سيكولوجيا المعارضة الاردنية


نظريا..لا يختلف مفهوم المعارضة الوطنية كثيراَ في فحواها الأصلي من دولة لأخرى ، فالمعارضة ظاهرة مدنية صحية ، مهمتها الارتقاء بالدولة من خلال دورها في مراقبة أعمال الحكومة وأداءها وتشخيص نقاط الضعف ومعالجة معالم الخطأ الكامن فيها من اجل التقدم بالمسيرة الوطنية إلى الأمام لخدمة الصالح العام.
المعارضة الأردنية ( للأسف ) لا تقوم بدور المعارضة انف الذكر ، بقدر ما تحاول فرض شروطها التي تعتمد في مضمونها على أجندات خاصة (أيديولوجية ، مصالح شخصية ، فئوية .. الخ ). لذلك ابتكرت الأقلية المعارضة في الأردن ثقافة ( لا ) وثقافة الوقوف بالند للحكومة بسبب أو بدون سبب . هنا يأتي الخلط في فكر المعارضة التي لا تجد طريقة لإثبات وجودها على الساحة إلا بأن تكون العظمة التي تعلق في حلق الوطن . بعكس ما نراه في بلدان اخرى ، من دور المعارضة التي تنتهج منحىً ايجابيا في تغيير سلبيات أداء المؤسسة الحكومية عبر دراسات مقنعة توجهها نحو الأفضل .
فقد اصبحت كلمة ( لا) تستخدم من قبل المعارضة الأردنية بموجب أو بدون موجب ، حتى في تمرير المشاريع الخدمية والاستثمارية التي يكون المستفيد الوحيد منها هو الشعب ، وأصبح الفيتو شعارها حتى في إدراج القوانين التي من شأنها تنظيم شؤون الدولة والحياة السياسية.
فعلى الرغم من ان قانون الانتخاب لعام 2012 (مع التعديل) جاءَ منصفاً للقوى الحزبية والاجتماعية معاً ، ومؤكدا على ان قاطرة الاصلاح تسير ( تدريجيا ) على طريق تحقيق طموحات شعبنا في تعزيز الديمقراطية .. اعلنت اغلب القوى المعارضة رفضها للقانون (جملة وتفصيلا) ، ودعت الى مقاطعة الإنتخابات النيابية المقبلة ، غير مبالية ، لتداعيات المقاطعة على تطور الديمقراطية ونموها في حياتنا السياسية.
ففي محاولاتها للاستحواذ على السلطة تحاول أحزاب المعارضة الأردنية والجهات التي بروزت نفسها في أطار المعارضة ، ان تثبت لأبناء شعبنا الأردني ( عبثا ) إن مؤسسات الدولة الأردنية ( تنفيذية كانت ام تشريعية ) ليست بمستوى المسؤولية والأمانة ، من خلال التفنن بتحويل الايجابيات إلى سلبيات والانجازات إلى عيوب ، إضافة إلى ترويج إشاعات من شانها ضعضعت ثقة الأردنيين بظامهم السياسي ، وتلقينهم بأفكار ومخاوف غير واقعية عن مستقبلهم ، وتحسيسهم قسرَا بالمظلومية.
ان أساليب التضليل للمشهد الأردني التي تمارسها الأقلية المعارضة هذه الأيام والمتمثلة في تقديم صورة سوداوية عن وطنهم، واختلاقهم أحداثاً وقضايا ما أنزل الله بها من سلطان ، ومطالبتهم مطالبا لا معقولة ولا مقبولة تعتبر ممارسات ديموغوجية تأتي في إطار إسقاطات لا هدف لها سوى النيل من ( النظام ) ولو كان ذلك على حساب ما يعيشه النظام من إشراقات حقيقية في الممارسات الديمقراطية وتحقيق الانجازات الاقتصادية وغيرها، في محاولة يائسة للوصول إلى السلطة عن طريق استبدال الشرعية الدستورية المعبرة عن إرادة الشعب ، باعتبارها المصدر الوحيد للسلطة والسيادة ، بالشرعية الإيديولوجية التي يتبناها الحزب (أي حزب) او شرعية الطموحات والتطلعات والأطماع الفردية أو الفئوية لدى أفراد معارضين.
على النقيض من ذلك ، يطالب الأردنيون (الشعب) بإصلاحات "اقتصادية" - تفضي في النهاية إلى تحسين مستوى معيشتهم ... تجلب لهم وظائف ، وتحارب الفساد المالي وتعاقب الفاسدين ، وتزيد دخولهم تناسبيا مع زيادة أسعار الحاجات الاستهلاكية - واصلاحات "سياسية" تزيد من حجم مشاركتهم في الحياة السياسية واتخاذ القرارات الحكومية ، مجمعين بذات الوقت ، على الاستمرار في المحافظة على الثوابت الوطنية التي لا خلاف عليها ، وبخاصة التمسك بشرعية الدستور ، والالتفاف حول مؤسسة العرش الملكي الهاشمي (صاحبة الشرعية الدستورية والتاريخية ، وصمام أمان استقرار الدولة وكرامة المواطن ، وصانعة النهضة الأردنية الحضارية) ، واللذان يعتبران ركائز الاستقرار السياسي الأردني.
حمى الله الأردن وطنا وشعبا وقيادة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات