الطفولة السياسية


نظرة فاحصة لما يجري في الساحة الأردنية من حراكات شعبية وحزبية تعبر عن نفسها بمسيرات سلمية طارحة شعارات جمة تتمثل بالسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقي معها في معظمها وجلها ولكني سأتطرق فقط إلى شعار واحد وهو ( المطالبة بإسقاط اتفاقية وادي عربه).
استغرب اشد الاستغراب وعظيم دهشتي لرفع هذا الشعار في الوقت الذي تعاني فيه أنظمتنا العربية من الانقسام والتشرذم وتكالب الأعداء من كل حدب وصوب ، بل إنني أرى أيضا إن هناك استضراطا بالأنظمة العربية وامتنا العربية .
أضف إلى ذلك إن النخب العربية ومثقفي الأمة وطلائع الأمة في غالبيتهم العظمى والمؤسسات التربوية والعلمية ومؤسسات المجتمع المدني لم يأخذوا دورهم الوطني سواء على المستوى القطري أو القومي في خلق جيل عربي واع ومثقف ومنتمي لعروبته وأمته العربية وتعظيم وترسيخ القيم والسلوكيات الأخلاقية المستمدة من روح الأمة ورسالتها الخالدة الإسلام . فنبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم ينجح في تبليغ الرسالة السماوية إلا بسمات شخصية أخلاقية عليا تمتع بها ، ولذا خاطبه سبحانه وتعالى بقوله : لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .
وانطلاقا مما تقدم : كيف يجرؤن على رفع هذا الشعار في هذا الزمن الرديء.. زمن الأنانية والكراهية وحب الذات والنرجسية وتقلد المناصب والقيادة وبأي ثمن بالضد من مصالح الوطن والشعب ؟ أفكروا قليلا ماذا يعني هذا الشعار وما يترتب عليه من نتائج في حال إسقاط اتفاقية وادي عربه؟.. الم يعوا بان إسقاط اتفاقية وادي عربه يعني فيما يعني احتمالية الدخول في مواجهة مع العدو الصهيوني .. الا يتطلب ذلك في حالة إسقاط الاتفاقية أن نعزز من تواجدنا العسكري على الحدود الأردنية الصهيونية والتي يبلغ مداها مايقارب إل (650) كم وهو أطول خط مواجهة مع العدو الصهيوني ؟ وكم سيكلفنا هذا التعزيز والاستنفار ونحن نعيش في وضع مالي صعب جدا ؟؟ الم يعوا بأننا غير قادرين على مواجهة العدو الصهيوني لوحدنا ضمن ظروف أنظمتنا الحالية والتي سبق أن بينتها ؟؟؟ الم يعوا ... وألم يعوا....؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!.
فان كانوا يعوا رافعي هذا الشعار تكاليف تحقيقه على ارض الواقع بالمفهوم السياسي ، فان ذلك يدل دلالة واضحة وأكيدة إن الحراكات الشعبية والحزبية التي تطرح هذا الشعار تعيش مرحلة الطفولة السياسية ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج الفكري والسياسي واستشراف المستقبل بناءا على وقائع حاضرنا وحاضر امتنا الذي لا يسر صديقا وعدم وضوح الرؤيا.
ومن جانب آخر لربما هناك نوايا باطنية لبعض قيادات الحراكات الشعبية والحزبية ،تسعى حقا لتدمير الوطن وإنهاء وجوده على الخارطة السياسية لأهداف وأجندات خاصة خدمة لمصالح شخصية وأجنبية.
إذن ماهو المطلوب من الحراكات الشعبية والحزبية :
أولا: قبل طرح أي شعار، عليهم دراسة إمكانية التحقيق على ارض الواقع بما يحفظ الوطن والشعب والهوية.
ثانيا:إن تتوحد الحراكات الشعبية والحزبية ولو على الحد الأدنى وتطرح وثيقة وطنية يتم تقديمها إلى الحكومة وتتحاور معها والخروج بعد الحوار بوثيقة متفق عليها بينها وبين الحكومة واكرر ولو بالحد الأدنى وتحديد مدة زمنية لتحقيقها على ارض الواقع.
ثالثا:وليعلم الجميع إن الصدام مع الدولة ضمن الظروف الذي ذكرتها بداية، احتمال كبير أن يؤدي بنا إلى : لا هدفا حققنا ولا وطنا وهوية أبقينا.
رابعا:إن الاستمرار في المسيرات الشعبية والحزبية،تركت وستترك آثارا سلبية ووخيمة على الوطن والمواطن على حد سواء،لذا فإنني أهيب بالجميع واقصد الحراكات الشعبية والحزبية والدولة ممن يحبون الوطن والهوية إلى دراسة عميقة للواقع الأردني والعربي والدولي وما يدور حولنا حتى لا نقع ضحية أوهام وتصورات تؤدي بنا إلى الهلاك والخروج بالوفاق والاتفاق وفي ذلك مصلحة للجميع.
حمانا الله سبحانه وتعالى جميعا وطنا وشعبا من الرعونة والطفولة السياسية والانجرار وراء بعض من لهم أجندات خاصة وأجنبية.
عاش الوطن عاش الوطن عاش الوطن
وليخسأ الخاسئون وليخسـأ الفاسدون والمفسدين ومن والاهم.
آمين أمين آمين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات