زوجة المسئول


في مقال ذي دلالة عميقة كتب قبل أيام المبدع أحمد حسن الزعبي تحت عنوان أم أحمد .. تحياتي يقصد زوجة الرئيس المصري الجديد . وقد أثار فيّ شجونا وخواطر حول قضية زوجة المسئول ، دورها وحدوده ، والتمايز بين الخاص والعام .
وبداية فلا بد من الاعتراف أننا في ثقافتنا نحاول تجنّب الاقتراب من ذكر النساء وما يتعلق بهنّ احتراما وعرفانا وأدبا . نحرص عليهن حرصنا على أمهاتنا أو أخواتنا أو بناتنا . ولا زال جزء هام من المجتمع يحجم عن ذكر أسماء النساء أمام الأغراب . وكم كانت تحدث مشاكل ونزاعات بين الأطفال لأن أحدهم تجرّأ وذكر أسم أم آخر .
وقد طفت هذه القضية على السطح بعد أن تناقلت وسائل الأعلام عن الأدوار التي كانت تلعبها زوجة الرئيس التونسي السابق ليلى الطرابلسي وما تم كشفه عن تدخلها في القرار السياسي والاقتصادي وكيف أصبحت مركزا للقوة والسلطة والنفوذ . ومثيلا لها زوجة الرئيس المصري المخلوع ومن سبقه وكيف كان أركان الدولة يحسبون لها ألف حساب يحاولون التقرب منها وإرضاءها لدورها في التعيين والعزل .
قارنوا ذلك بما رشح عن زوجة الرئيس مرسي وقولها بأنها لن تكون سيدة مصر الأولى بل الخادمة الأولى ، وأنها والعائلة لن تتدخل في عمل الرئيس ، وتفضل عدم الانتقال إلى القصر الجمهوري . وأنها لا تريد امتيازات لها أو لأولاد الرئيس .
وبعيدا عن المثالية فان المسئول إنسان لا يمكن فصله عن علاقاته الأسرية والعائلية ومن حقه مشاورتهم والأخذ برأيهم كباقي من يستشير . كما أن زوجة المسئول هي أيضا مواطن ومن حقها إبداء رأيها فيما يدور . وقد يكون رأيها أكثر حكمة واتزانا من بعض المقربين ربما لأنها ترى وتعلم ما لا يراه أو يعلمه غيرها .
وقد حدث هذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حيث غضب المسلمون من الاتفاقية وشروطها ، فذهب إلى أحدى زوجاته أم سلمة رضي الله عنها وقد كاد المسلمون أن يهلكوا لمخالفتهم لأمر الرسول ، فأشارت عليه رأيا وخرج ونفّذه وانتهت المشكلة . كما أن السيدة عائشة وباقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن روين عددا كبيرا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للقرب وخصوصية العلاقة .
فالمقصود ليس الاستشارة وإبداء الرأي والمشاركة في الأنشطة المختلفة ، وإنما الاستيلاء على جزء من القرار أو معظمة والتدخل في عمل زوجها واتخاذ قرارات نيابة عنه وباسمه بسبب كبر سنّه أو مرضه كما في حالة بورقيبة أو وقوعه تحت تأثيرها كزين العابدين أو الدور المتزايد للأبناء بمساعدة الأم سعيا لإيجاد وضع لهم في المستقبل على أمل التوريث ( بعد عمر طويل ) كما حدث مع حسني مبارك .
هل تبقى أم أحمد بعيدة عن الأضواء تعيش في شقتها زاهدة في حياة القصور ، وهل يبقى أبناء الرئيس في أعمالهم لا يحاولون استغلال وضع والدهم الجديد والحصول على مكاسب أو امتيازات . وهل يتركهم نفاق بعض المسئولين ووسائل الأعلام على فطرتهم دون تشويه أو أغراء . وكم تستطيع هذه الأسرة الصمود أمام شهوة السلطة والنفوذ ؟



تعليقات القراء

هذلول
الفاضل و ابن الاكرمين
الكاتب و الاستاذ
محمد بدر
ارجو قراءةالتعليق على مقالك الكريم
السابق
"زرعوا فحصدنا"
مع عظيم مودتي و احترامي
09-07-2012 04:21 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات