رسالة تاريخية مفتوحة إلى أردوغان


رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأكرم،

أطفال وحرائر سوريا يستنجدون ويستغيثون ويصرخون "وااااااااااااأردوغاااااااااااانااااااااه". عجبا يا أردوغان، ألا تسمعون صيحات الأطفال المذبوحين، وصرخات الحرائر المغتصبات من أهلكم ودينكم؟!



نسخة إلى الرئيس التركي الأفخم عبد الله غل، وأخرى إلى معالي وزير الخارجية الأكرم أحمد داود أوغلو، ونسخة إلى الأحبة ملايين الأتراك الأماجد العظام الكرام من الشعب التركي الأبي، ونسخة إلى الشعوب العربية والإسلامية كافة، ونسخة إلى الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي.



السلام عليكم، تعلمون أيها الرجل الحكيم أنه مر عام كامل على الثورة الشعبية السورية والتي اندلعت في 15 مارس/آذار 2011 إثر قيام أمنيين سياسيين سوريين في درعا جنوبي البلاد، أحدهم يكون إبن خالة الرئيس السوري بشار الأسد، إثر قيامهم بتعذيب وتقليع أظافر أطفال بعمر الورود من تلاميذ إحدى المدارس، وكل ذنب الأطفال أنهم كتبوا على الجدران "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"الشعب يريد إسقاط الدكتاتور"، وذلك في ظل ما تعلموه وشاهدوه على شاشات التفلزة العالمية بشأن ما كان يجري في تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها.

أطفال سوريون في الصفوف الابتدائية بعمر الورود، وأعمارهم بين 8 و10 سنوات، أعجبتهم شعارات الثورة الشعبية في مصر فخرجوا من مدرستهم مقلدين لها، فاعتقلهم مدير الأمن السياسي في درعا العقيد عاطف نجيب –إبن خالة بشار- وقام بتعذيبهم بالكهرباء وبتقليع أظافرهم ليعترفوا عمن حرضهم على الفعلة البريئة التي فعلوها، فهم خربشوا على الجدران، ليس أكثر، وهم ربما لم يكونوا يعرفون ما معنى أن يسقط النظام أو لا يسقط، لكنهم عرفوا فيما بعد معنى قمع واستبداد ووحشية وبشاعة وشراسة ودموية النظام.

يا أرودغان، وعندما انتشر خبر تعرض الأطفال للتعذيب بعد حوالي عشرة أيام، تحرك وفد من أهالي درعا لمقابلة إبن خالة الأسد، حتى يتمكنوا من الإفراج عن الأطفال المعتقلين، وما عرفوا أنهم سيقابلون وحشا استمرأ ضعف الناس بوصفه إبن خالة بشار، فهل تعرف ماذا قال لهم الذئب الماكر إبن خالة الأسد يا أردوغان؟ -ولتعذرني ويعذرني القراء الكرام ولكنها الحقيقية المُرَّة- قال لهم "انسوا هؤلاء الأطفال للأبد، وارجعوا إلى بيوتكم وعاشروا زوجاتكم الليلة وأنجبوا أطفالا غير هؤلاء المعتقلين عندنا، ثم تابع بعد سكتة ماكرة، وإذا لم تستطيعوا أن تعاشروا الزوجات، فسنأتي إلى بيوتكم لنعاشرهن نيابة عنكم، وننجب لكم أطفالا جددا".

هنا جن جنون الحضور من أهالي درعا، وهم أصحاب الغيرة والشهامة والبطولة، حتى أن أحدهم تجرأ برفع عقاله وبضربه على سطح مكتب الذئب، ثم سرعان ما هاجم الوفد "ابن خالة الأسد" في مكتبه، وأوسعوه ضربا، ولاذوا بالفرار، فانتشر الخبر بين الأهالي الشرفاء انتشار النار في الهشيم، ومنذ تلك اللحظة، انطلقت الثورة الشعبية السورية الحقيقية ضد نظام الطاغية بشار وأزلامه المجرمين. ولكي نكون منصفين، فلقد أوقع الأسد أشد العقوبات بابن خالته، وهي العقوبة المتمثلة بترفيعه على عميد ثم عزله من منصبه، فتدخلت الخالة نفسها، حسبما يروى عن بشار، فوعدها بإعادة ابنها إلى منصبه بعد أن تنتهي الأزمة في البلاد.



يا أردوغان، الكل يعلم أن تركيا تمتلك قوة عسكرية واقتصادية، وأنها تسعى لدور قيادي على المستوى الإقليمي، والكل يعلم أن لتركيا رجب طيب أردوغان شعبية متنامية على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، والكل يأمل ويبتهج في أن تنهض تركيا المعتدلة أكثر فأكثر، ولكنك في الوقت نفسه، لا بد أنك تعلم أن شلال دم الشعب السوري متواصل منذ أكثر من عام، فقوات الطاغية الأسد أعملت الحِراب والسكاكين في رقاب أطفال سوريا وفي بطون حرائرها وفي صدور شيوخها وعجائزها وشبابها.



يا أردوغان، الكل يعلم -وأنت ممن يعلمون- أن حافظ الأسد قضى على حياة أكثر من خمسن ألف إنسان في ليلتين ماطرتين في حماة قبل عقود، وأنه نجا بفعلته الشنيعة في الدنيا، والكل يعلم -وأنت ممن يعلمون- أن ابنه بشار يقتدي الآن بوالده، فهل نسمح للطغاة بمواصلة جرائم الإبادة ضد الإنسانية؟! يا أردوغان، اعلم أنه يقع عليك وعلى تركيا مسؤولية تاريخية تتمثل في التزامكم الصمت على مذبحة تجري بجواركم، فكيف بكم تنامون على صيحات الأطفال الذين يتعرضون للذبح بسكين الطاغية؟ وكيف بكم تنامون قريري العيون على صرخات الحرائر المسلمات السنيات في سوريا وهن يتعرضن للاغتصاب من جانب قوات الطاغية وشبيحته ومن جانب ميليشياته المرتزقه القادمة من إيران ومن جانب نور المالكي العراقي وحسن نصر الله اللبناني؟!

عجبا يا أردوغان، عجبا لحفيد الأجداد العثمانيين الأماجد الذين نشروا الإسلام وقاموا بحماية المسلمين لأكثر من أربعمائة عام! عجبا أيها الحفيد التاريخي، ألا تتحركون؟! ألا تقومون بإنقاذ من تبقى من أطفال سوريا من أنياب الأسد المهترئة؟ ألا تبادرون إلى إنقاذ الحرائر المسلمات السنيات السوريات من براثن نفر متوحش من الطائفة العلوية الشيعية؟! فإني والله أجزم أنني أسمع صيحات الأطفال والحرائر السوريات يستنجدون ويستغيثون ويصرخون "وااااااااااااأردوغاااااااااااانااااااااه". عجبا يا أردوغان، ألا تسمعون، أنتم والرئيس التركي الأفخم عبد الله غل ومعالي وزير الخارجية الأكرم أحمد داود أوغلو ملايين الأتراك الأماجد العظام الكرام؟!



عجبا يا أردوغان، إيران تمد الطاغية السوري بالسلاح والعتاد والخبراء وبالشبيحة، وكذلك يفعل نوري المالكي العراقي، ومثله يفعل حسن نصر الله اللبناني، وجميعهم يديرون غرف العمليات للطاغية الأسد، ضد الشعب السوري الأعزل، أفلا تتحرك تركيا لنجدة الشعب السوري الذي يلقى أشد وأقسى أصناف التعذيب والتنكيل؟ ترى ألم تصل إلى أسماعكم أصوات المدافع الثقيلة ومدافع الهاون وراجمات الصواريخ التي تدك بها قوات الأسد اللعين المدن والبلدات السورية على مدار الساعة؟!



يا أردوغان، تحركوا قبل فوات الأوان، فلتتحرك القوات الجوية والبرية والبحرية التركية الباسلة لإنقاذ الشعب السني المسلم الذي يتعرض للإبادة في سوريا، فلتضطلع تركيا بدورها التاريخي والقيادي المرتقب على المستوى الإقليمي والعالمي، فالرأي العام العربي والإسلامي كله يساندكم إذا قمتم بخطوة جريئة يكون من شأنها تخليص الشعب السوري من آلامه، وكذلك هو الرأي العام العالمي، معكم ويؤيدكم في خطوتكم المرتقبة.

يا أردوغان، سارعوا إلى إنشاء مناطق عازلة آمنة، وسارعوا إلى تسليح الجيش السوري الحر بأحدث الأسلحة، ولتبدأ مقاتلاتكم بقصف المواقع الدفاعية للطاغية الأسد وبحرق دباباته المتحركة على الطرقات وبين المدن والبلدات السورية وبإسكات بطاريات الصواريخ الصدئة التي ما تجرأ الأسد بإطلاقها لتحرير الجولان، ولكنه تجرأ بتوجيهها إلى صدور الشعب السوري الأعزل في حمص وإدلب وغيرهما من المدن والبلدات السورية.



يا أردوغان، هيا تشجعوا ولا تخافوا ولا تخشوا، فكلنا –نحن الشعوب العربية والإسلامية- معكم وخلف لوائكم، فروسيا ليس لها أن تفعل شيئا شريطة عدم قصفكم لقاعدتها في طرطوس السورية، فالدب الروسي لا يهمه سوى بيته، ثم لا تخشى التنين، فالصينيون عندنا لهم جعجعة بلا طحن، وليس لهم في بلادنا من ضالة أو حاجة، وليس لهم ولا للروس من حق في التدخل في شؤونا، نحن العرب والمسلمون، فهم لا يهمهم سوى مصالحهم في البترول وفي بيع السلاح.



يا أردوغان، سيسجل التاريخ عليكم موقفكم إن سلبا أو إيجابا. يا أردوغان إن الثورة الشعبية السورية تشكل لكم اختبارا عسيرا، وأنتم والله قادرون على الفوز به بكل المعايير. يا أردوغان، الكل يشكر لكم إيوائكم لللاجئين السوريين المشردين، ولكن العالم يطمح في دور تركي أكبر وأعظم يليق بمقام سليل إمبراطورية الأمجاد العثمانية الرشيدة عبر التاريخ. يا أردوغان، هذه رسالتي إليكم بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أطفال وحرائر وشيوخ وعجائز الشعب السوري الثائر العظيم، والذي نادى في الجمعة الأولى من العام الثاني لثورته الشعبية ضد قمع واستبداد الطاغية الأسد، نادى بشعار جمعة ضرورة "التدخل العسكري الفوري". اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.



ملاحظة: هل بلغك يا أردوغان أن الطاغية بشار قصف في الخامس من فبراير/شباط 2012 مدينة حمص بثلاثمائة صاروخ، وفي اليوم التالي أهدى زوجته أغنية " God Gave Me You" أو "الله أعطاني إياكِ"، للمطرب الشعبي الأميركي بليك شيلتون التي يقول مطلعها "لقد كنت أمشي مكسور القلب، لقد زججت بنفسي في الفوضى، فالشخص الذي كنت أمثله في الفترة الأخيرة، ليس هو الشخص الذي أردت أن أكون".

*إعلامي أردني مقيم في دولة قطر.

Al-qodah@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات