اللصمة


منذ أيام تذكرت أمي ، في العادة لا يفارقني ذكراها ، ولكن موقف ما ، هو ما ذكرني بها أكثر ، ويا الله كم أعادتني لسنين مضت من العمر وأرجعتني لوقت كان الشعر فيه أسود ولم يغزوه بعد جراد الشيب وإن كان قد غزى القلب أبكر .

المشهد الذي تذكرته كان وقت قدوم أبي من المستشفى ، بعد أن أعلمه الطبيب بأن كل محاولات الانعاش تكسرت في مواجهة سيف القدر النافذ ، وان الكيماوي لم يتمكن من السيطرة بل أن المنية هي التي سيطرت على أمي .

أول شيء عمله والدي وقت عودته إلينا هو أن أرتدى الشماع ووقتها تلصم ، منذ ذلك الوقت علمت بأن لصمة الشماغ هي قمة الحزن ، وهي ستره وغطاءه ، وإن الأردني عندما " يطق اللصمة " إنما يحاول إخفاء همه وحزنه ، ويستر دمعا حرى ترقرق من القلب دما قبل العيون . وكيف لا يتلصم والدي على رفيقة الدرب والمشوار .

هناك أصوات محتجة على الحكومة بسبب نيتها لرفع الأسعار لغايات تعويض العجز على ظهورنا العاجز أساسا عن حمل ولو قشة جديدة ، وهناك شعارات وحملات رافضة لذلك مثل " صمتك بكلفك " ، " معا ضد ارتفاع الأسعار " ... ألخ ، هناك من يدعو الى توحيد صور " البروفايل " على الفيس بوك بشكل يدل على الاحتجاج والرفض .

برأيي هذه الشعارات والصور غير مجدية ، ولابد من وجود شعارات وصور أكثر عمقا وأكثر فعالية مع الموقف لتوصل رسالة مفادها الرفض الصريح الذي لا يقبل التاويل المعتاد .

لماذا لا نشكل معا حملة ونطلق عليها " حملة طق اللصمة " ، أو " اتلصموا معا " ، ولماذا لا نوحد جميعا " البروفايل " الخاص بنا ، ونجعله صورة لرجل متلصم . في رأيي سيكون الموقف أصعب وثمة أحد سيشعر بنا ، يكفي أن عبارة "طق اللصمة" تحمل جدية أكثر ورفضا أعمق من الوهلة الأولى وجزالة في المعنى .

على فكرة " اللصمة " ليست فقط تعبيرا عن الحزن والهم ، فالبدوي عندما يغضب ويشعر أن المنية قادمة بين صليل السيوف أو بأنه سيضام ، لابد أيضا أن يطق اللصمة .

المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

انوار محارمة
كلامك صحيح واتمنا من الجميع ان يطبقو الحملة وان تنتشر على الفيس بوك
21-05-2012 08:35 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات