إرادة التغيير


لقد صبر الشّعب التونسيّ طويلا ، وكان نهاية صبره ( المنصف المرزوقي ) ، رئيس بدأ فترته بتخفيض راتبه ، فلن يأخذ من ميزانيّة الدّولة إلا ما يكفيه وصرف الباقي على فقراء تونس ، ومعلنا أنّه سيعرض القصور الرّئاسيّة للبيع لتأمين فرص عمل للشّباب الباحث عن فرصة عمل ، وما أكثرهم !! فالطّبيب الّذي يحمل أعلى شهادة علميّة في الطّب اعتاد حياة الشّقاء والنّفي ورطوبة الزّنازين وعفونتها ولا يريد أن ينهي حياته في القصور وبذخها . ولقد صام التّونسيّون كثيرا ، ولم يكن إفطارهم على ( بصلة ) ، ولكنّهم أفطروا على برلمان منتخب يعبّر عن إرادتهم ، اختاروه بكامل حرّيّتهم ، انبثقت منه
حكومة برلمانيّة . ولم يكن البنزين الّذي سكبه ( البوعزيزي ) على جسمه النّحيل إلا وقودا لثورات حرّرت الإرادة قبل أن تحرر شعوبا ، والنّار الّتي أحرقت جسده الطاهر ولّدت حرارة وقوّة كانت كامنة عند كلّ محروم ، وكلّ مظلوم .
لقد استمد الشعب التونسي وكل طلاب الحرية من قبل ومن بعد الأمل بإمكانية التغيير إن توفرت شروطه و كان إصرار على تحقيقه . فكانوا يرددون قول الشّابي بأن القدر لا يمكن إلا أن يكون مع الحق وطالبيه فيستجيب لهم . فالليل مهما طال سيعقبه نور الصباح ، والظلم وان انتشر وساد فالعدل والحق أبقى وأدوم .
إن التغيير منهج وطريقة يبدأ بالفرد ، فان أقبل على نفسه يصلحها ويهذبها ويقيمها على الحق والعدل ، وفعل مثل ذلك في أسرته ومن يعول ، انتشرت العدوى إلى الأقرب فالأقرب حتى يعم الخير في المجتمع . فالخير والشر كالفيروس قابلان للانتشار والعدوى إن وجدا البيئة الملائمة والحاضن المستعد .
ولكن أعداء التغيير لن يتقبلوا حدوثه بسهولة ، وسيعملون على إعاقته ومنع حصوله بشتى السبل . مستعينين بأبواق إعلامية تعمل على تشويه فرسان التغيير وتسفيه مسعاهم وتشتيت جهودهم تمهيدا لعزلهم . كما أن عامّة الناس لا يحبونه لألفهم الواقع وخوفهم من المجهول . فالإنسان بطبعه عدو ما يجهل .
فالمهم أن تبقى إرادة التغيير إلى الأفضل موجودة ولا تنكسر، ولا يتسلل اليأس إلى النفوس ، فما ضاع حق وراءه مطالب . والمهم أن يبقى الأمل بأن الغد أفضل ، ومستقبل أبناءنا خير من حاضرنا . انه وعد الله بأن ينتصر الحق ويعم الخير ، وسيتحقق لا محالة . فهل من العقل والعدل والمنطق أن يتحقق وعد بلفور ولا يتحقق وعد الله ؟؟!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات