سوريا في منظور كبار الدول


لعل تحليل مواقف الدول الكبرى والمجاورة في الأزمة السورية يحتاج إلى مقدمة ضرورية لبيان طريقة تفكير هذه الدول في مثل هذه الأزمات. كما أن على هذه الدول الكبرى أن تعلن في أغلب الأحيان مواقفها سواء بطريقة واضحة أو ملتوية.

نبدأ بأبرز واهم اعضاء اللعبة في المشهد السوري فلطالما كانت روسيا الحليف القوي الذي يأخذ بيد النظام السوري , ويعود ذلك الى عدة اعتبارات رئيسية أهمها :
الاعتبارالاول : أن الناتو والغرب أداروا المعركة في ليبيا ضد النظام وخسرت روسيا كل شيء وحتى دعمها للنظام كان متأخراً ومنفردا وكان يهدف فقط إلى دفع الغرب إلى مراعاة روسيا في حساباته السياسية والاقتصادية. ثم بقي الموقف الروسي في ذاكرة الثورة الليبية مناوئاً له .
الاعتبارالثاني : أن روسيا تنظر بقلق شديد إلى الموقف التركي من الأزمة وتخشى روسيا أن الجميع حدد نصيبه في سورية ما بعد الأسد التي تأتي إلى القسمة دائماً متأخرة.
أما الحليف الثاني والمهم فهو ايران فمنذ اشتعال شرارة الثورة السورية في مارس 2011 فقد اتسم موقفها بالانحيازالكامل للنظام في سوريا حيث تبنى الساسة الإيرانيون خطابا داعما للنظام في نهجه وسياساته الداخلية والخارجية ونظروا إلى الأزمة بوصفها نتاج \"مؤامرة خارجية\" هدفها النيل من مواقف النظام المعادية للمشاريع الأميركية والصهيونية ولم يخفوا وقوفهم القوي إلى جانبه بكل إمكاناتهم الدبلوماسية والساسية واللوجستية بل تبنوا وجهة نظره وطريقة تعامله مع الأوضاع الدامية والمتفاقمة في البلاد .
ولا يختلف اثنان على ان ايران في العقود الاخيرة تحاول تثبيت معادلة دولية تقوم على لعب دور الدولة المحورية بأسنان نووية وسعى إلى تزعم المشرق الإسلامي تحت لافتة ذرائعية، فحواها الصراع مع إسرائيل ومجابهة الولايات المتحدة الأميركية. وهي لافتة شعاراتية فارغة لأن هذا النظام وكما يعلم الجميع سارع وعلى الدوام إلى مهادنة المشاريع الأميركية والاستفادة منها بل وساعد الإدارات الأميركية على تنفيذ مرادها في أفغانستان والعراق والتاريخ خير شاهد على ذلك !
اما بما يخص معاداة ايران لأسرائيل وكما شاهد الجميع عبر المحطات الفضائية فقد أخذ طابع الحرب الاعلامية مما يهدف وبحسب النظرة الايرانية الى الدفاع عن ارضها بطريقة \" هجومية الصوت العالي \" .
اما الصين فقد كان جلوسها على طاولة الحلفاء \" الروسي والايراني \" قد شكل صدمة للجميع حيث انه لا توجد اي مصالح للصين في سوريا لا بل تتخذ الصين هذا الخيار كرد فعل على الجانب الامركي وكونها ترسم لنفسها موقع على خريطة اعظم الول في العالم وتوسيع قلعدتها الدبلوماسية .
فالصين من ناحية اقتصادية وبحسب احصائيات 2011 احتلت المركز الثاني بالناتج المحلي الاجمالي بعد الولايات المتحدة الامريكية واحتياطا نقديا يبلغ 1.16ترليون دولار وهو ما يشكل 26.1بالمئة من دين خزينة الولايات المتحده الامريكية مما يجعل الظغط الاقتصادي عليها امرا صعبا للغاية ناهيك عن القوة العسكرية التي تتمتع بها الصين مما يصنفها ذلك في قائمة الدول العظمى .
ولا بد لنا الوقوف عند موقف الدول المجاورة فتركيا حيث ان تركيا تنظر الى ان نجم نظام الرئيس السوري بشار الاسد يلوح بالسقوط في الافق القريب وان حالة الفوضى ستعم سوريا مما قد يشكل خطر على دول الجوار .
اما الموقف الاردني فقد شكلت تصريحات رئيس الوزراء فايز الطراونة تظارب لدى صالونات السياسة الاردنية والعربية ومما أكد هذا التظارب التصريحات التي كان يدلي بها وزير الخارجية ناصر جودة مما دعا السوررين الرد باسلوب شديد اللهجة ضد الاردن وبحسب رؤية رأس النظام الاردني فالاردن يتجنب اي محاولة تدخل عسكري في سوريا كما اوضح جلالة الملك عبدالله الثاني ذلك في مقابلة تلفزيونية مع قناة CNN في برنامج غرفة الحدث .
ومن هنا فالمنظور الاردني ان تنحي الرئيس السوري بالقوة العسكرية لن يحل المعضلة لا بل ستشعل المنطقة ولكن وحتى هذه اللحظة يتسم الموقف الاردني بالحيادية الا اذا كان هناك تدخل عسكري سوري ضد الجانب الاردني وهذا ما ادى الاردن الى تعزيز قواته في شمال المملكة تحسبا لأي تغيير في سياسة اللعبة التي تأخذ منحناها الاخير .

s.khalafat@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات