امراض الزعماء ومرض بوكسر


من رائعة جورج ارول " مزرعة الحيوان" والتي مر على قراءتي لها سنين طوال ما زلت اتحسر على (المسكين بوكسر). بوكسر هذا الذي آمن بالثورة الحيوانية,( نعم الثورة ولا اقصد الثروة) التي قادتها حيوانات المزرعة ضد صاحب المزرعة مستر جونز, بوكسر الذي اخلص للثورة أيما إخلاص وتفانى في العمل من الصباح إلى المساء ليضمن الرفاهية والعيش الكريم لنفسه في شيخوخته ولباقي الحيوانات الاقل حظا منه في القوة الجسدية. بوكسر الذي وان فشل في تعلم القراءة والكتابة في مدارس الثورة الثقافية التي أعلنتها الخنازير قادة الثورة ومنظروها الافذاذ, لم يعفه فشله هناك من العمل الجاد من طلوع الشمس إلى غسق الليل في الحقل.لم يفشل في تعلم القراءة والكتابة كسلا منه أو تقاعسا لا سمح الله , بل لأنه حمار ابن حمار وذا نسب بالحمير عريق.وبوكسر الذي كان له الفضل بعقط (رفس )السيد جونز على بوزه واجباره على ترك المزرعة بعد ان جوعهم جونز هذا بهدف التقليل من المئونة, بوكسر هذا لم تُرع له حرمة ولم يُحفظ له قدر, ولم يُشكر له صنيع. فقد مرض المسكين لطول جده وجهده. ورأت الخنازير ان من حقه الراحة, والاستمتاع بعلاج مناسب وتقاعد مريح. وقد هللت الحيوانات لهذا لقرار.واعتبرته أول ثمار الثورة الاشتراكية المباركة .طُلب من بوكسر ان يعد نفسه لدخول المستشفى ومن ثم التقاعد المريح. وأُخبرت الحيوانات بذلك فخرجت لوداع الرفيق الممثل الأجدر لطبقة البروليتاريا. لم ينجح من الحيوانات في تعلم القراءة والكتابة إلا القليل. وقد كانت العنزة موريل احد هؤلاء القلة التي أتقنت القراءة. سأحدثكم عن مبادئ الثورة الحيوانية لاحقا ان أعجبتكم الحكاية. ولكن كان من أهم مبادئها ان كل الحيوانات متساوية , وان كل من يمشي على اثنتين هو عدو , وان كل من يمشي على أربع هو صديق, وان الملابس محرمة في المزرعة فهي من اختراع المستر جونز اللعين. أعود للموضوع لأقول خرجت الحيوانات إلى الساحة بانتظار سيارة الإسعاف التي ستنقل بوكسر إلى المستشفى معززا مكرما، جاءت السيارة وركب الحمار فيها , ومن وراء نوافذها الزجاجية اخذ بالتلويح للجماهير مودعا موزعا الابتسامات للأصدقاء. أغلق الباب وبدأت السيارة بالتحرك وحانت من العنزة موريل نظرة إلى العبارة المكتوبة على جانب السيارة. عبارة أدخلت الرعب في قلبها وأخذت تقفز وتنادي "انزل انزل يا بوكسر انها ليست سيارة الإسعاف أنها سيارة لحام الحمير" ولكن هيهات فقد حال حاجز الزجاج وفوضى الجماهير دون ان يسمع بوكسر نداء صديقته موريل الضعيف. غادرت الحافلة المزرعة وكان أخر مشهد لبوكسر وهو يوزع الابتسامات والقبلات على الجماهير

هل الزعماء الذين يخدمون امريكا ليسوا سوى بوكسرات برسم التلحيم عند التقاعد؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات