النضال ضد الرجعية النضال ضد الرجعية


ان احد العناصر الرئيسية لحركة التحرر الوطني في مختلف مراحل تطورها في بلدان الشرق هو النضال ضد الايدولوجيا الرجعية , والتصدي لمحاولات الطبقة الرجعية " كبار الملاك والاقطاعيين والبرجوازية الكمبرادورية " الرامية الى بقاء الجماهير المتخلفة من الكادحين تحت سيطرتها كان احد الشروط الحاسمة لنجاح حركات التحرر الوطني في الحقبة الاستعمارية الاوروبية على الشرق .

وبالرغم ان ممثلي الطبقات الرجعية كانوا يساهمون بانفسهم احيانا في هذه الحركات فأن ضرورة فضح ايدولوجيتهم والكشف عن جوهرها و حقيقة ممالأتها للامبيريالية كان يمليها واقع ان الاهداف والمهام التي كانوا يضعونها امام الحركة الوطنية لم يكن يجمعها جامع ومصالح الشعوب المستعبدة , ولم يكن ممثلوا الطبقات الرجعية يساهمون في حركة التحرر الوطني بدافع الرغبة في الاطاحة بانظمة العبودية الاستعمارية بل بدوافع اخرى هي :
. الرغبة في الحصول على الحصة الاكبر من الارباح المجنية عن طريق استثمار الموارد البشرية والطبيعية في بلدانهم فسلب الامبيريالية لبلدانهم قلل من مداخيلهم التي كان " من حقهم "الحصول عليها ". . الرغبة في حصر الحركات المعادية للامبيريالية ضمن نطاق محدود واعطائها الصبغة والشكل الذي لا يهدد امتيازاتهم.
. بالرغم من مساهمة هذه الطبقات الرجعية في حركات التحرر الوطني بشكل محدود بالطبع فأنها كانت الركيزة الاجتماعية السياسية للانظمة الاستعمارية ولم تكن مصالحها تتناقض مع مصالح المستعمرين الساعين لتأمين وجودهم لذا فان نزعة العداء للامبيريالية لدى الطبقات الرجعية كانت في احسن الاحوال تتخذ شكل المعارضة العلنية المسموح بها حتى تلعب دور صمام امان لتصريف السخط السائد بين الجماهير الشعبية الواسعة , بينما كانت تشكل مع المستعمرين العقبة الرئيسية على طريق تحرير الشعوب المستعبدة .
. من هنا تنبثق صرورة النضال المستمر ضد الطبقات الرجعية وضد ايدولوجيتها التي كانت تستخدم لشل حركة الجماهير الشعبية الواسعة الساعية الى التحرر , وكان هذا النضال احد الشروط الرئيسية لتفجير ثورات التحرر الوطني , واحد المقدمات الضرورية للاطاحة بانظمة العبودية الاستعمارية .
ولا يزال النضال ضد الطبقات الرجعية وايدولوجيتها يتمتع باهمية بالغة في المرحلة الحالية , فبعد ان حطمت البلدان النامية نظام الامبريالية الاستعماري ونالت استقلالها السياسي وجدت نفسها وجها لوجه امام واقع صارم يفرض عليها ضرورة ازالة مخلفات الظلم الاستعماري الطويل خلال فترة تاريخية جد قصيرة , اذ لا يمكن التفكير جديا بانشاء اقتصاد عصري ورفع مستوى الجماهير المعاشي , ولا يمكن تنفيذ المهام المطروحة الا عن طريق اجراء تحولات اقتصادية واجتماعية جذرية سريعة , وتغيير الوضع في المجال الزراعي جذريا باعتبار ان هذا المجال لا يزال حتى الان اساس الاقتصاد في البلدان المتحررة . كما ينبغي الغاء نظام الملكية الكبيرة للارض مع كل ما يرتبط بها من مخلفات اقطاعية , وتعبئه الموارد الوطنية من اجل تطوير الصناعة باكبر سرعة ممكنة , وذلك عن طريق استخدام وسائل فعالة تساعد على تحقيق هذا الهدف مثل الاستعانة بالقطاع العام وما شابه .
. تدل خبرة العقود الاخيرة من السنين على ان تحقيق الاماني التي ظلت زمنا طويلا تداعب خيال الجماهير الشعبية الواسعة في البلدان المتحررة لا يمكن بلوغها عن طريق التطور الراسمالي وليس هناك من طريق يمكن ان يؤدي الى توفير المقدمات الضرورية لحل المسائل الملحة سوى الطريق اللاراسمالي لتطوير الاقتصاد الوطني وتغيير العلاقات الاجتماعية.

كما تبرهن هذه الخبرة كذلك على ان من المتعذر اجراء اصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية بدون نضال حازم لاهوادة فيه ضد الطبقات الرجعية بهدف اجلائها عن مواقفها الاقتصادية والسياسية والايدلوجية اذ ان هذه الطبقات باحتفاظها بفعالية اقتصادية كبيرة واعتمادها على مخلفات الاقطاعية في اذهان جماهير الكادحين الواسعة وتحالفها مع الامبيريالية لاتتورع عن خيانة المصالح الوطنية للشعوب المتحررة وعن تنظيم حركات التمرد المسلح واقامة ديكتاتوريات عسكرية شبه فاشية في سبيل الحفظ على مصالحها وامتيازاتها . لذا فان النضال ضد الطبقات الرجعية وايدلوجيتها يظل دائما في مركز اهتمام القوى التقدمية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات