غيث الدّنانير


مع حبّات المطر المتساقطة على جبال عمّان عمّ الخير من عند ربّ السّماء في هذه الأيّام المباركة مع بداية فصل الشّتاء ، وبذات التوقيت يخرج نور الظّلام من قرارات أوشكت على الوقوع تسير بنا نحو المجهول في طريق خال من الإضاءة والسّرور ، فإلى أيّ المسارات يتجه مركب الدّولة بهذه الأوقات ، إلى حيث الراحة والرّفاه ، والبناء والإنقاذ ، أم إلى حيث الدّمار والفتنة ، و المزيد من الفساد والسّرقات .

حكومتنا العزيزة ، نحن كلّنا مع الوطن ، ولكن لسنا مع انهيار الدينار وجعله كباقي العملات في دول الجوار ، نحن كلّنا مع انقاذ الميزانية الغارقة في بحار الفساد والطّغيان منذ سنين خلت دون مراقبة ومتابعة ، وبسبب استهتار الخائنين وقلة الأمانة عند المسؤولين ، ولكن لسنا مع الوصول إلى حالة الرّثاء والعزاء لأنفسنا ومن حولنا من مواطنين ، قبل المباشرة بالحلول التي وضعت على طاولة الحوار ، علينا بمناقشة الأسباب التي أوجبت الوصول إلى حالة يرثى لها من تدهور في الإقتصاد ، وتفاقم في العجز والنّفقات ، وقلة في المنح والإيرادات .

لعلّ من أبرز الأسباب التي أوصلتنا إلى هنا فساد المفسدين ، وازدياد الخيانة عند الخائنين ، ونهب المختلسين ، إذ أنّهم استحلّوا ما ليس لهم من أموال الوطن ، واستباحوا مقدراته دون وجه حقّ ، فهلّا توقفنا عند جميع هؤلاء وأرجعنا ما نهب وسرق ، وما استحلّ وأُخذ !

لعلّه من الجدير بالإشارة في هذا الموضع ، ما حصل مع مدير المخابرات الأسبق ، وهو خلف القضبان ، إذ حُكم عليه بالسّجن وتم تغريمه ومصادرة أموال الوطن التي كانت بحوزته ، فهي التّحية إلى القضاء الأردني العادل وإلى الجهود المبذولة في سبيل إرجاع الحقوق ، فليست هذه الأموال عطيّة ولا منّة ، ولن أطيل فليس هذا محور الحديث الذي قد يطول !
ولكنّها أيضا حالة من حالات كثيرة وعديدة من قضايا وتهم للفساد ، منها ما هو موجود ، ومنها ما ينقصه الأدلة لتثبت الإدانه ، ومنها ما هو مخفيّ وغير معلوم ، فلا تؤخذ القضية بالشّكوك ، ولربما الفساد الذّي حصل هو سبب من الأسباب التي جعلت من الإمدادات الخارجية للمملكة تتوقف وتتعطل .

لا أريد أن يكون معي الكثير ، فقليل يكفيني ، خير من كثير يجعلني أسير ، ولا نريد أن نصل إلى حالة من الفوضى جرّاء قرار يُظنّ لهذه اللحظة أنّه صائب سديد ، ولكنّه قد يكون إلى الخطأ أقرب وأسبق ، فهي دعوة إلى التريّث وإعادة الحسابات قليلا مع أصحاب العقول الرّشيدة ، والتي ليس لها مصلحة في الإغواء والتّضليل.

دولة الدكتور عبدالله النّسور ؛ أحببناك نائبا نصيرا للشعب وللمواطنين ، فكن النّصير بما فيه مصلحة الوطن ومجمع المواطنين ، فليس باعتقادي أنّ دعماً يُدفع مقابل رفع لربّما يوصف بالعظيم سيوصف بالخيار القويم .

ليس السّير بطريق معتم فيه عوائق ومطبّات خير من أخذ الحيطة والحذر والسّير في الطّريق المعبّد الذّي يوصف بالرّاحة والأمان ، وكذلك فإنّ الخيل لا بدّ لها من فارس هيّاب يمتطيها وهو حريص عليها ، دون أن يسبب لها إزعاج ، وبما ينسجم وقدراتها على تحمّل المشاقّ ومواجهة الصّعوبات والتّحديات .

لا أدري إن كان صوتي مسموعاً ، ولكنّي أتمنى أن يكون جميع المعنيين ممّن يحرصون على الوطن بمدنه وقراه وبواديه ، وعلى الشّعب العزيز الكريم ، بحيث لا تكون القرارات النّهائية إلّا وفق الأسس العقلانية وبما يخدم الإقتصاد ، ودون إضرار بالمواطنين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات