مناكفةٌ وطنية ؟


يطلق مصطلح مصالحة وطنية عندما يكون هناك إتفاق عام وموحد حول المفاهيم الرئيسية للدولة والوطن والمواطنة والحقوق والواجبات ويكون في نفس الوقت هناك إختلاف على طريقة إدارة هذه العلاقات والوصول بها الى الكمال .
والذي يحدث عندنا في الأردن لايمكن أن نطلق عليه مصطلح مصالحة وطنية ابدا ، لأن ما يحدث عندنا هو مناكفة وطنية فقط لاغير والمناكفة تعني أن لاتخرج في النهاية بأي حل وأن تبقى الأمور كما هي عليه وتكون قد أمضيت عمرك كله وأنت تصرخ على الأخر وهو يصرخ عليك لتخرجوا الطرفين خاسرين لصوتكم ولجهدكم .
نحن في الأردن لانزال نتناكف حول مفهوم المواطنة ولم نتفق عليه ولن نتفق عليه لأننا ما زلنا غير مؤمنين أن التاريخ وبالتالي الزمن كفيل بأن يذوب الشعوب معا في بوتقه واحدة أسمها مواطنة ، ونجد أنفسنا نمارس اسلوب معاكسة كل مفاهيم التاريخ ونقوم بتقسيم المواطنة الى فترات زمنية قبل عام كذا وبعد عام كذا خوفا من أن نصل لمفهوم محدد نتكشف من خلالها أننا جميعا أبناء وطن واحد وجغرافيا واحدة وبالتالي نخسر مناكفتنا ونخرج منها كمن يخرج من المولد بلا حمص وتصبح حياتنا بلا طعم .
والشيء الأخر الذي نتناكف عليه هو مفهوم الدولة والحكومة ما زلنا ندخل كلا المفهومين معا ونحملهما مسؤولية ما انتهت اليه أمور وطننا ، ولانرضى أن يخرج صوت عقل بيننا يقول أن الدولة أكبر من الحكومة فهي تشمل الجميع وفي حالة ما إنهارت تلك الدولة لن يتبقى شيء لاشعب ولاحكومة ، ومع ذلك نصر على مناكفتنا ربما من باب ان المناكف والمناكف عليه لهما أجران أحدهم إن أصابا وأحدهما إن أخطئا ، وننسى أن ما يتم لن يكون ابدا من باب المصالحة الوطنية بل من باب المناكفة الوطنية .
وإلى متى تستمر هذه الحالة من المناكفة الوطنية ؟ لاأحد يعلم لأنها كما سبق وقلت حالة من التيه الوطني حول مجموعة من المفاهيم إلى الأن لم يتم الاتفاق عليها ، بل نجد أنفسنا نستمتع بكونها حالة من الخلاف ونضعها تحت مسميات عدة من مثل حوار ديموقراطي وحرية تعبير ورأي ونتاج ربيع ثوري عربي لن نحرم أنفسنا من الدخول فيه حتى وإن كنا نتناكف وطنيا فقط ولانسعى للتصالح الوطني .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات