الأسير الفلسطيني ومعركة الأمعاء الخاوية


عندما ضاقت بهم السبل وقيدتهم القيود حريتهم المسلوبة قهرا وجورا... وعندما عجز الرفيق القريب والمتابع البعيد عن مساعدتهم، وعندما وقفت جامعتنا العربية التي ما زالت عاجزة عن إيجاد طريقة لإيقاف حمام الدم في سوريا الشقيقة الغالية موقف المتفرج منهم، وعندما أصبحت قضيتهم لا تهم الرأي العام العالمي المتشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق وكرامة الإنسان، عندما تخلى الجميع عنهم كما تخلو عن قضيتهم الرئيسية وهي الجرح الغائر في قلب أمتنا الإسلامية والسهم النافذ في صميم عروبتنا، ولأنهم يعانون الأمرين ويتعرضون للإهانات والتعذيب والحجز الإنفرادي وإنعدام الشروط والرعاية الصحية في معتقلاتهم ولأن أهاليهم عندما يحاولون زيارتهم يتعرضون لأرخص أنواع الإبتزاز من الجيش الصهيوني المتغطرس الحاقد الجبان، قررت مجموعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين الأبطال وبالتزامن مع إحياء الأحرار من أهاليهم والمتضامنين معهم ليومهم الإضراب عن الطعام؛ لأنه لا حول لهم ولا قوة أمام عدو له الحرية الكاملة فيما يفعل وينتهك ويجرم بل وله الحصانة والفيتو الأمريكي الجاهز دائما للتغطية على أي جريمة جديدة يضيفونها لسجلهم الإجرامي الكبير، هي معركة الأمعاء الخاوية في مواجهة ضمائر خاوية وعقول مغيبة، هي معركة من أجل إستبدال رغيف الخبز بقطعة من الكرامة والإنسانية، معركة من أجل إثبات الحق وإسماع صوتهم لا صوت أمعائهم، هي معركة في مواجهة عدو لا يمت للإنسانية بصلة ولا يوجد بينه وبين الرحمة أي علاقة، عدو ليس له شرعية ولا يعترف بإتفاقيات ولا معاهدات دولية ولا تعني له حقوق البشر سواء داخل السجون أو خارجها أي شيء.

فإلى كل الأسرى الأبطال في سجون هذا العدو المتجبر... إلى منابر الحرية وعشاق الكرامة وأصحاب النفوس السوية التي لا ترضى بالذل والمهانة أبدا... إلى من أدخلوا ظلمات السجون القاسية من أجل الوصول إلى يوم تشرق به شمس الحرية على فلسطين... كل فلسطين، إلى من يخوضون الآن معركتهم بصبرهم على جوعهم... إلى من قيدوا بالسلاسل من أجل فك قيود الإحتلال عن معاصم عروس عروبتنا وتاج وقارنا القدس الحبيبة وعن فلسطين الحبيبة كل فلسطين.... إليكم يا أخوتي من قريتي وغربتي أقول لكم اصبروا وصابروا وإن الفرج قريب إن شاء الله، فمها طال ليل الظالمين لن يعمر وما دام ظلما على الأرض يوما أبدا، وإن قاسيتم ما قاسيتم فذلك لينفذ الله أمرا كان مقضيا، فإن لم يعجل الله فرجكم بالدنيا فأسأله تعالى أن يعوضكم خيرا في المال والأهل والذرية الصالحة بل وأن يجزيكم الجنة تنعمون بها بحرية حقيقية وبحياة دائمة بلا عدو ولا عمالة ولا أسر ولا قيود.

حماكم الله يا قناديل الحرية، ويا وقود الثورة الحقيقة وكان معكم وبعونكم إنه وليكم وحسبكم ونعم الوكيل... عاشت فلسطين والحرية للأسرى ولكل المعتقلين، وأقول لكم أيها الأبطال الحقيقيون نحن الأسرى ونحن العاجزون لأننا نلا نحرك ساكنا من أجلكم وإن كتبنا بعض المقالات ووقفنا بعض الوقفات التضامنية من أجلكم... فهذا لا شيء يذكر أبدا أمام عظيم تضحياتكم، لقد شاهدنا كما شاهد وسمع كل العالم كيف قامت الدنيا ولم تقعد ولم يرتاح بال للضمير العالمي الخرب عندما كان الجندي "شاليط" في قبضة أبطال المقاومة التي خف وهجها وتلاشى أثرها... وها نحن أيضا نشاهد صمتا مطبقا أقرب إلى الذل والعجز والإنكسار من أمة تعدت المليار أمام الآلاف من أسرانا في سجون أعدائنا سواء في فلسطين أو في العراق أو أفغانستان وغير ذلك... عذرا يا أسرانا فنحن لا نقوى إلا على الكلام.

أسأل الله جل جلاله أن يفك أسر المأسورين ويعجل الفرج عن المظلومين في فلسطين الحبيبة وفي سوريا النازفة وفي كل مكان، وأسأله سبحانه وتعالى أن يكون إلى جانب إخواننا في هذه المعركة البطولية التي يخوضونها بعد أن تخلى عنهم الجميع ما عدا بعض الأحرار من هنا وهناك، وأسأله جل وعلا أن يحفظ أردننا الغالي وأن يبعد عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن وعن سائر بلاد العرب والمسلمين إنه مولانا نعم المولى ونعم النصير.


Abomer_os@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات