الفزعة العراقية للاردن


 لانهما كانا عمقان لبعضهما ولا يزالا ،ولانه الاردن الذي احتضن اكثر من مليون عراقي ولم يشكو همه لاحد ،وكانت ارضه على امتدادها خيمة هاشمية وارفة الظلال احتموا بها وتفيئوا ظلها على مدى اجيال ..

رد العراق على ما عرف منه من خصال وشيم عربية ، ناصرا ومناصرا شقيقه الاردن في ضائقته الاقتصادية ..بعدما انتظر على مدى اسابيع دعما عربيا وايد تمتد له تعينه ،فما وجد غير ايد ايرانية تقايض امنه وكرامته الوطنية بنفوطها المجانية له على امتداد ثلاثين عاما قادمة، ولكنها بشروط مذلة لم يجد الاردن إزائها الا ان يرفضها من موقف الكبرياء والأنفة العربية التي عُرف بها الهاشميون..

وعندما جاء اول المدد من العراق مانحا الاردن هدية نفطية قدرها مائة الف برميل مجانا ارتاحت النفوس وتنفس الاردنيون الصعداء منتظرين قرارات على على غرار هذه من العراق وغيره الاقطار العربية النفطية ، لمد يد العون والتخفيف عن كاهل شعبه وحكومته في آن واحد، وهو ما يتطلب عودة الى الاسلوب التفضيلي لبيع النفوط العراقية للاردن ، أي بالعودة الى سابق ماكان يزود به قبل عام 2003 باسعار تفضيلية ..

الاردنيون ممن لاينسون للعراق سعيه على الدوام الوقوف الى جانبهم من منطلق عروبي ونصرة اخوته كما وقفوا الى جانبه ، ينتظرون منه مبادرات تُجاري هذه الهدية المقبولة بين الاخوة ، باستمرارية الدعم التفضيلي حتى ينهض من جديد وهذه ليست بجديدة على العراق ، وليست منة كما فعلتها ايران ..فالعراق موجود بالذاكرة الاردنية دوما وبالوجدان الجمعي وفي كل مناسبة ..ولم يكن قرار الحكومة العراقية بالامس ، منح الاردن مائة الف برميل من النفط الخام وكما اعلنه الناطق الرسمي علي الدباغ الا مسعى يصب في خانة العلاقات الاردنية العراقية المتطورة والتي تؤكدها علاقاتهما في جميع المجالات وتجارتهما البينية المزدهرة التي تحكي تطورا تنفرد به على جميع الاصعد وبينها تبادل الزيارات بين قيادات البلدين السياسية والاقتصادية ..

جاء قرار الحكومة العراقية بلا شك في ساعة حرجة للاردن تتيح التفكير له جيدا في ايجاد معالجة ناجعة لمشكلاته وحتى يصله المدد القومي ممن يروم ارسال مددا له ليواجه به الظروف السيئة التي يمر بها الوضع الاقتصادي الاردني جراء تصاعد مديونية الاردن بواقع ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار وارتفاع اسعار النفط عالميا وازدياد استهلاكه للطاقة المستوردةالتي ما كان امام حكومته الا ان تنتهج اساليب تقشفية واخرى شملت زيادات في اسعار الطاقة والمحروقات جراء تصاعد فاتورة الطاقة لارتفاع اسعار النفط عالميا وتوقف الغاز المصري بعض الشئ عن الوصول الى المستهلك الاردني ، ما ادى الى اندلاع مظاهرات استخدمتها البعض من القوى السياسية والدينية للضغط على الديوان الملكي لاسقاط حكومة السيد عبد الله النسور او تراجعه عنها ...

لكن رئيس الوزراء الاردني لم ينحن للمصاعب لان قراراته كانت تنبع من ارادة سياسية ادركت حجم المشكلة وان التغيير السياسي والوزاري لن يغير من واقع الحال بل يزيده وطأة فصارحت حكومة السيد عبد الله النسور الشعب الاردني ان عليه ان يتحمل ويشد الاحزمة على البطون ، وانه لن يتراجع امام كل الضغوط للعودة عن هذه الزيادات التي عدها شرا لابد منه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الاردن... ومضى برغم كل الظروف محاولا ايجاد سبل جديدة للعلاج للخروج باقل الخسائر من هذه المحنة التي اصابت الاردن ولازالت تاثيراتها قائمة لان حلها ليس مسالة ايام وشهور وانما قد ياخذ سنة او سنتين مع توفر دعم عربي له غير مشروط... وشكرا للعراق وشكرا لكل من يساعد اخاه في محنة مثل هذه لان الامن العربي القومي ما عاد مرتبطا بدولة وإنما بمصير امة ..

وهنا يبدأ دور سفراء الاردن ورسلها وتبدأ تحركاتهم لشرح حجم المعاناة ووسائل الحد منها اعتمادا على العمق العربي العراقي والدعم القومي له ، كما اثبتت كل الايام والسنين في تاريخهما الحديث وابتداءا من التاريخ الهاشمي للعراق ووحدة شعبيهما ونظاميهما قبل وبعد عام 1958 وحتى الان .. ..محمد القـُرعان السفير الأردني الجديد لدى بغداد كان له دوره وهو يحادث الاخوة في بغداد من من منطلق متانة العلاقات الاخوية التي تربط العراق بالاردن واشار في اكثر من مناسبة ان من مهامه الاولى كسفير جديد هي العمل على توطيد العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، ومتابعة الاتفاقات النفطية بين الدولتين، وهو يؤكد دائما ،على أهمية اجراء محادثات ثنائية بخصوص عودة الاردن للحصول على اسعار تفضيلية لنفوطه من العراق .

لهذا حينما واجه الاردن ازمة اخرى في تامين وصول تجارته للخضار الى سوريا التي تمر بازمة سياسية وامنية خانقة فتحت ابواب العراق لتامين وصولها باقل الخسائر ، ما دفعت رئيس الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين عودة الرواشده ان يعقد الأمل مجددا على السوق العراقية لاستيعاب المنتجات الأردنية من الخضار والفواكه.وكشف النقاب ان كميات الخضار الاردنية التي تصدر للعراق من الاردن قد وصلت الى 500 طن يوميا من الخيار والكوسا والباذنجان ايضا . وقد امر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور بتشكيل وفد أردني من القطاعين العام والخاص من المعنيين بالشأن الزراعي لزيارة العراق ((لمتابعة موضوع سهولة انسياب الحاصلات الزراعية من الخضار إلى السوق العراقية )) .

فهل بعد هذا من شك ان الاردن والعراق عمقان لبعضهما وشعبان تربطهما اقوى الوشائج وتجمعهما المحن والافراح وتوحدهما المواقف الوطنية والمبدئية ..حمى الله الاردن ملكا وشعبا واخذ بيد حكومته في محنته هذه وابقى الخيمة الهاشمية تظلله وتدفع عنه وهج الساخطين بلا قضية وظلالة المدعين نزاهة ووطنية وعجاجة تغيير ترابية ..
ديمة الفاعوري ..كاتبة وصحفية اردنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات