فيها الحياة والموت


تتغلغل في جذورنا ، وتسري في عقولنا ، وتجري في دماؤنا ، تغيّر الحقائق تارة بما يجري من أحوال وتغييرات لها الأثر في حياتنا ، وتعزّز الطريق تارة أخرى بما يحدث من جرّاء استخدامنا .
تأخذ الحقوق من أصحابها وتنتزع ما للآخرين في أحيان كثيرة ، وتعمل على التسريع في الإنجاز في أوقات عديدة ، أصبحت أمر متوارث عبر الأجيال ، وواقع مؤلم مشين في هذا الزّمان .
أصبحت ظاهرة اجتماعيّة تأخذ بالتفاقم والإزدياد ، وتؤثّر على المجتمع بانحراف وانعكاس .
بات الأمر طبيعيّا في نظر من سئم به الحال ، وبات روتينا لا بدّ منه في مختلف الدوائر والوزارات ، حتّى وصل إلى الشّركات والمؤسسات ، وقريبا قد يكون بالأسرة بين الأفراد !.
نحن في دولة مؤسسات وقانون ، ولكّنها تتغلغل في الجذور ، ومن يرتادها قد تجبره الأحوال ، أو قد يكون ممّن يحبّون الّراحة بالآداء وتناسوا أنّهم يأكلون الحقوق ، ويهدمون العقول النيّرة ، ويطفئون الطّريق المظلم بهكذا تصرفات ، التي تقف عائقا في وجه التقدم الصّحيح ، وسدّا في وجه الإزدهار .
أن تصبح الواسطة علنيّة ، وأن تصبح ظاهرة غير محدودة ، وأن تصبح ضرورة من ضرورات الحياة ، فهذا أمر مرفوض مهما اختلفت الظّروف ومهما دعت الأسباب .
ظاهرة تشربّها الأجيال جرّاء ما نواجه من صعوبات وتحدّيات ، ولكنّ النّظام يسري على الجميع ، من دون تمييز و تفضيل ، فالمواطنين سواء بالحقوق والواجبات .

لماذا نلجأ إلى الواسطة ؟
سؤال قد نجد له العديد من الإجابات المتباينة باختلاف المواقف والظّروف ، ولكنّنا في جُلّ ذلك نلجأ لها للحصول على ما نريد من دون تعب ومشقة ، ومن دون كدّ وعناء ، وقد نلجأ لها إمّا للتسريع في مجريات الأمور لتحسين الآداء أو للحصول على ما لا نستطيع أخذه بالوضع الإعتيادي لأنّنا لا حق به في الأساس.
أمور بنظر طالبيها قد تبدو عظيمة و مفيدة ، ولكنّنا إن أطلقنا النّظر بالأفق لوجدناها تسلب الحقوق من الآخرين ، وتعمل في مصلحة شخصيّة ودوافع فرديّة ، فإن كنّا بحاجة إلى السّرعة فغيرنا قد يكون أشدّ حاجة وأعظم ، وإن كنّا سئمنا الإنتظار في الأدوار فغيرنا قد يكون في حالة أكبر وأضخم ، فهي حياة لمستخدمها وموت لمن يسلب الحقّ منه سلباً .
فلا بدّ لنا من النّظر في سلوكنا الذي نتصرّف ، وفي أفعالنا التي نعمل ، لنصل إلى ضالة الطّريق بتحقيق العدل والمساواة في المجتمع .

هل أنا العائق في التخلّص من ظاهرة في المجتمع ؟
نعم ، أنا وأنت العائق في ذلك ، كلّ منّا على حدة لا يشكل جزءا كبيرا ، ولكنّنا مجتمعون نحدث التغيير ، الذي نريده للوصول إلى الخير الصحيح والطريق المستقيم ، لتحقيق الحياة الفضلى في المجتمع الكبير .
إن كلٌّ منّا جعل نفسه بمعزل عن المجتمع الذي يعدّ جزءا من تكوينه فسد المجتمع ، فكلّنا مسؤولون عمّا نشاهد من ظواهر تزعجنا ، ومن تصرّفات تأرق نومنا ، ومن أمور تتعب أفئدتنا ، وتجهد عقولنا .
فلنبدأ بالتغيير من أنفسنا للوصول إلى الخير الذي نتمنى بتحقيق الإصلاح الشّامل ، الذّي يتأثر بكل الظواهر التي نشاهد ، والواسطة تحتلّ مكانة عالية بها ، فالحدّ منها وعدم السّماح بها وبالمحسوبيّة أمران في غاية الأهمية للوصول إلى طوق النّجاة ، وتحقيق البناء والنّماء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات