وزارة التربية وإسقاط الشعارات ( 2 )


(غاب القانون فعمّ الفساد , وحضرت إرادة المسؤول فانتشر الخراب ) 
المطلعون على واقع وزارة التربية والتعليم لا يختلفون أنّ هناك قاعدة رئيسية تحكم العمل في هذه الوزارة . وتنص هذه القاعدة على أنّه لا وجود ولا معنى لجميع القوانين والأنظمة والتعليمات أمام إرادة الوزير أو الأمين العام أو أيّ من المدراء المقرّبين لهما . فبإمكان أيّ موظف الحصول على ما يريد متى شاء إن هو استوعب هذه القاعدة ( الذهبيّة ) وأتقن التعامل معها . لقد كان من نتائج تلك القاعدة أن وصل العديد إلى مستوى ( قيادي تربوي ) بدون أيّ استحقاق أو حتى جهد يذكر , اللهم إلاّ التزلف والنفاق لمن يمتلكون القرار .

ومن يتابع أكثر التشكيلات التربوية يستطيع ملاحظة هذه الحقيقة , فإن أردت ( السقوط ) إلى وظيفة متقدمة في وزارة التربية , فليس من المطلوب منك سوى مزيد من التملّق لأصحاب القرار وممارسة دور الشيطان بتزيين أخطائهم وتصويرها لهم على أنّها عين الصّواب , ولا ضير إن كنت من أصحاب المواهب أن تنظم في ذلك المسؤول أبياتا من شعر أو قطع من نثر , لتصوّره أنّه منقذ العملية التربويّة والتعليميّة , بل ومنقذنا جميعا من ظلمات الجهل إلى أنوار العلم والمعرفة , حينها سوف تتفتّح لك آفاق ( ونوافذ ) لم تكن تحلم بها , وستتساقط عليك الهبات والأعطيات والمكافآت والمناصب ( رطبا جنيّا ) . 

في وزارة التربية ترى العجب العجاب , فجميع الشهادات والمؤهّلات مهما علت , والخبرات وإن طالت , لا معنى لها ولا قيمة أمام ( السّلطة التقديرية للمسؤول ) . فالقوانين والأنظمة والتعليمات لا تجد لها موطئ قدم في مكاتب المسؤولين في هذه الوزارة . أتعلمون لماذا ؟؟؟ لأنّ جميع تلك القوانين وُضعت وبكلّ أسف وحسرة تحت أقدام هؤلاء المسؤولين , ولا يرفعونها على أسنّة رماحهم إلا عندما تخدمهم تلك القوانين والأنظمة وتلبي أهواءهم وأهواء من يدور بأفلاكهم .
وهناك من الشواهد الموثّقة على التجاوزات الإدارية للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم ما لا تُعدّ ولا تُحصى , أذكر منها واقعتين :-
الأولى :- ما يحدث من ظلم متعمّد وفساد مبرمج في موضوع اختيار المستشارين الثقافيين , وهذه واقعة قد تصل إلى مستوى المهزلة – ومنذ تأسيس وزارة التربية والتعليم – وما زالت تحدث وستستمرّ في المستقبل إن لم يوضع حدّ وحلّ جذري لوقفها .

ففي التحقيق الصحفي الجريء والمنشور في جريدة الرأي بتاريخ 19 – 3 – 2009 ص 4 تحت عنوان ( مستشارو التربية .. بين ضغوط التمديد وعدالة الإختيار ) للكاتب الأستاذ المبدع خالد الخواجا , يتكشّف لنا مدى المزاجيّة في اختيار المستشارين الثقافيين , وأنّ الأساس الوحيد المعتمد هو مدى القرب والعلاقة الشخصية مع الوزير أو الأمين العام . وبقراءة متأنّية لهذا التحقيق الهام نستخلص أنّ وظيفة المستشار الثقافي ما هي إلاّ وظيفة تنفيعية ومحصورة فقط على فئة قليلة جدا ممّن ينتمون إلى وزارة التربية والتعليم , بينما حُرم معلّمو الميدان ومديرو المدارس وحتى رؤساء الأقسام ممنّ يحملون شهادة الدكتوراة وفي الدرجة الأولى أو الخاصة من التقدّم والمنافسة لشغل هذه الوظيفة . وهذه دعوة لسعادة نقيب المعلمين وأعضاء مجلس النقابة – وهم المخوّلون للدّفاع عن حقوق المعلّمين – لمتابعة هذا الموضوع والضغط على وزارة التربية من أجل اعتماد أسس موضوعية عادلة وشفّافة لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع .

أمّا الواقعة الثانية والتي تدلّل على استمراء المسؤولين للظلم وممارستهم لدور ( الفرعون ) الذي ( استخفّ بقومه فأطاعوه ) ما حدث في مديريّة التربية والتعليم للواءي الطيبة والوسطيّة , عندما تمّ نقل أحد معلّمي الميدان لماد ة ( الفيزياء ) من مديرية التربية والتعليم لمنطقة إربد الأولى إلى هذه المديرية من أجل تسليمه رئيسا لأحد الأقسام , ولا يخفى على أحد مدى حاجة الميدان لهذا التّخصص النّادر , ولم يلتفت المسؤولون الذين قاموا بهذه الفعلة إلى المصلحة العامة للطلبة , والّتي يتغنّون بها ليل نهار , ومخالفين في نفس الوقت للأنظمة والتعليمات المعمول بها , أو بالأحرى ( غير المعمول بها ) .

وقد نُشرت هذه القضية وبالوثائق على بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية من قبل المتضرّرين , كما قام المتضرّرون بإيصال فحوى الشكوى إلى وزير التربية وأمينه العام من أجل إنصافهم إلاّ أنّ أصواتهم وشكواهم لم تلق آذانا صاغية ولا عقولا واعية . ولكنّ الدور ما زال واقعا على أولئك المتضرّرين وممّن تقدّموا بطلبات للمنافسة على هذا الشّاغر وعددهم إثنان وعشرون متقدّما ممّن يحملون الشهادات والخبرات التي تؤهلهم لشغل هذه الوظيفة وربّما ما هو أعلى , وقد تقدّموا بتلك الطّلبات من تاريخ23 – 7 – 2012 , فإمّا أن يطيعوا فرعونهم فيستخفّ بهم , أو أن يرفضوا الظلم فيكسبوا إحترامهم لأنفسهم .

وإلى الملتقى في الأسبوع القادم .

عبد الغفور القرعان.
7 – 10 - 2012



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات