هل يستيقظ دولة الخصاونه بعد إنفجار أسطوانة الغاز ؟


تمثل حادثة إنفجار أسطوانات الغاز يوم الاثنين الموافق 5-3-2012 عند بوابة 4 للمدينة الرياضية حالة إعلامية تستحق البحث ولايجوز أن نمر عليها مرور الكرام ، في بداية التغطية الإخبارية لهذا الحادث تناقلت المواقع الإلكترونية سواء الإخبارية أو المواقع الإلكترونية للصحف الورقية من خلال خبر مقتضب عن وجود أصوات إنفجارات هزت شارع المدينة الرياضية ، وتلى ذلك تطور في التغطية الإخبارية متمثل في إرفاق صور فوتوغرافية للحدث وإنتهت ببث شريط فيديو مصور من خلال كامير لهاتف خلوي يوضح حجم الانفجارات المرافقة للحدث وبعد أقل من ساعة من حدوث الإنفجار .
وهنا دعونا نعيد ترتيب الأمور كما لو أننا قبل عشرة أعوام وفرضنا أن هذا الحدث قد تم وبدون وجود تقنيات الاتصال الحديثة من شبكة إنترنت وكاميرا تصوير ذات جودة عاليىة ووجود مواطن يمارس عمل الصحفي ( مواطن صحفي ) ، ما هو حجم المبالغة في نقل الخبر للجمهور ؟ وما هي فرص طرح تحقيقات جانبية عن أسباب هذا الإنفجار ؟ ، وكم من وسيلة إعلامية دولية أو عربية ستغطيه من جوانب غير واقعية وتخرج الحدث من سياقه ، ومن خلال مقارنة بين ما حدث ظهر يوم الاثنين الموافق 5-3-2012 وما حدث في عمان في 9-11-2005 أي قبل سبع سنوات وما هو مصدر التغطية للخبر الذي اعتمد عليه المواطن الأردني ، وكيف أصبحنا كمواطنين نقلب شاشات القنوات الاخبارية الفضائية بحثا عن قصة صحيحة لما حدث بعيدا عن إعلامنا الحكومي .
ولكن ومن خلال تغطية الحدث بوسائل الاتصال الحديثة ونقل الخبر مباشرة للجمهور وبإستخدام أبسط الوسائل وبدون أي عمليات مونتاج تتم داخل الاستوديوهات ، وبدون أية أجندة تحكم التغطية جاء الخبر واقعيا ومباشرا وفوريا ، وكل ذلك أبعد الخبر عن أية فرصة من قبل أية جهة لتصيد في ماء الاعلام التقليدي العكر ، بل نجد أن حجم التعاطف الاجتماعي مع الحدث جعله حدث وطني لايقتصر على عمان العاصمة وحدها وجعل من المواطن صحافي يتعامل مع الحدث بكل تلقائية ومباشرة ودون أية تدخلات خارجية مما أعطى الخبر مصداقية وموضوعية كبيرة .
ومما سبق أجد أن الصحافة الإلكترونية وإن شابها بعض التشوهات تمثل حالة إعلامية نحن بحاجة لها للخروج من أطر الإعلام التلقيدي والابتعاد عن نمطية تغطية الخبر من خلال وسائل الاعلام التقليدية التي تحتاج الى بوابات عبور أمنة كثيرة قبل أن تصل للمطبعة كي تنشرأو تبث على الهواء التلفزيوني أو الأذاعي ، وهذا النوع من الإعلام يسمى بالإعلام المجتمعي وهو إعلام معني بتغطية ما يدور في المجتمع من أحداث متنوعة تبدء بالجريمة وتنتهي بالخبر من أجل التسلية ، مما يؤدي الى وجود وعي إعلامي لدى الفرد يغنية عن تلقي المعلومات من مصادر خارجية وفي نفس الوقت يعطي الإعلام الإلكتروني صفة المصداقية والموضوعية ويبعد عنه ما يشوبه من مغالطات .
وبذلك يتحقق مفهوم الاعتماد المتبادل ما بين الأطراف الثلاثة وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية والفرد مما يحقق تطور الاداء من قبل هذه الاطراف مجتمعة و منفردة ، ويكون لدينا إعلام يخرج المجتمع من مستوى الصراع إلى مستوى النقاش والبحث عن الأفضل للأطراف الثلاثة ، وينتج عن هذا الاعتماد ثلاثة تأثيرات أولها إزالة الغموض الذي يشوب القضايا التي تمر في المجتمع ، وثانيها ونتيجة لتوفر المعلومات الصحيحة للأفراد عن الحدث المغطى تتشكل اتجاهاتهم نحوه بعيد عن أية تشوهات تصيب هذا الاتجاه ، وثالثها يأخذ الجانب العاطفي مما يعطي الحدث تعاطف جماعي يؤدي الى وقوف المجتمع مع الحدث والبدء بالبحث عن الاسباب ، وفي نفس الوقت هناك العديد من الدراسات التي بحثت في أي المصادر أكثر إعتمادا لدى الجمهور الأردني للحصول على الخبر المحلي وكانت معظم نتائج هذه الدراسات تضع الصحافة الورقية والاعلام المرئي والمسموع الحكومي في أخر القائمة كوسائل يعتمد عليها المواطن للحصول على الخبر المحلي ، وجاءت الصحافة الإلكترونية والاعلام الاذاعي والتلفزيوني الخاص في رأس القائمة كمصدر للحصول على الخبر المحلي لدى المواطنين .
وما سبق هو محاولة لإيصال بعض المفاهيم الإعلامية لأصحاب القرار في الحكومة التي تمارس الأن اللعب من وراء الكواليس وبالاتفاق بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية للتحكم في هذه الوسائل الاعلامية الحديثة كي تضعها تحت قوانينها وسلطتها لتصبح بوقا لها وتغني بكلماتها التلقيدية ، وعندها نصبح فريسة لسطوة الإعلام الرسمي الذي جميعنا نعرف نتائجة منذ أكثر من اربعون عاما ونيف .
وكان الأجدر بهذه الحكومة أو غيرها من الحكومات أن تقوم بإشراك هذا النوع من الإعلام الجديد في الحوار والنقاش للوصول الى تكامل بين جميع الأطراف يضمن إعلام أردنيا حراً يرفع الصراع في المجتمع الى مستوى النقاش ، وليس هناك من داعي أن تقوم الحكومة بإستئجار بعض الأقلام من أجل أن تسوق لأهدافها بل يكفي منها حوار مفتوحا لجميع أطراف المعادلة بعيدا عن عقيلة القمع التي ألقى بها القرن الواحد والعشرين والربيع العربي من وراء ظهره منذ بداية العام 2011 ، فماذا تريد حكومة الخصاونه هل تريد صراع إجتماعي أم نقاش إجتماعي ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات