وقفةٌ في دائرة تسجيل أراضي غرب عمان!


لا يدخل من باب المنطق أن تحظى دوائر حكومية معيَّنة لا يوجد عليها أدنى ضغط عمل من المراجعين بأبنية كبيرة: مكاتبُها فسيحة وممراتُها رَحْبَة وأثاثُها بحالة ممتازة مِن طاولات وخزائن وكاونترات بالإضافة إلى مستلزمات عمل طاقم موظفيِها (الذين يزيد عددهم عن الحاجة!) مِن الكراسي المُريحة والحواسيب الحديثة وإلى غير ذلك من أمور. ثمَّ انك تجدُ فرق الصيانة تعطي تلك الدوائر المحظيَّة كل الرعاية والاهتمام لإصلاح أي خللٍ أو تلفٍ بأقصى سرعة لتبقى على أبدع صورة حيثما نظرت وأنَّى تواجدت! بينما تجِدُ أن دوائر حكومية أخرى يتقاطر المواطنون عليها أفواجاً أفواجاً من أجل معاملاتهم اليومية غائبة عن نظر الوزارات التي تنضوي تحتها من جوانب العناية والاهتمام بوضعها، بالرغم من إيراداتها المالية الضخمة المتأتية من المعاملات التي تعزِّزُ بتدفقها اليومي ميزانية الدولة.
وكمثالٍ شاهِدٍ على هذا أقِفُ عند دائرة تسجيل أراضي غرب عمان، حيث يفترض أن يُصار إلى إيجاد مقرٍ جديد كبير لها، وذلك ليستوعب الضغط اليومي المستمر من المراجعين، الذين يحبسون باكتظاظهم أنفاس بعضهم البعض، بل وأنفاس الموظفين المنهمكين بكل طاقتهم لإجراء اللازم للمعاملات التي بين أيديهِم في "الأموال غير المنقولة" أي الأراضي، معاملات البيع والشراء والتخارج والتصحيح والهبة والرهن والإفراز أو سندات التسجيل والمخططات وبيانات التغيير وغيرها مِن مسؤوليات. وإلى أن يتحقق إيجاد مقرٍ ملائم يفي بالغرض وبالتطلعات المستقبلية، فإن همة إنقاذية عاجلة يجدر أن تتوجه لإجراء صيانة عامة للدائرة التي يتوافد إليها المستثمرون أيضاً - الذين حينما نستقطبهم لبلدنا فمن المفترض أن تكون دوائرنا بحال ممتاز كي لا تتغير الصورة التي يرسمونها لمشاريعهم! - فجدران وسقوف المكاتب والكوريدورات وما خلَّفته الرطوبة في مواقع مِن أثرٍ بحاجة للطِلاء والدهان، ولا يغيب عن النظر حاجة الشبابيك والأبواب والتمديدات الكهربائية إلى أيدي عمال الصيانة. أما الأثاث فوضعه لا يَسُرُّ الخاطر مطلقاً لقِدَمِه وتلفه بشكلٍ أو بآخر من الاستعمال المُزمِن.. مِن الكاونترات إلى طاولات عمل الموظفين وكراسيهم والخزائن والأرفـُف والمقاعد المخصصة للمنتظرين.. ولعل من الأهمية بمكان كبير تجديد الحواسيب القديمة وأجهزة الاتصالات بأخرى حديثة تواكب متطلبات العمل وبما يُسهِم في سرعة إنجازه.
وإذا كانت ظاهرة إستقواء فئة من الناس على موظفي القطاع العام قد تفشت في بلدنا.. فإن ما يدعو للأسف هو عدم تقدير تلك الفئة لخطورة وأهمية ومسؤولية العمل الذي يقوم به موظفو دوائر التسجيل في تدقيق وتمحيص وتوثيق كل معاملة دفعاً لعبث العابثين والمحتالين الذين يتفننون في أساليبهم. هذا التدقيق والتبَحُّر في صحة الأوراق والوثائق لا يُرضي تلك الفئة فترفع نبرة صوتها دون وجه حق لاستفزاز الموظفين الذين نُسَجِّلُ لهم صبرهم وحِلمِهم وتمكنهم من امتصاص فورة غضب مَن يرَوْنَ أن أيَّ دائرة يدخلونها يفترض أن تُسْتَنفرُ بالكامل لخدمتهم دون غيرهِم!

حنا ميخائيل سلامة
كاتب وباحث
Hanna_salameh@yahoo.com



تعليقات القراء

الله محيي الجيش الحر
الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر
11-08-2012 02:06 AM
صدقت
كلامك صحيح
11-08-2012 04:19 AM
متابع
كل الموظفين في اراضي غرب عمان لابدين وساكتين وعمرهم ما طالبوا بتصليح احوالهم من اثاث وحمامات ومكاتب واسعة... يا ترى ليييييييش
اللي يعرف يوخذ نسبه او يدخل شريك او يصبح وسيط او دلال او....
11-08-2012 10:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات