يا جلالة الملك: أما آن الأوان؟!


منذ أكثر من عام والشعب الأردني بمختلف أطيافه، وانتماءاته، يُطالب بالنيل من الفساد والمفسدين، حتى عدت أخال هذا الموضوع يزور المواطنين في أحلامهم، ينامون على وعود حكومية، ويستقبلون نهارهم بقضية فساد، وبين القضية والأخرى وعود، فيزج الفاسد في السجن لمدة أسبوعين، يَنصب له أقاربه خيمة تضامن (وما أكثر خيمات التضامن هذه الأيام)، يُرفض تكفيله عدة مرات، ثم يخرج، وتذهب القضية إلى حيث شقيقاتها السابقات، إلى الأرشيف، ولا يعود يذكرها إلا القلة القليلة. ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً سنجد كماً هائلاً من القضايا التي ذهبت أدراج الرياح، فمن قضية الكابسات في وزارة البلديات، إلى قضية شاهين، إلى الباص (الصريع) إلى الكازينو، إلى ملف (سكن كريم) وأخيراً قضية الفوسفات.
عام مضى وما زال المواطن الأردني يتشوق إلى رؤية أحد الفاسدين يقف أمام القاضي لينطق بالحكم: " حكمت المحكمة حضورياً على المتهم الفاسد (مفسد ابن فاسد الحرامي) بالأشغال الشاقة المؤبدة أو لمدة عشرين عاماً، واستعادة الأموال المنهوبة وقدرها خمسون أو ستون أو سبعون مليون دينار أردني إلى خزينة الدولة.... رُفعت الجلسة".
منذ نشأت الدولة الأردنية لم نسمع هذا الحكم، والسبب كنت قد ذكرته في مقال سابق، أن الفساد يسير تحت جناح القانون، بمعنى أن الفساد في القوانين والتشريعات، لا بالأشخاص.
تحدث جلالة الملك في أكثر من مناسبة عن الفصل بين السلطات، بعد أن تغولت السلطة التنفيذية على التشريعية ردحاً من الزمان، ليتنفس مجلس النواب الصعداء، فيتغول هو على السلطة القضائية، ويحرم المواطن الأردني من اللحظة التاريخية التي طال انتظارها، وهي النُطق بالحُكم، ليضرب مجلس أل(111) مشاعر وآمال الشعب الأردني عرض الحائط، بعد قراره الأخير برفض تحويل ملف الفوسفات إلى القضاء، الملف الذي لا يختلف اثنان من الشعب الأردني الطيب على أنه فساد بفساد بفساد، مخالفين بذلك توصية لجنة التحقيق النيابية التي جمعت الأدلة واستمعت وناقشت كل من له علاقة بذلك، وخرجت بتوصية بإحالة المعنيين بالقضية للقضاء ليقول فيهم كلمته، ولا نشك أبدا بنزاهة وعدالة قضائنا لكن لماذا يخاف منه نوابنا هذا هو السؤال.


يا جلالة الملك:
إن هذا المجلس الذي ثبت بالوجه الشرعي والقاطع فشله الذريع بالتعبير عن آمال الشعب الأردني وطموحاته، فمنذ ولادته، كانت ولادته عسيرة، فمجلس كهذا ناله ما ناله من شبهات تزوير، حتى قيل أن عدد النواب المزورين فيه يفوق الثمانين عضواً، واعترف القاصي والداني بعدم شرعية هذا المجلس، حتى رئيس الحكومة ومدير المخابرات السابق وبعض أعضاء المجلس أنفسهم أقروا بحقيقة التزوير فيه. وأصبح المجلس يغرد خارج سرب الشعب وطموحاته، فالشعب في واد مصلحة الوطن، ومجلس الكازينو والفوسفات في واد المصالح الشخصية.
يا جلالة الملك:
إن مجلسا كهذا غير مؤتمن على سن التشريعات والقوانين التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، وأي تشريع يولد من رحم هذا المجلس سيكون مشوهاً، ولن تكتب له الحياة، فيا جلالة الملك: لقد كنت أقرب إلى الشعب من هذا المجلس عندما أقلت حكومة ال (111) ثقة، بعد أربعين يوماً فقط من (الثقة) المزعومة، لتقول مع الشعب ورداً على المجلس: (ستة ملايين) حجب ثقة لهذه الحكومة.
بعد كل ذلك يا جلالة الملك، هل سيبقى هذا المجلس يغرد خارج سرب الشعب والقيادة؟، أما حانت لحظة انتخاب مجلس حقيقي؟ مجلس مؤتمن على سن القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
يا جلالة الملك: الشعب، كل الشعب، ينتظر بشوق إلى اللحظة التاريخية، الفرحة التي لا تضاهيها فرحة سوى فرحة سماع النُطق بالحُكم، اللحظة التي تصدر فيها إرادتكم السامية بحل مجلس النواب، وعودة السلطة التشريعية إلى رحم الشعب، لتلد قوانين وأنظمة طبيعية غير مشوهة؟ تكون من الشعب وإلى الشعب، فيا جلالة الملك: أما آن الأوان؟.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات