاسدين والمفسدين ، مرة كتبنا بأسلوب ساخر ، ومرة أخرى كتبنا بأسلوب مجازي ، وفي مرة ثالثة وكون الحمية "دبت فينا " كتبنا بأسلوب صريح ثم مزقنا الأوراق .

المشكلة ليست في كتاباتنا ، ولا في أسلوب الكتابة وعباراتها وفنونها ولا في الجرأة أو التلميح ....ألخ ... المشكلة كانت وما تزال فيمن يقرأ أو يسمع .

بصراحة ... في لحظة ما كنت معجبا كثيرا في الفساد المتفشي حتى في مسامات الجسد ، والممتد حتى بين خطوط راحة الأيادي ، معجب أكثر في الفاسدين انفسهم ، وفي "كشخاتهم" ومعالم الوقار البادية على وجوههم ، معجب أكثر في نبرات أصواتهم عندما يتحدثون عن خوفهم على البلد ، وحرصهم على المال العام ومقدرات الامة.

فقد علمنا الفساد ودربنا الفاسدون ، على اللغة والكتابة والتعبير ، ومكننا من استعمال أساليب اللغة وفنونها بحكم تكرار الكتابة .

ولكني وفي لحظة صمت مماثلة لكل لحظات الصمت السابقة ، أيقنت أن الفساد وصل الينا حتى إلى اللغة نفسها وتغلغل في أساليبها.

فكل لغاتنا وأحرفنا العاجزة وتعبيراتنا الكسيرة ، ومقدماتنا الهزيلة

لم تستطيع أن تقول على العلن وفي وجه الفاسد أنت فاسد ... فلا التوكيد ممكن ولا الجزم مقدور عليه ، ولا المذكر سالم ، في ظل شخوص العلة وأهل الجناس والطباق.

وجعلوا حياتنا ليست إلا ... سهل ممتنع .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات