الإخوان المسلمين: اكبر الخاسرين من الربيع العربي


كان محمد مرسي لفترة وجيزة يعاني هو وحركته الاخوانية من بطش النظام المصري السابق ، مثله كمثل إخوان سوريا وتونس وليبيا وغيرها من البلدان العربية التي كانت أنظمتها الحاكمة تصر على أن الإخوان حركة إسلامية تعتمد أيدلوجيات تهدد أمن المنطقة برمتها ، وهذا ما ترفضه الحركات الإسلامية وتعمل جاهدة على تغيير تلك الصورة السوداوية التي رسمتها تلك الأنظمة على لوحات المجتمع الدولي ، فمعظم الحركات الإسلامية عانت القمع والتهميش والتصفية الجسدية في أوطانهم كما حدث مع إخوان مصر عندما ساندوا جمال عبد الناصر بثورته فأنقلب عليهم وقتلهم بدم بارد ، وكما فعل حافظ الأسد عام 1982 في حماة ، ومع أول قطرة من غيث الربيع العربي اعتلت الحركات الإسلامية المشهد في تونس ومصر وجزئياً في ليبيا ( والحبل على الجرار ). رغم أنهم كانوا متفرجين لا أكثر ، لكنهم نالوا نصيب الأسد في السلطة ، فمن كان يصدق بأن محمد مرسي هو الآن رئيس جمهورية مصر العربية وبأن حمادي الجبالي الذي قبع في السجون التونسية أثناء فترة حكم بن علي لمدة خمسة عشرة عاماً هو الآن رئيس وزراء الجمهورية التونسية بينما بن علي ملاحق قضائياً وفار من وجه العدالة .

الحركات الإسلامية وبعد وصولها إلى السلطة أمامها امتحانات صعبة جداً ، والمطلوب منها الابتعاد عن أنصاف الحلول ، والبت في قرارات مصيرية ربما تنعكس سلباً أو إيجاباًُ على بلادهم ، وعلى رأسها إقناع المجتمع الدولي والقوى السياسية المحلية أن الحركات الإسلامية حركات معتدلة ، وهذا ما سارع له الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي الذي صرح بأنه سيحترم اتفاقية كامب ديفيد ! ، والذي رأى كثير من النقاد أن تصريحه يعتبر ضياع أول المبادئ التي قامت عليها الحركات الإسلامية ، والتي كانت تطالب دائماً بإلغاء المعاهدات مع الكيان المحتل وطرد سفرائهم وإغلاق سفاراتهم ! وهذا ما لم يتم حتى الان على اقل تقدير . فهل اختلت بوصلة الإخوان من إرضاء شعوبها إلى إرضاء المجتمع الدولي والدول العظمى ؟ .

وما ينطبق على إخوان مصر حتماً ينطبق على إخوان الأردن ، الذين ما كلوا ولا ملوا وهم يطالبون بمسيراتهم وبياناتهم وتصريحاتهم النارية بضرورة إسقاط اتفاقية ( الذل والعار ) على حد تعبيرهم ، والسؤال المطروح على الحركة التي استمالت الكثير من الأردنيين في هذا الملف تحديداً لارتباطه بالنسيج الاجتماعي للمملكة ولبعده التاريخي ، هل ستعمل الحركة الإسلامية في الأردن حال وصولها إلى السلطة ـ عبر صناديق الاقتراع ـ إلى إلغاء معاهدة وادي عربة ، أم إنها ستعلق الملف على شماعة المجتمع الدولي ، وتتنصل من التزامها أمام ناخبيها ؟ ، وبكلتا الحالتين ستسقط حبة التوت الأولى من المبادئ الإخوانية ، فأما أن يكسبوا الرأي العام المحلي على حساب العزلة الدولية أو العكس جراء أي قرار بخصوص المعاهدة .

ومن ناحية أخرى هناك الملف الاقتصادي المتعثر في بلدان الربيع العربي والبلدان المتأثرة برياحه ، فهل يملكون الحلول لهذا الملف الشائك ، وهل ستعلن الحركات الإسلامية طلاقها من صندوق النقد الدولي ، وما هي البدائل التي يملكها الإخوان ، هذا إذا ما علمنا أن مكافحة الفساد لوحدها لن تكون العصا السحرية لحل الأزمة الاقتصادية .

والملف الهام والحصري على المستوى المحلي هو ملف ( الهوية الأردنية الوطنية ) التي يحاول البعض دس سمها بدسمها لمحاولة التأثير بشكل سلبي على النسيج الأردني ، وربما يكون هذا الملف الحجر الأضخم في وجه تشكيل حكومة برلمانية منتخبة في المملكة فالحركة الإسلامية متهمة بميولها لأصول بعض قياداتها وهذا ما تحاول الحركة الإسلامية تفنيده وتكذيبه ، وما بين التكذيب والتفنيد مطلوب من الحركة الإسلامية اتخاذ خطوات عملية بعيدة عن إصدار البيانات النظرية والعمل بشكل فعلي على إثبات ذلك من خلال سياستها وما سنراه على أرض الواقع .

في كل الأحوال الحركة الإسلامية مكون رئيسي وحزب سياسي يتطلع لأن يكون له نصيب كباقي الحركات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة في الدول العربية وهذا مشروع تماماً لها ، وأعتقد جازماً بأنها ستصل إلى السلطة ، ولكن كم ستبقى الحركة الإسلامية في السلطة في ظل ملفات ساخنة قد تحصد شعبيتها إذا لم تحسن التعامل معها كما يتطلع ناخبيها ، وليس كما يريد المجتمع الدولي والدول العظمى ، وفي ذلك صعوبة تحتم على الإخوان الاعتدال الذي سيفقدها مصداقيتها . فأما أن تكون الرابح كما تريد الحركة او تكون الخاسر الأكبر




تعليقات القراء

صالح
الحقيقة الجميلة هي أن نقدا بناء كهذا مطلوب من كل محب للوطن وللعروبة والإسلام. الأخوان كغيرهم بشر يخطئون ويصيبون ومن الجميل لهم أن ننصح لهم ونتوجه إليهم بهذا النصح فهم في النهاية قوم منا ونحن منهم وإن اختلفت الآراء فلا يجوز أن تفسد للود قضية الملفات كثيرة وساخنة وعلى الشعوب الوقوف إلى جانب من تختار والصبر فمن صبر على الاستبداد عقودا يستطيع أن يصبر على محنة البناء التي هي أصعب بكثير من الهدم.
16-07-2012 05:42 PM
المعلمة مرام النجار
كلام جميل ومنطقي واسلوب كتابي راقي وموضوعي ، وحبذا لو تصل مثل هذه الكتابات الى الحركة الاسلامية لعلها تستفيد من فكر الكاتب المحترم
16-07-2012 07:15 PM
مرااااااقب
الموضوع متناقض مع العنوان
17-07-2012 09:03 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات