مهما طال عليهم الأمد .. سيحاسبون !


استقبل الشعب الاردني بكافة اطيافه واتجاهاته وبكل بهجة وسرور الانباء التي تتالت عن تقديم اسماء كبيرة للتحقيق والمحاكمة بتهم الفساد، ومع التأكيد على حق كل منهم في دفع التهمة الموجهة اليه وبعدم افتراض ادانة اي منهم بتلك التهم الا ان مجرد تقديم اسماء بذلك المستوى الى القضاء يظهر للعالم اجمع وللشعب الاردني خاصة الشفافية التي وصلت اليها مؤسسات الحكم لدينا، والمساءلة والمحاسبة التي لا تخطئ احداً مهما علا منصبه او زادت سلطته.

الا ان احدهم قد يسأل عن السبب الذي أطال وقت اكتشاف جرائم الفساد تلك، والاجابة على ذلك يمكن ان نستشفها مما جاء على لسان احد المتهمين الكبار في جلسة مغلقة مع صديق له حيث قال بان بعض المقربين كانوا يوهمونه بأن ما يطلبوا منه ارتكابه من تجاوزات هي "أوامر من جهات عليا" ولم يكتشف زيف ادعائهم ذلك الا بعد ان فات الاوان وحينها ولات حين مندم. ومثل هذا الموقف انما هو تأكيد واضح وصريح على مقولة جلالته من انه "لا أوامر من فوق".

واذا كان لنا ان نعتبر الفساد جسداً واحداً ومتشعباً له هيكليته التي يحمي بعضها بعضاً ويغطي بعضها على بعض (مما يطيل من عمر الفاسدين في السلطة ويؤخر محاسبتهم) فمن الممكن لنا ان نربط فيما بين السبب وراء طول الفترة التي مضت على تلك الثلة الفاسدة قبل اكتشافهم وبين الهجمة الشرسة التي تعرضت اليها هيئة مكافحة الفساد حيث حاول البعض اعاقة عمل هذه الهيئة من خلال التشكيك في نزاهتها والمساس بصورتها امام الرأي العام، ، وكل ذلك مع تأكيدنا على ان اياً منهم بريء حتى تثبت ادانته امام القضاء.

كذلك فمن العوامل التي أدت الى تأخر محاكمة الفاسدين ظروف التحقيق في العديد من قضايا الفساد والتي تقتضي كما نعلم السرية التامة خوفاً من الكشف عما بيد سلطات التحقيق من ادلة، بالاضافة الى اسباب تقنية للتأخير ترجع في الاغلب الى سفر بعض الشهود او حتى ذات اصحاب العلاقة بقضايا الفساد.

كما وعلينا الا ننسى بحال عوامل اخرى سياسية تكشف عن السر وراء هذا التوقيت في الكشف عن قضايا الفساد، من استقرار نشهده اكثر واكثر في اركان الحكم بعد مضي اكثر من عقد على تقلد جلالة الملك عبد الله الثاني لسلطاته الدستورية، حيث تسلم جلالته الحكم بتركته المثقلة بالعديد من المسؤوليات والمهام.

بالاضافة الى ما سبق، فلا تخفى على احد ايضاً الزيادة الكبيرة التي نشهدها في حالات الفساد التي تم الكشف عنها وزيادة حجم الاموال المعتدى عليها نتيجة لذلك بشكل كان فوق اي احتمال ولا يمكن القبول به ولا السكوت عنه، فطفح الكيل وبلغ السيل الزبى فسبق السيف العذل.



كذلك فإن لزيادة الشفافية والرقابة والاعلام في هذا البلد العزيز وتضخم قوة هذه السلطة الرابعة التي يمارسها الكثير من المخلصين في هذا البلد العزيز أثر كبير في الدفع بقوة نحو الكشف عن قضايا الفساد التي كان يتم التآمر عليها في الظلام فعرَّاها الاعلام وسلطت الصحافة الضوء عليها وما عاد للتخفي من سبيل.



اخيراً فلا يخفى على أحد دور طبيعة سيكولوجية الحكم لدينا في تحديد توقيت الكشف عن قضايا الفساد، ذلك أن من يعرف الهاشميين ويعاين طبعهم يلمس فيهم صفات الحلم والأناة، فحين يكلَّف الواحد منهم بحمل أمانة المسؤولية يتركونه يمضي نعم الا ان اعين الاجهزة الامنية واجهزة الرقابة تبقى تتبعه في كل حركة وسكنة، يروي احد الاصدقاء وهو ضابط متقاعد من الجيش ان المغفور له بإذن الله الملك الحسين جاء الى كتيبتهم فجأة وانفرد بقائد الكتيبة وبعدها غادر، وفي الاسبوع الذي يليه جاء مرة اخرى بذات الطريقة وكررها ايضاً مرةً ثالثةً، وروى لي ذلك الصديق انه سأل قائد الكتيبة ذلك عما يريده منه جلالة الملك فاجابه قائد الكتيبة بانه يسأله فيما اذا كان بحاجة للمال او لسيارة او لاية مساعدة, وفي المرة الرابعة فوجئ افراد الكتيبة وهم في قيلولة وقائد الكتيبة مسترخٍ يرتدي بجامته اذ بالاستخبارات العسكرية تقتحم المكان وتلقي القبض على قائد الكتيبة دون ان تمهله حتى لارتداء ملابسه، حيث عرف عنه فيما بعد بأنه كان خائناً متآمراً مع جهات خارجية للانقلاب على النظام.



من يتصرف بهذه الحكمة سوى الهاشميين؟ جاءه الملك الحسين (رحمه الله) لمرات ثلاث عساه يخجل من نفسه ويعترف بجريمته ولو فعل لصفح عنه وسامح، ومثل هذا الامر لم يُعرف عن احد قدر ما عرف عن هذه السلالة المصطفوية المتشبعة بما تخلقت به بل وجبلت عليه من اخلاق النبوة. ومن يراوده الشك في ذلك فإنه ببساطة لا يعرف الهاشميين.



حمَى الله الأردُن وأهْلَهُ ومَليكََهُ ووَليّ عَهْدِهِ وحمَى جَيْشَهُ وأجْهزتَهُ الأَمْنيّة ...




تعليقات القراء

يوما او بعض يوم
(مهما طال عليهم الأمد .. سيحاسبون !)
قال تعالى :
في محكم كتابه العزيز:
"( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( 112 ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ( 113 ) قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( 114 ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( 115 ) )

صدق الله العظيم

08-02-2012 10:22 AM
مهدي الرمحي
ان الله يمهل ولا يهمل وكذلك الشعب
11-06-2012 02:33 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات