"نعم لقانون انتخاب عصري يعيد للمجتمع تماسكه


جاء في الأخبار التي سربتها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية هذا اليوم ما نصّه : " وستبقى دوائر البدو الثلاثة مغلقة على سكانها ولم تحسم امكانية السماح للبدو في الترشح ضمن القوائم الوطنية." انتهى .

لقد شعرت بصدمة مذهلة لأنني تأكدت بأنّ ولاة الأمر وأهل العقد والحل بكلّ أسف لا يزالون يعيشون بعقلية أهل الكهف , ومبدأ ( الصبّة ) الخضراء ,فرأيت أن أتحدث عن قبيلة بني صخر أو البادية الوسطى تاركا الحديث عن الباديتين الجنوبية والشمالية لئلا أتهم بالافتئات على أهلها لعدم معرفتي بأحوالها بشكل دقيق , فأقول بكل أسف ومرارة وألم أنّ الدولة الأردنية , وقادة الفكر والرأي في الأردن لا يزالون مصرين على نظرتهم إلى قبيلة بني صخر باعتبارها قبيلة بدوية,ويعاملونها على هذا الأساس, مصرين على إبقاء دوائرها الانتخابية مغلقة فلا يسمح لغير ابن القبيلة أن ينتخب فيها, ولا يسمح لابن القبيلة أن يرشح نفسه إلا لهذه الدائرة , وتأتي الطامة بالخبر أعلاه حيث لم يحسم بعد السماح لهم بالترشح للقوائم الوطنية خلافا لما حصل في نقابة المعلمين , ويتساءل كلّ عاقل ما هو المبرر الذي يمنع رجلا كان رئيس وزراء للأردن أو وزيرا في حكومة المملكة الأردنية الهاشمية , أو مدرس جامعي , أو أحد باشوات الجيش أو الأمن , وجده رقم أربعين مدفون في الأردن ثم لا يسمح له بالترشّح في القوائم الوطنية , ويجبر على خوض الانتخابات في دائرة محددة مغلقة .

إنّ ذلك ليؤكد بأنّ الجهات الرسمية لا تزال تتخبط في التعامل مع هذه الشريحة وتجهل واقعها جهلا فظيعا مضحكا مبكيا , ولو اقتصر الأمر على التمثيل السياسي في مجلس النواب لهان _ وهو ليس بالهيّن ولكنّ الأمر يتعدى إلى فهم مغلوط إلى واقع هذه القبيلة , يؤدي قطعا إلى رسم سياسات غير صحيحة,وقرارات خاطئة في رعاية شؤون هذه الشريحة,وكيفية التعامل معها,وذلك أنّ صانع القرار عندما يتعامل مع هذه القبيلة باعتبارها قبيلة بدوية فإنّه سيظل متأثرا بما يعرفه من طبائع الحياة البدوية التي أفاض ابن خلدون في مقدمته المشهورة في وصفها, وأهم ما يعنينا هنا ما أشتهر به البدو من نقص في التعليم,وأنفة من العمل اليدوي,واحتقار له ,وطالما سمعنا من صناع القرار,وكبار المسؤولين اتهام الشعب الأردني بشكل عامّ ,وأبناء القبائل بشكل خاصّ باحتقار العمل اليدوي,والترفع عنه, وشاع في أوساط هؤلاء المسؤولين مصطلح ( العيب الوظيفي),وتلقفته الصحافة, ونشرته, فراج في أوساط الغوغاء, والدهماء التي تردد ما تسمع دونما تفكير, أو إعمال نظر....

فلو لم يكن من خطايا هذه النظرة الخاطئة إلا هذه الخطيئة لكانت كافية لضرورة إعادة النظر في هذه المصطلحات ومدلولاتها التي لا وجود لها على أرض الوقع , والتي ساهمت مساهمة كبيرة في تضليل صناع القرار في تعاملهم مع هذا الوقع المخالف تماما لما هو متصوّر عنه,وإنّ هذا الخطأ في فهم الواقع الحقيقي لهذه القبيلة بشكل خاصّ ,وسائر ما يسمى بقبائل البادية بشكل عامّ_ لهو من أهمّ عوامل تعثر مسيرتها الحياتية مقارنة مع سائر شرائح المجتمع الأردني - إن صحّ التعبير - .

إنّ البداوة طريقة عيش تقوم على تربية الماشية من إبل , وغنم , وبقر , وطبيعة هذه الثروة تفرض على أصحابها عدم الاستقرار , وتضطرهم إلى الترحال بحثا عن الماء , والكلأ , والفرار عن الأخطار في زمن غابت فيه سلطة الدولة , وقد عاشت بلاد العرب حياة من الفوضى , وانعدام الأمن , وهذه الحياة القاسية فرضت على أهلها نمطا من السلوك تطبعت به تلك القبائل فظنّه الجاهل بشؤونها طبعا وما هو بطبع, وإن هو إلا سلوك مكتسب فرضته حياة قاسية لا ترحم.
ولمزيد من التوضيح أودّ التذكير بأنّ القبائل العربية ومنها قبيلة بني صخر قد مرّ عليها حين من الدهر كانت شبه مهملة تماما من قبل الدول التي كانت تحكم البلاد العربية , فلم تلتفت إليها تلك الدول , ولم تعدّها من مواطنيها التي يجب عليها رعايتهم والاهتمام بشؤونهم , فتركتهم يلاقون قدرهم بأنفسهم , ولم تهتم بإخضاعهم للنظام , ولم يحدثنا التاريخ عن إغاثة لهم في نكبة تعرضوا لها , وما أكثر النكبات التي تعرضوا لها من القحط والجفاف , وانتشار الأوبئة والأمراض , ونكبات الغزو والحروب ..... فانعدم شعور هذه القبائل بالانتماء لتلك الدول , وعاشوا بكيانات شبه مستقلة تحكمها أعرافهم , وقوانينهم الخاصّة , تلك القوانين والأعراف التي بها تمكنوا من العيش في ظلّ تلك الفوضى العارمة بسبب غياب السلطة المركزية ...وقد قامت تلك الدول باستخدام تلك القبائل أسوأ استخدام , فزرعت بينها بذور الفتنة , ودعمت بعض القبائل وحرضتها على بعض أخواتها من القبائل , كما استخدمتها في قمع انتفاضات وثورات المدن والريف , وبالمقابل استخدمت أهل المدن والريف في قمع القبائل البدوية فيما يسمى بحركات تأديب القبائل , وقد ترتب على هذه السياسة نفرة أهل المدن من البدو والبادية , ونظروا إليهم نظرة شكّ وريبة وعداء , وربما كان هذا الشعور متبادلا بين الطرفين , وغاب المصطلح الذي حاول ترسيخه النبي ( صلى الله عليه واسلم ) حيث قال عن بعض قبائل البادية : " هم أهل باديتنا , ونحن أهل حاضرتهم , إن دعونا أجبناهم ,وإن دعوناهم أجابونا " وغابت السياسة الراشدة التي قامت على تأليف البدو , وتحضيرهم , وتهذيبهم , والاهتمام بهم إذ يقول عمر بن الخطاب في وصيته للخليفة من بعده " وَأُوصِيهِ بِأهل البادية خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ، وتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، ْ]. .....

ولا أريد الاسترسال في هذا المنحى فهو أمر يطول شرحه , ولكن الذي أريد قوله أنّ القبائل العربية قد أهملت إهمالا مريعا طيلة فترة الحكم المملوكي والعثماني , وعادت إلى أوضاع أشبه بما كانت عليه قبل الإسلام , وبدلا من أن يلتفت علماء الأمّة الإسلامية , ومفكروها لهذا الخلل الناتج عن الإهمال السياسي فقد تفننوا في مهاجمة سلوك هذه القبائل , واتهامها بمختلف التهم مؤصّلين لذلك بآية من القرآن بعد أن انتزعوها من سياقها في النصّ القرآني الكريم , وبعد أن جردوها من ظروفها التاريخية , وأعني بها قوله تعالى : "الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " , مع أنّ هذه الآية تحمل تفسيرها في ثناياها فهي تبين أنّ شدّة الكفر والنفاق من قبل هذه الفئة من الأعراب هي بسبب البعد عن الحاضرة التي هي مركز العلم , وفيها ينزل الوحي , ويقيم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولدى التدقيق في هذا المعنى نجد أنّ تلك الفئة قد اشتدّ كفرها ونفاقها بسبب جهلها بما أنزل فأسفل منها دركا , وأحقر منها منزلة من ارتضى الكفر والنفاق , وخذل دولة الحقّ وهو يقيم مع النبي ويشاهده صباحا ومساء , ولا أريد الاسترسال في هذا المنحى فيتحول مسار البحث إلى جهة أخرى فأكتفي بهذه الإشارة , ولكن الذي أريد تقريره أن تلك الدول المتعاقبة لم تقم بواجبها الشرعي والإنساني تجاه القبائل العربية فتركتها مهملة طيلة عدّة قرون , ولا تلتفت إليها إلاّ إذا أرادت زجّها في فتنة تخدم صراعات الساسة المتناحرين في ذلك الزمن , أولئك الساسة الذين لا يشعرون بأدنى مسؤولية تجاه هذه القبائل إذ يرون أنّ من يحمل الجنسية , ويتمتع بحقوق المواطنة هم أهل الحواضر فقط , وإن اقتربت تلك القبائل من مراكز السلطة أرهقوها بالضرائب والإتاوات التي لا تؤخذ من أغنيائهم وتعود على فقرائهم كما رسمت ذلك السياسة الشرعية , والسنة النبوية , ولكن خلافا لهذه وتلك تؤخذ من كرائم أموالهم قسرا وتذهب إلى غير رجعة ... وكانوا يتعاملون معها بمنتهى القسوة والوحشية , وما أكثر ما يحدثنا تاريخ تلك الفترة عمّا يسمى بحملات تأديب القبائل حيث تقوم تلك الحملات العسكرية بسفك الدماء , ونهب الأموال مما لا يرضاه لا شرع ولا عقل .

لقد حالت تلك السياسة الظالمة دون تحضّر تلك القبائل , واستقرارها, وحالت دون استفادة الأمّة من تلك الطاقات البشرية الهائلة , وما ظهر فيها من شخصيات فذّة لو وجدت من يحسن استخدامها , ويضعها في المكان المناسب لدخلت التاريخ من أوسع أبوابه , ولئلا ينقلب بحثنا هذا إلى بحث تاريخي في الحياة السياسية للقبائل العربية لأنني في هذا المقام لست معنيا بالبحث التاريخي الشامل , ولكن أردت أن نصل معا إلى سرّ تمسك قبيلة بني صخر وغيرها من القبائل طيلة تلك القرون بحياة البداوة على الرغم من أنّ طلائع هذه القبيلة قد وصلت للشام التي تمثّل جنّة الدنيا منذ أكثر من ستمائة عام , أو تزيد , ومن بقي منهم في الحجاز كان لهم زرع في واحاتها , وعلى عيونها المتفجرة في منطقة العلا وما حولها .

إنّ السرّ في ذلك واضح وهو يتمثل في سوء السياسة التي كانت تمارسها دول ذلك العصر , فمن ارتبط بالأرض وأتجه للزراعة تحول إلى قنّ مستعبد يكدّ ويشقى ويصادر إنتاجه دونما خضوع لقواعد الشرع الحنيف فيما يتعلق بالزكاة والخراج , وإن رفض أو ثار تعرض للسحق والمحق , وعليه فلا تلام هذه القبائل على عدم ترك حياة البداوة , والتوجه لحياة الاستقرار ؛ لأنّ الاستقرار يعني الاستعباد والذل والهوان , فكان أمر طبيعيا أن ترفض قبيلة بني صخر محاولة ربطها في الأرض التي حاولها بعض حكماء شيوخها تمشيا مع سياسة الدولة العثمانية التي حاولت ذلك مع القبائل في حدود 1860م تقريبا , ومع هذا فقد بدأت هذه القبيلة في الاستقرار التدريجي منذ منتصف القرن التاسع عشر , وبدأت تملك الأرض وتزرعها بواسطة مزارعين , مع محافظتها على حياة البداوة , والترحال لعدم ثقتها بسياسة الدولة التي عانت منها الأمرين طيلة القرون الماضية والتي انتزعت مرج بني عامر من أيديهم في زمن سابق ... ومما لا شك فيه أنّ هذا التوجه للزراعة لدى قادة القبيلة وبعض عشائرها يعد من المحطّات الهامّة في التاريخ المعاصر لهذه القبيلة .

أمّا المحطّة الهامّة فهي المشاركة في الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف الحسين بن علي وأنجاله الكرام , والتي قامت من أجل طرد الترك , وتأسيس دولة عربية حديثة , فقد شاركت قبيلة بني صخر وغيرها من قبائل الأردن بادية وحاضرة مشاركة فعّالة في تلك الثورة , وساهمت مساهمة فعالة في تأسيس وبناء الدولة الأردنية الحديثة , وربما شعرت لأول مرّة أنّها تتفيأ ظلال دولة قامت على عقد اجتماعي بالرضا بين جميع الأطراف , ولم تقم بالقوّة والقهر , ولأول مرّة ربما في التاريخ يشعر فيه البدوي أنّه يعيش في ظلّ دولة يلجأ إليها إذا رهب ويستغيثها إذا نكب , ويحسب حسابها إذا غضب ..... وما ذلك إلاّ لثقته بهذه الدولة , وقدرتها على توفير الأمن وكيف لا وهو يشاهد أبنائه هم من مؤسسي جيشها ضباطا , وضباط صف , وجنودا وما جاء عقد الخمسينات من القرن العشرين إلاّ واتجهت جميع العشائر لزراعة الأرض وإن كان ذلك على نطاق محدود , ولغاية الاكتفاء الذاتي للأسر .... ومع هذا فقد كانت الدولة الناشئة مضطرة لمعاملة قبائل البدو الرحّل معاملة خاصّة فتركت لهم قانون العشائر , وخصصت لهم كوتا في مجلس النواب ؛ لتعذّر اجتماعهم للمشاركة في الانتخابات.

وما جاء عقد السبعينات إلاّ وقد قامت أكثر العشائر تمسكا بحياة البداوة ببناء القرى , ودخول المدارس , وأصبح الذين يعيشون حياة الاستقرار التامّ أكثر من 90% والبقية من مربي الأغنام الذين أصبحوا شبه مستقرين , وإن ارتحلوا فإنهم قريبي النجعة بخلاف ما كانت عليه الحال في زمن الإبل التي تفرض على أهلها عدم الاستقرار وبعد النجعة , وإدراكا من الدولة لهذا التغيير الجذري الذي وصلت إليه حال هذه القبيلة وأخواتها فقد صدرت الإرادة الملكية عام 1976م بإلغاء قانون العشائر ومحاكمها .
وإذا نظرنا إلى التعليم فإننا نجد أنّ أحدث القرى تأسيسا قد أنشئت مدارسها في بداية عقد السبعينات , أيّ أنّه مضى على تأسيسها حوالي أربعة عقود , ولذلك فإنّ أكثر من 90% من مواليد عقد الستينات من الجنسين قد دخلوا المدارس , وأمّا الأجيال التي بعدهم فإن نسبة لا تقل عن 80% قد أنهوا المرحلة الإلزامية ( الصف التاسع ) , والذين وصلوا المرحلة الثانوية لا تقل نسبتهم عن 50% , ولا أريد أن أقول أن حملة شهادة الدكتوراة والماجستير من أبناء هذه القبيلة بالمئات وحملة البكالوريوس بالآلاف , ,ودعك من مئات الشخصيات الذين شغلوا مواقع قيادية في مؤسسات الدولة , وفي القوات المسلحة .

وتأسيسا على ما تقدّم أستطيع أن أقرر جازما ما يلي :
1. أنّ 80% من مواليد السبعينات , و90% من الأجيال التي بعدهم لا يعرفون عن حياة البداوة إلاّ ما يشاهدونه في المسلسلات البدوية التي يعرضها التلفاز أو ما يسمعونه من كبار السنّ , وعليه فأن قبيلة بني صخر لم تعدّ قبيلة بدوية , فهي قبيلة تصنّف من أهل الحضر , ولا فرق بينها وبين أخواتها من العشائر المتحضرة كقبيلة عباد , وبني حسن , وبني حميدة , وعشائر البلقاء , وعشائر الكرك والطفيلة , فحياتها لا تختلف عن حياة تلك العشائر والهموم واحدة , والآمال , والآلام واحدة , ومستوى المعيشة متقارب إن لم يكن واحدا , ومطالبها واحتياجاتها واحدة .
2. أنّ قبيلة بني صخر مندمجة مع المجتمع الأردني اندماجا تامّا , وترتبط مع جميع شرائح المجتمع الأردني بجميع الروابط الإنسانية من جوار , ومصاهرة , وخؤولة , وصداقة , وشراكة اقتصادية , وهذا الاندماج لم يكن طارئا على هذه القبيلة , فهي قد ارتبطت بمعظم عشائر الأردن وفلسطين بعلاقات طيبة منذ القدم وقبل قيام الدولة الحديثة , ومن يظنّ أنّ علاقتها مع عشائر وقبائل الأردن وفلسطين قائمة على النهب والسلب والحروب فإنّه من الجاهلين بالتاريخ قطعا , ومن كان في ريب من ذلك فليعمل إحصائية للقبائل والعشائر التي كانت ترتبط بقبيلة بني صخر بروابط البنعمة , والحلف , وسائر الروابط المعروفة في ذلك العصر , وكذلك ليعد لتاريخ وأحداث الصدامات المسلحة التي حصلت بين بعض تلك العشائر وبين هذه القبيلة , وسيكتشف أنّها كانت صدامات عابرة لم تمنعها من التحالف لصدّ موجات القبائل القادمة من الشرق , أو القوى القادمة من الغرب كالغزو الفرنسي لفلسطين عام 1799م , والاحتلال المصري في ثلاثينات القرن التاسع عشر , وكذلك مشاركتها في حركة الجهاد في فلسطين عام 1947م ...
3. لا يجوز الخلط بين حياة البداوة والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية فهذه ليست من خواصّ المجتمع البدوي , وإنما هي من مستلزمات المجتمع العربي لا فرق بين باديته , وحاضرته , وهي لا تختصّ بفئة دون فئة , مع ملاحظة أنّ العرف العشائري لا يمكن الاستغناء عنه لا لأنّه من خواصّ المجتمع البدوي أو العربي ذي الأصول البدوية كما يتوهم عرب اللسان ؛ ولكن لأنّه رديف للمؤسسة القضائية النظامية في كلّ عصر ومصر وإن اختلفت أسماؤه فإنّ مسمّاه موجود في جميع مجتمعات الدنيا مع فروق تتناسب مع الفروق بين المجتمعات البشرية
4. يجب فضح خرافة ( ثقافة العيب الوظيفي ) التي لا وجود لها , وأن يكون الحديث عن تحسين شروط العمل المهني , فلو توفّر العمل اليدوي بشروط جيّدة لما ترفع عنه أبناء القبائل والعشائر ؛ لأنّهم حقيقة لم يترفعوا عنه قط , وإنما فضلوا عليه وظائف القطاع العامّ لما تحققه من أمن وظيفي , وامتيازات لا يجدونها في القطاع الخاصّ , وليس سرّا أن نقول أن شبابنا يتعرض لمضايقات من أرباب العمل في القطاع الخاصّ لدفعهم لترك العمل علاوة على تدني الرواتب , وضياع الحقوق التي يلتزم بها أرباب العمل في العالم المتقدم وهذا الأمر يجب أن تخصص له دراسة عميقة , شاملة , نزيهة بدلا من الفرار من مواجهة هذه المشكلة وإلقاء اللوم على خرافة ( ثقافة العيب ) .
5. رفض مبدأ الدوائر المغلقة التي لا يوجد أيّ مسوّغ لإغلاقها , فأهلها ليسوا أقلية عرقية ولا دينية , وليسوا من طينة تختلف عن طينة أهل الأردن , فما هم إلاّ عرب مسلمون وتمتد جذورهم في هذا الوطن مئات السنين , ونقول لمن يخشى على مكاسبهم المزعومة , ويخشى أنّهم سيعجزون عن الوصول لمجلس النواب إن فتحت دائرتهم_ لا أقال الله عثرتهم إن عجزوا عن منافسة إخوانهم من أبناء الأردن , فليطمئن الحريصون على مصلحتهم فلا خوف عليهم من المنافسة .
6. أمّا ما يتعلق بقانون الانتخاب بشكل عام فإنني أقترح ما يلي :
• تبني الصيغة التي قدمها أ.د. محمود الكوفحي في مقاله "مجلس الأمة الذي نريد " والمنشور على المواقع الإكترونية ,, في تقسيم الدوائر الانتخابية والقائمة على إعطاء خمس نواب لكل محافظة + نائب لكل مائة ألف نسمة .
• نظرا للمساحة الجغرافية الواسعة لما أصطلح عليه باسم مناطق البادية والتي يترواح عدد سكان كل منها ما بين مائتين إلى مائة وخمسين ألفا , والتي كان من حقها أن تكون كلّ منها محافظة لتساهم في تنميتها , وتقدّم الدعم اللازم لما فيها استثمار صناعي وزراعي , فأرى إعطاء كلّ بادية ثلاثة مقاعد + مقعد لكل مائة ألف نسمة مع ضرورة اعتماد الموقع الجغرافي وفتح هذه الدوائر لكل من يسكن فيها , ولتوضيح هذه النقطة تحديدا فإنني أنّوه بأنّ كثيرا من سكان هذه المناطق ليسوا من العشائر المسمّاة في القانون , فمن حقهم أن يترشحوا لهذه الدوائر , ويصوتوا فيها , كما أنّه من حقّ أبناء تلك العشائر أن يترشحوا في سائر محافظات المملكة أسوة بغيرهم من الأردنيين .
• تقسيم الوطن إلى دوائر انتخابية كلّ دائرة تتكون من أربعة إلى خمسة مقاعد, وإعطاء كل ناخب أصواتا بعدد نواب دائرته ؛ لأنّه ما لم تكن الأصوات بعدد المقاعد فإنّ إفراز نواب على أساس برامجي سيكون ضربا من المستحيل .
• رفض القائمة النسبية لأنّها في الواقع تخصيص " كوتا للأحزاب " والحزب الذي لا يستطيع أن يصل أعضاؤه إلى مجلس النواب إلاّ بكوتا فإنّ واجبه الأخلاقي أن يحلّ نفسه.
• رفض جميع أنواع الكوتات لأنّها تعزز الهويات الفرعية والتمييز بين المواطنين .
• يجب إعادة النظر في قانون انتخاب المجالس البلدية والذي أعتمد في الانتخابات الماضية مبدأ الصوت الواحد في انتخاب الأعضاء , بحيث يعطى الناخب أصواتا بعدد أعضاء المجلس البلدي .

فلاح أديهم المسلم
‏الخميس‏، 26‏ نيسان‏، 2012 م



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات