مقاطعة الانتخابات واجب وطني


لازالت التجارب الانتخابية البرلمانية الأردنية السابقة والتي شهدت عمليات تزوير فاضح وتدخل من بعض الأجهزة الحكومية عالقة في الأذهان ، والتي أدت في ظل غياب لهيئات رقابية مستقلة على العملية الانتخابية إلى إفراز مجالس نيابيه ساهمت في تعزيز الفساد السياسي والمالي بل تجاوزت مهماتها لتصل إلى غسيل ملفات الفساد الكبرى كملف شركة موارد، والعقبة الاقتصادية الخاصة، وموارد وغيرها ، وهي بذلك ارتكبت جريمة كبرى بحق الوطن والمواطن ، ومع إلحاح الشعب الأردني على تحقيق إصلاح سياسي ومحاربة للفساد، تبنّى النظام الأردني جملة من التشريعات الناظمة للإصلاح السياسي بتعديل قانون الانتخاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخابات وإجراء انتخابات نيابية جديدة ، تبيّن لاحقا أنها غير كافية ، وظهر ذلك جليا من خلال رفض الأحزاب الأردنية الفاعلة على الساحة الأردنية المشاركة في مسرحية انتخاب مجلس نواب جديد ، ويمكن القول أن الحراك الأردني الوطني بجملته أعلن عن مقاطعته للانتخابات القادمة .
رغم أهمية قانون الانتخاب إلا أن قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لا يقل أهمية عنه ، فالاستقلالية والشفافية والنزاهة لا تترجمها النصوص القانونية فقط ، بل هي نتاج الإرادة السياسية والرغبة الحقيقية في إجراء انتخابات حرّة ونزيهة ، وترجمة ذلك على شكل تدابير وإجراءات على أرض الواقع في مختلف مراحل العملية الانتخابية، وخير مثال على ذلك انتخابات مجلس الشعب في مصر في عام 2005، والتي جرت تحت إشراف كامل للقضاء، ولكنها كانت مثالاً فاضحا لتزوير إرادة الشعب.
إن مقاطعة شرائح واسعة للتسجيل في انتخاب مجلس النواب القادم ، جاءت بعدما توصل المجتمع الأردني إلى نتيجة مفادها أن التصريحات الحكومية عن النزاهة والشفافية والإصلاح السياسي هي شعارات للاستهلاك وأن الحكومة الحالية انقلبت على عملية الإصلاح قولا وممارسة وأن نواب غسيل الملفات فرصتهم كبيرة في العودة لمجلس النواب مرة أخرى .
حقيقة من الصعب على الهيئة المستقلة للانتخابات إقناع الأردنيين بأنها مستقلة حقا، ولا تخضع لأوامر الحكومة، وأن العملية الانتخابية تحت إشرافها محصنة من التدخلات الحكومية والأمنية،
خصوصا أن صلاحيات الهيئة كما بينتها المادة (12) من قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لم تشمل بعض المهام الأساسية مثل : عد وفرز الأصوات، وتنظيم عملية الانتخابات ، والفصل في النزاعات الانتخابية أثناء الاقتراع وفرز النتائج، وهي أهم المراحل التي يمكن حدوث التزوير من خلالها ، وترك ذلك لتكليف موظفي وزارة الداخلية و الدوائر الحكومية الأخرى الذين شاركوا في الانتخابات النيابية السابقة التي شابها التزوير ، والذين تم تكليف بعضهم بالفعل للقيام بالعملية الانتخابية وتم استثناء الكفاءات الوطنية المؤهلة قانونيا (العاملون في الدوائر الحكومية) وذنبهم الوحيد أن ولائهم للوطن أولا ، لذلك لم يكن سهوا من المشرع الأردني إدراج (المادة 16-ب) التي تتعلق بتكليف الموظفين الحكوميين ، فكان على المشرع الأردني النص على أن يكون الموظفون المكلفون من الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية أثناء الانتخابات بحكم الموّظفين المنتدبين ، وأن يكونوا خاضعين تماماً لسلطة الهيئة أثناء عملية الاقتراع والفرز.
من المعلوم أن الهيئات المشرفة على الانتخابات في دول العالم تتخذ عدة أشكال للانتخابات ، منها ما يعتمد على الإدارة الانتخابية المستقلة، ومنها من يطبق الإدارة الانتخابية الحكومية، ومنها من يطبق الإدارة الانتخابية المختلطة، فالأردن بقانونه يطبق فعليا الإدارة الانتخابية المختلطة ، وتسميتها بالمستقلة هي نوع من أنواع التضليل والتمويه الذي يطابق سلوك الحكومات الأردنية .
إن الهيئة المستقلة الحقيقية للانتخابات ، تكون مستقلة تنظيمياً عن السلطة التنفيذية، ولا تكون مسئولة أمامها، وتتمتع الهيئة بصلاحية وضع الضوابط القانونية الحاكمة للعملية الانتخابية كاملة بشكل مستقل، والأصل أن تضع الهيئة بنيتها الإدارية من نقطة الصفر، وأن تختار الكوادر العاملة من الكفاءات الوطنية النزيهة ، و تأهيلها للقيام بواجباتها على أكمل وجه، وهذا لم يتسنى للهيئة ، فالوقت والتشريع لا يسعفها لانجاز مهمتها خصوصا أنه مطلوب منها إجراء الانتخابات والإشراف عليها في غضون أشهر قليلة ، ولذلك فقدت المهمة الأساسية لها وهي استعادة الثقة الشعبية بنزاهة الانتخابات ومصداقية العملية الانتخابية التي فقدت قبل أن تبدأ.
إن المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة سوف يفرز مجلسا هشا كمجلس النواب السابق ( السادس عشر) ، مجلس سجّل وصمة عار في صفحة الوطن ، ساهم بإجهاض إرادة الشعب وخذل الوطن في أحلك الظروف ، فغسل ملفات الفساد الكبرى وسمح للشركات والمؤسسات التي نهبت ثروات الوطن بالتغول في سرقة الوطن ، وهنا تقع مسؤولية وطنية مصيريه على الشعب الأردني بضرورة مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة وفق التشريعات الحالية ، فمقاطعة الانتخابات واجب وطني ...فساهم في إنقاذ وطنك .
حمى الله الوطن وشعبه من كل مكروه.
msoklah@yahoo.com



تعليقات القراء

سيطره
صار لام سبيت بيت يامحمد أفندي . سقاالله أيام الحجز والمحاكمات .
30-08-2012 03:59 PM
حسام البطيخي
نعم وبكل تأكيد لا للصوت الواحد ...؟؟
30-08-2012 07:57 PM
عبد الله الخوالده
نفتخر بكاتبنا الوطني الشريف أبو رعدعلى تحليله الدقيق فنعم والف نعم لمقاطعة الانتخابات ولا وألف لا لانتخاب نواب يبصمون على بيع الوطن ..الاردن أولا
31-08-2012 12:10 AM
اخوكم المشاقبه وانتخب الدغمي .. غصب عني
يعني سؤال بسيط للكاتب وللمعلق رقم 3
نواف الخوالده ابن الشيخ ماذا به من صفات النائب
ولماذا تهرعون لانتخابه في بلعما وترطضون لهثا غير قادرين على مخالفه امر الشيخ ابيه الله يرحمه
فقط مجرد سؤال
31-08-2012 01:46 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات