الشباب الأردني بين ثقافتي الخوف من الحاضر وترقب المستقبل


لقد كان الشباب وما زالوا محط الأنظار ومحور الإهتمام لأي أمة من الأمم ، لأنهم الحاضر الزاهر والمستقبل المنتظر ، من هنا كان لزاماً على أي مجتمع حضاري مراعاة هذه الفئة والتأمل في إحتياجاتها والوقوف عندها والتمعن في حاضرها ومستقبلها وتمكينها وتعزيز الفرص المتاحة لها.
لقد أضحى مشهد الترقب والخوف والإحباط من المشاهد الأكثر حضوراً وتأثيراً على حركة الشباب الأردني فمن يملك الجرأة على الطلب من شاب فقير محبط مهمش أن يؤدي دوره السياسي أو الحزبي في المجتمع ومن يملك الكلمة في توجيه شاب إلى الإنخراط في الأعمال التطوعية وهو عرضة للفقر والبطالة.
يدرك الكثير من الشباب أن صباح كل يوم يمثل كابوساً فالتنقل عبر شوارع عمان وعبر مؤسساتها بحثاً عن فرصة عمل تلوح هنا أو هناك يعتبر من الأمور التي أثقلت تفكير العديد منهم ، فأضحى الغضب في عيون البعض ، واليأس والخوف في عيون البعض الآخر من واقع مرير ومستقبل مجهول !!
لقد إنقاد العديد من الشباب إلى سلبية التفكير وتدمير في القيم والأخلاق ، وبدا الإنتماء والولاء للوطن يراود البعض ، والشيء الذي ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا هنا هو خطورة هذا الوضع العام الذي يرزح تحته العديد من الشباب الآن خاصة مع تزايد أعداد الخريجين يوماً بعد يوم وفي ظل تنامي عدم الإستجابة لمعظم مطالب الشباب الأردني بحياة كريمة، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الإيفاء بوعودها في تحقيق التنمية الإقتصادية الإجتماعية الشاملة.
إن ما يطرح من أفكار وما يقوم من تصورات بحق الشباب تتمثل أهميته في القدرة على التعاطي مع الوقائع وعلى تفسير إشكاليات الفعل من منطلق إنها في حراك جدلي مستمر بشكل تبادلي أخذاً وعطاءً ، ورغم علمي بالخوف والترقب الذي يشعر به الكثير من الشباب إلا أنني أحب أن أبين أن التخلص من التحديات والمعوقات التي تشدّ همم الكثير منهم إلى الخلف لا يتأتى إلا من خلال العمل الجاد والصبر وقوة الإرادة والتفاعل مع المتغيرات بإيجابية، وأن تؤدي الحكومات دورها الفاعل في هذا الجانب.
لقد أتى علينا حين من الزمن تعطلت فيه قدرات العديد من الشباب ، وأضحى الفقر والبطالة هماً لا مناص منه للبعض ولكن هذا وإن كان يشكل جزءا من المشكلة إلا أنه يقصر على أن يكون أصلها. فالتحديات كثيرة والسلبيات عديدة والشباب ما زال يطالب بين الحينة والأخرى بحلول آنية قد تفلح في التنفيس ولكنها تعجز عن التشخيص الحقيقي للمشكلة الأساسية في تفهم المشاكل التي تواجه الشباب والتعامل معها بموضوعية وشفافية.
لا يختلف إثنان على أن الشباب هم صمام الأمان وقوة للأوطان وهم عُدَّة الأمم وثروتها وقادتها في المستقبل، ومعيار رقيها وانحطاطها والواقع اليوم يشهد في كثير من الأوقات عدم الإهتمام من الحكومات والمؤسسات في ثروة تطلعات الشباب ، فالنتاج اليوم وفي كثير من الأيام هو نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح أو أعمال قدر لها التسرع أو مصالح شخصية بإسم خدمة الشباب ! أو عمل يفتقر إلى رؤية مستقبلية ناضجة أو واضحة ! ونحن بهذا الحكم لا ننكر بروز بعض الجهود المبذولة بين الحين والآخر من بعض الجهات في خدمة الشباب وتذليل الصعوبات التي تواجههم وتفهم إحتياجاتهم وتطلعاتهم والإستماع لهم ودعمهم، إلا أن ذلك الجهد يصطدم في كثير من الحالات بمعوقات متعددة ومن جهات مختلفة تلوح هنا وهناك ، وفي كثير من الحالات بتنامي وتغير هذه التطلعات والتحديات الشبابية التي تتجدد بتجدد الأيام والأعوام.
يجب على كافة الجهات ذات الصلة بالشباب العمل على إستغلال الفراغ في حياة الشباب من خلال مشاريع تحفظ أوقاتهم، وتزيد من حبهم لوطنهم وتجذب أنظارهم لكل إيجابي ، وإستحداث مراكز عمل وتوظيف منظمة ومدعومة ، وتفعيل دور صناديق المشاريع التنموية والريادية للشباب لتفتق إبداعهم وتحاكي مستقبلهم ، وتغطي في كثير من الحالات نفقاتهم ليكون ذلك عونا على المستقبل المشرق البراق الذي ينبئنا بقدوم حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء.



تعليقات القراء

مدين القرالة
كلام جوهري مشكور عليه دكتور
02-01-2012 01:44 PM
محمود الغصين
رائع جدا ومعبر عن واقع الشباب.
02-01-2012 02:27 PM
خالد التلهوني
أشكرك يا دكتور على هذا المقال المعبر عن واقع الشباب.
02-01-2012 02:29 PM
تحسين الخالد
في حقيقة الحال الشباب الأردني يعاني الأمرين وهذا الواقع المرير وللأسف.
02-01-2012 02:32 PM
الكرك
الجوهر اقوى من الشكل فانت اخذت الجوهر
02-01-2012 02:38 PM
عامر
كل الاحترام
02-01-2012 02:40 PM
طالب
صار إلي قاعد بدون شغل سنتين وبحكوا عن مشاركة حزبية والله معك حق يلا دكتور

بس آكل خبز ويخلف علي
02-01-2012 02:44 PM
غالب العبادي
يجب اعطاء فرصة للشباب

بكفيهم احباط وتهميش
02-01-2012 02:48 PM
الطالب الجامعي محمود الحياري
دكتورنا العزيز عادل القطاونة

نحن نفخر بأنك تدرسنا بالجامعة

لقد تعلمنا منك الكثير عن حب الوطن وحب قائد الوطن واحترام الرأي والرأي الآخر والتفكير بإيجابية
02-01-2012 02:50 PM
اردني وافتخر واعتز


صح لسانك دكتور الفاضل

صباح كل يوم يمثل كابوساً فالتنقل عبر شوارع عمان وعبر مؤسساتها بحثاً عن فرصة عمل تلوح هنا أو هناك يعتبر من الأمور التي أثقلت تفكير العديد منهم ، فأضحى الغضب في عيون البعض ، واليأس والخوف في عيون البعض الآخر من واقع مرير ومستقبل مجهول !!

هذا واقعي المرير
02-01-2012 02:58 PM
علي العنبر
لك كل الاحترام والتقدير على هذا الطرح.
02-01-2012 03:34 PM
نعمان الصرايرة
يا سلام / كلام رائع من إبن الباشا القطاونة ، هذا الشبل من ذاك من ذاك الأسد
02-01-2012 03:48 PM
طالبة
شكرا على هذا الكلام الجوهري الذي يعبر عن واقع الشباب فعلا نفتخر بك ولك كل الاحترام والتقدير
02-01-2012 04:29 PM
طالبه جامعيه
الدكتور الفاضل كل التقدير لك على هذا الكلام الذي يعبر عن واقعنا نحن الشباب بكل مصداقيه .. لان الشباب هم الذين يمثلون جانب القوه في الامه و الشباب هم وجه الامه المشرق فكل الشكر لك على هذا الطرح القيم و المميز .. و نحن نفخر بوجودك في جامعتنا و هي الجامعه الام لانك علمتنا و بكل حب معنى الاخلاص والعمل الصادق لرفعه هذا الوطن الغالي ...
02-01-2012 09:57 PM
محمود الخب
الشباب الشباب ، الله يعينهم عنجد زي الضايعين ؟
02-01-2012 10:45 PM
هذلول
الكاتب الكريم

الدكتور عادل القطاونه

بدايه ارجو ان تسمح لي بمقدمه قصيره,

(لقد كثرت المقالات و كثر الحديث حول كل موضوع و لم يعد احد يعلم من اين نبدأ او اين ننتهي)

وهذا ما بشر به بني يهود في بروتوكولاتهم

ما علينا,

1.( فمن يملك الجرأة على الطلب من شاب فقير محبط مهمش أن يؤدي دوره السياسي أو الحزبي في المجتمع )

انظر الى الغرب:لا يطلب ولا يتوقع(بضم الياء في الفعلين) من جميع الشباب ادوارا سياسيه او حزبيه.

2.(ومن يملك الكلمة في توجيه شاب إلى الإنخراط في الأعمال التطوعية وهو عرضة للفقر والبطالة. )

الاعمال التطوعيه:لا تتطلب الغنى و الفرصه اعظم للعاطلين عن العمل لاجرائه(استنتاج غير موفق ,للاسف).

3.(

واليأس والخوف في عيون البعض الآخر من واقع مرير ومستقبل مجهول !!)

قبل شهرين بثت احدى الفضائيات الاجنبيه ,برنامجا عن فتيات فارعات الطول,فائقات الجمال,و جامعيات و تقدمن بطلب لاشغال وظيفه "عامل جمع نفايات"في (ميلان\ايطاليا)او كما نسميها"عامل وطن"يا لمفرداتنا العجيبه.

علما بانه في بريطانيا و منذ السبعينات (في القرن الماضي )كانت الجامعيات لا يترددن بالقيام بذلك او باشغال و ظيفه جرسون مطعم او سائقه سياره\تكسي.

4. (وبدا الإنتماء والولاء للوطن )ارجو ان تسهب في شرح معنى الكلمتين لانهما

كلمتين تجريديتين:

abstract expressions

و من الصعب قياسهما

علما بان برامج الصباح الباكر(اخر ابنائي, وهو صغير يجبرني على سماعها اثناء توصيلي له الى المدرسه:تقيس الولاء :بالاستماع لاغنيه:دق الماني,ترشرش (مع اعتذاري العظيم للمطرب القدير حسين السلمان)و ما شابه ذلك من الاغاني,

5.(خاصة مع تزايد أعداد الخريجين )

من كل 100 طالب يدخل الصف الاول في المدرسه في امريكا الشماليه, يذهب 11 منهم الى الجامعات مقابل 13 في اوروبا الغربيه(تقريبا في كلا الرقمين)وفي كل البلاد المذكوره الدراسه مكلفه للغايه و على حساب الطالب او على شكل قرض حكومي باستثناء بعض المنح الحكوميه في امريكا للطلاب الاقل حظا,بينما يصل عدد الطلاب الذين يدخلون الجامعات في الاردن الى 45(ينجحون جميعهم وعلى مذهب "من دخل دار ابي سفيان فهو امن"الا من اصر على الرسوب او فصل(بضم الفاء)او توفاه الله اثناء الدراسه الجامعيه او انتحر.

6.(لا يختلف إثنان على أن الشباب هم صمام الأمان)

الشباب هم القوه و الوقود اما الصمام فهم اصحاب الخبره و المتقدمون في العمر.

7.(الشباب الأردني بين ثقافتي الخوف من الحاضر وترقب المستقبل)

في الاعدادي(و انا في الاعدادي في بدايه سبعينيات القرن الفائت)عرف لنا استاذ نزق (لم نكن نفهم ما يقول)التاريخ بقوله:انه تجمع الماضي في وعي الحاضر لاقتحام ذاكرة المستقبل

مع عظيم احترامي

ولا تنسى

ان كثيرا من اساتذه جامعاتنا مضى عليهم 10 سنوات فاكثر دون تقديم بحث اكاديمي واحد(بتصريح لرئيس احدى اعتى جامعاتنا الموقره)

ولا تنسى انه في استفتاء لافضل 500 جامعه على مستوى العالم ,لم تفز الا جامعه عربيه واحده من اصل مئات ان لم يكن 1000 جامعه عربيه بينما فازت 5 جامعات اسرائيليه من اصل 8 جامعات

كل الشكر لجراسا العزيزه

لنشره و حفاظها على حريه الكلمه و الرأي الاخر
04-01-2012 02:47 PM
هذلول
الى كل مواطن\طالب

يمدح\يفخر بان مسؤولا ساعده او قام بواجبه تجاهه:

ان مدح المسؤول على قيامه بواجبه هو الخطوه الاولى للتغول و الاستبداد,ناهيك عن النفاق,

عن ارسطو بتصرف
04-01-2012 03:00 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات