بكاء على جدار وطن


في لبنان وقبل سنوات لم يستطع رئيس وزراء لبنان آنذاك فؤاد السنيورة أن يتمالك نفسه في اجتماع لوزراء الخارجية العرب فاجهش بالبكاء امام حالة وطن تتناثر اشلاءه امام عينيه على يد آلة عسكرية مدمرة حاقدة وطن يئن من شدة الالم ولا يستطيع أن يفعل شيئا وأمام هذا العجز وجد أن لغة المشاعر الانسانية قد تسعفه وهو الذي عرف بإنه لا يتحدث غير لغة الارقام الجافة ولا هم له سوى فرض الضرائب على الناس لكن ما أخذ عليه وقتها أنه ما كان ينبغي أن يبكي امام من هم أكثر ضعفا ولا حول لهم ولا قوة.
وقبل حوالي سنة وقف السيد عبد الرحمن شلقم المنشق عن النظام في الامم المتحدة أمام الكبار ليشرح ما آلت اليه الاوضاع في بلده ويعبر عن قصور النظام عن فهم ما يجري حوله بل أنه يخير الناس بين أن يحكمهم أو يقتلهم وعندها نزلت دموع الرجل وكسب تعاطف الجميع وكانت دموعه من أسباب تحرك عالمي ضد النظام وصولا الى إسقاطه بأسرع وقت وأقسى صورة.
في اليمن قبل شهرين تقريبا وقف رئيس الحكومة المعين محمد سالم باسندوة يخاطب مجلس النواب لتسيطر على الرجل مشاعره تجاه وطن يخاف على وحدته كما يخاف انهيار دولته والدخول في اتون حرب اهلية ويجهش في البكاء فيصوت المجلس على قانون الحصانة المنشود.
قبل أيام وفي الاردن تأثرت الناس ببكاء النائب احمد الشقران عندما عبر عن عجزه وعجز الكثيرين في المجلس عن ملاحقة الفساد والفاسدين على الرغم من أن الفساد يفت عظم الوطن ولحمه ويصرخ صباح مساء في وجه الناس حتى خشي الناس أن يحسب الوطن كله مؤسسة قد تعرض للبيع لكن الفاسدين طلقاء تشير لهم اصابع الناس لكن هيهات ان تطالهم يد العدالة.
تربينا في صغرنا أن الرجل العربي لا يبكي إن صبت النار فوق راسه قام واقفا وتعلمنا ان الدموع انثوية فهي شان النساء فقلنا في ادبنا "ما اهون الدمع الجسور اذا جرى من عين كاذبة" وقال احدهم "دمع الرجال غالي لكن لو نزل تدرون شو معناه " ووجدناه يبكي على المسرح وهو يغني كلامه.
هل يعقل أن نقول "لا تبكي وإن دمروا وطنك لا تبكي ولو قتلوا شعبك لا تبكي وإن رايته ينهار أمام عينيك لا تبكي ولو سرقه منك اللصوص عيب أن تبكي ولو اغتالوا رأيك أو صادروا حريتك أو كسروا قلمك" فالبكاء للنساء! إن لم يبكي الشريف وطنه فكل شيء بعده يهون.
إن النماذج التي ذكرتها لا اخالها الا صادقة في التعبير عن وطنيتها لم يهمهم أن تنزل دموعهم امام الكاميرات ولم يهتموا بهيبتهم امام هيبة الوطن لكن الدموع لا تحظى دائما بتعاطف الناس فكثيرا ما اطاحت دموع بأصحابها حيث أن الضعاف لا يصلحون في الواجهة ولكن الا يخرج الماء العذب أحياناً من الصخر الصلب!.
وإذا كان هناك من بكى للوطن فهناك من أبكى الوطن حيث ان الآلهة لا يبكون لكنهم يزرعون الألم في كل حنايا الوطن وزواياه تبكي شعوبهم مر البكاء ولا يبكون وما حاكم سوريا اليوم الا مثالاً بارزاً لذلك النظام الذي يصر على تخيير شعبه بين أن يحكمهم ابدا او يقتلهم ويرقص على جثثهم ابدا فمن يقتل من أبناء شعبه أضعاف ما قتلهم العدو أو قتل من العدو هل يمكن أن يحرر ارضاً أو يحمي وطناً أو يبكي من اجله؟!.
منصور محمد هزايمة الدوحة - قطر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات