وبدأت الحرب


تعرضت الثورة المصرية لسلسلة من المحاولات المخططة بإحكام من أجل محاصرتها تمهيدا لاحتوائها أو تفريغها من أهدافها ومطالبها ، فيعود النظام السابق بوجوه جديدة ولكن بنفس النهج والعقلية . لقد تمكن الثوار وفي وقت قياسي تقريبا ( ثمانية عشر يوما ) سلميا من إسقاط أعتى نظام في الشرق الأوسط جثم على صدورهم وأذلهم وعطّل الديمقراطية ونهب الثروات والخيرات ، وسعى لتوريث السلطة لأحد أبناءه .
أُسقط في يد مراكز القرار في العالم وقد فوجئت بنجاحها . لم تضيع وقتا فبدأت تسابق الزمن ساعدها في ذلك قوى الثورة والقوى السياسية التي ارتكبت مجموعة من الأخطاء صبت في صالح أعداء الثورة والمخططات المعادية . وكان أول هذه الخطايا عندما وثقوا بالعسكر وسلموهم مقاليد الحكم وتركوا الميدان علما أن المجلس العسكري هو من أركان النظام السابق . والخطأ القاتل الثاني أن الثوار لم يستعملوا الأساليب الثورية في تطهير البلاد واجتثاث أتباع النظام السابق فبقيت مؤسسات الحكم ومفاصل الدولة بأيدي المناوئين للثورة الذين مروا بفترة بيات في البداية حتى تهدأ الأمور وتمر العاصفة ثم بدؤوا يكيدون ويفتعلون المشاكل .
لقد كانت كذبة كبرى والتي أشاعتها وسائل مختلفة وصدقها الثوار بان الجيش حمى الثورة والثوار علما أن كل ما قام به بعد معركة الجمل انه وقف على الحياد تمهيدا للدور الذي سيقوم به و المرسوم له .
أدى المجلس العسكري دوره بذكاء ودهاء . فبدأ بسياسة الاحتواء ، ثم استخدم نظرية فرق تسد ، فقرب اكبر فصيل فابتلع الطعم ، وكان لذلك دور كبير في تشتيت قوى الثورة . حل التنافس بدل التشارك ، والعداء بدل الوحدة ، وكان هذا المخطط الشيطاني حتى عندما يستفرد بهذا الفصيل لا يجد بواكي له . ثم قام بخطوة أخرى لأضعاف التيار الإسلامي فأغرى بعض السلفيين بإنشاء أحزاب سلفية لمنافسة الأخوان المسلمين وأضعافهم . ففعلوا بعد أن كان أغلبهم يحرم العمل السياسي ويعتبر الديمقراطية رجس من عمل الشيطان وصناعة غربية .
أما عن المشاكل والأزمات التي افتعلها فهي كثيرة كان يقصد بها أن ييأس الناس ويكفروا بالثورة وينفضوا عنها ويصفقوا للمخلص القادم . فكان الفلتان الأمني الشديد وأزمات البنزين والسولار والخبز والاحتجاجات المتتالية من قطاعات مختلفة ، والحرائق الضخمة المجهولة السبب وأحداث بور سعيد . وتحريك فصائل للاحتكاك بالأمن والجيش وحدوث المزيد من حالات القتل والإصابات بين الناس .
وضع خريطة طريق للمرحلة الانتقالية ملأها بالألغام لتكون جاهزة للانفجار عند الحاجة لتأجيل تسليم السلطة والإمساك بزمام الأمور والاحتفاظ بالصلاحيات . وعندما اُنتخب مجلس تشريعي لم يكن كما يريد أفرغه من صلاحياته وأشغله بمشاكل متتالية .
ومع بدء الترشح لانتخابات الرئاسة أوعز لأثنين من النظام السابق للتقدم للترشيح الأول تكتيكيا هو عمر سليمان والثاني أصيلا وهو أحمد شفيق . ثم استبعد اثنان من المرشحين الأقوياء الشيخ حازم وخيرت الشاطر ومعهما عمر سليمان ذرا للعيون ، وأبقى على احمد شفيق مرشحا له .وبعد الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة وعندما تأكد أن فرص مرسي أكبر بدأت الحرب المبكرة ضده بعدة طرق منها :
أولا ) إصدار قوانين الضابطة العدلية والتي تعيد البلاد إلى حالة الطوارئ تحسبا للمستقبل ولأي طارئ .
ثانيا ) أخرج القانون ( اللغم ) الذي وضعه وتمت عليه انتخابات مجلس الشعب وطلب من المحكمة الدستورية النظر فيه فقامت وبسرعة غير معهودة وقررت إبطال القانون فقام المجلس العسكري بحل مجلس الشعب المنتخب .
ثالثا ) أطلق آلته الدعائية والإعلامية ضد مرسي وجماعته للتشهير بهم مستخدما كتّاب وإعلام التدخل السريع
رابعا ) إعاقة تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور بشتى السبل حتى يأتي الرئيس القادم دون دستور وبصلاحيات غير معروفة .
خامسا ) إضافة نصوص جديدة للإعلان الدستوري تحصّن المجلس العسكري وتجعله هو الحاكم الفعلي وفي نفس الوقت جعل الرئيس المنتخب خالي الدسم عديم الصلاحيات .
إن أمام الرئيس مرسي مطبّات كثيرة عليه اجتيازها معتمدا على الشعب صاحب الثورة ومفجرها . لقد بدأت معركة مفتوحة لجعل الرئيس مجرد رئيس شرفي . هذا سيناريو أُعد بدهاء ونحن بانتظار الحلقة الأخيرة والتي سيكون أبطالها الشعب المصري العظيم بقيادة الرئيس المنتخب محمد مرسي وتيار الثورة . لقد فرحت جموع الشعب المصري ومعهم كثير من الشعوب العربية والعسكر يريدون سرقة فرحتها واختطاف إرادتها . أملي أن يجتاز أول رئيس منتخب فعليا كل العقبات والألغام من طريقه وتنفيذ برنامجه . فهل يحمي الشعب ثورته وخياراته أم يكمل المجلس العسكري مسرحيته فالأيام حبلى بالمفاجئات وإرادة الشعوب لا تقهر . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .



تعليقات القراء

هذلول
الفاضل و ابن الاكرمين
الكاتب و الاستاذ
محمد بدر
(فهل يحمي الشعب ثورته......الخ)
للاجابه عليك بقراءة كتاب:
"الامير"
لنيكولا مكيافيللي
عدة مرات
ما علينا
طلبت رقم هاتفي و بريدي عدة مرات
و ارسلتها لك على بريدك
جراسا و المحرر المبجل
19-06-2012 08:13 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات