هل ما يحدث في الأردن يقود إلى التغيير الإيجابي ؟!


هذا هو السؤال الأهم على الطاولة الوطنية الأردنية، والذي يتوالد عنه مجموعة من الأسئلة مثل: أين التغيير؟ و هل تأصل مفهوم التغيير وغاياته في الذهنية الأردنية قانونياً وإنسانياً ؟ ومتى ننتقل من التأصيل إلى منجزات التنفيذ ؟ وهل الوعي بالثقافة السياسية قادر على استيعاب الآفاق والمجالات التي تحملها الإنجازات ؟ علينا أن نعترف وبكل شفافية أن الكثير من المشكلات والعوائق لا تزال تعترض طريقنا الإصلاحية، وأهم هذه العوائق يكمن في البحث عن طريقة للهروب إلى الأمام ومن كافة أطراف المعادلة السياسية ، ومحاولة تسييس الإصلاح والانتقاء غير الموفق للقضايا والأشخاص المتعلقة بالفساد ، قلنا أكثر من مرة إن عدم الإيمان بدور منظمات المجتمع المدني سيسهم في خلق فوضى مدمرة ، وللتوضيح أكثر نقول : على المستوى الرسمي هل يوجد قناعة بدور منظمات المجتمع المدني ؟ ومتى أخر اتصال حصل مع هذه المنظمات للتشاور في الشؤون العامة ، لا يوجد أي تقارير من هذه المنظمات تفيد بحدوث تلك الاتصالات حتى حول أي من القضايا المتعلقة في حقوق الإنسان وأمنه وحرياته ، بالطبع ما شيدوا من مؤسسات تكفيهم ما دامت لا تخالفهم وتكتب التقارير حسب أهوائهم ، لكن ما يجب أن يفهم هو : أن الأردن يتشكل من جديد وكهيئات مجتمع مدني هي من سيحدد الأدوار القادمة ولكافة القوى السياسية الرسمية وغير الرسمية ، لهذا على الجميع أن يتدارك الأمور قبل أن تنفلت بالكامل ، وسنثبت للجميع أننا كشعب أردني أسرة عشائرية أردنية عربية مسلمة ذات مبادئ وقيم إنسانية تتمتع بكرامة أصيلة ، وحقوق متساوية وثابتة ، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة وأساسها الحرية والعدل والسلام في العالم، والتي تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، مدركين أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى ، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، من خلال تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وإذا ترتب على الدول بمقتضى الميثاق ألأممي الالتزام بتعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته،فإن هنالك واجبات على الأفراد إزاء دولهم والآخرين أفراد ودول وجماعات ، وكذلك على القوى السياسية والأحزاب حتى نتمكن من الحديث عن ثمرة التغيير الإيجابي، والتي لا تتحقق ما لم تكن هنالك رؤية واضحة تشكل لنا مفتاح العملية الإصلاحية بالكامل، في الوقت الذي نعاود فيه التأكيد على ضرورة إتباع منهج السلم في اللسان والقلم والعمل ، وقد دعونا من قبل كافة القوى السياسية الحزبية والنقابية والاجتماعية إلى ضرورة التجمع تحت ظل هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني ، ولو من أجل متابعة عملية الإصلاح ضمن تنسيق مع مجلس النواب والذي من المفترض أن يساعدنا في بناء إستراتيجية سياسية فاعلة ،غير أن طغيان المصالح الشخصية على الوطنية يقف عائقاً دون تحقيق هذا الطموح الوطني المنشود ، لهذا المسألة الإصلاحية ليست عند أحد معين ، وإنما بيد أولئك المؤتمنين على الحياة السياسية الحزبية والاجتماعية العدول الجامعين للشرائط العلمية والخلقية لتحقيق العدل القائم على فهم الحياة من خلال الخوف من الله وليس من إسرائيل والأمريكان وغيرهم من القوى ! و إلا عن أي دولة حديثة نتحدث ؟ وما هي الديمقراطية التي نتشدق فيها ؟ وأي إصلاح ذلك المرجو أن يكون ؟ والسؤال الكبير هل يمتلك أولئك المتشدقين شرعية شعبية مقنعة ؟ نتحدث عن الرسميين والحزبيين، وهل بعض هذه الأحزاب تنظر للوطن على أسس أنه وحدة واحدة وأن مواطنيه شعبا واحدا ؟ المصيبة أن الأردن كما قلنا ينفلت من بين أيدينا على الرغم من قيامنا بإجراء إصلاحات في البنية السياسية للنظام والقانون والدستور ، وهي لبنة مهمة من لبنات المطالب الشعبية والسياسية ، لكن على ما يبدو أن البعض طامح إلى ما هو أبعد مما ندعو إليه ، بدليل أنه يرفض وبشكل قاطع أن يكون تحت ظل الهيئة الإنسانية ،المتمسكة بالنظام الهاشمي من ناحية وبكافة استحقاقات التغيير من ناحية ثانية ، والذي يستهدف إصلاح كافة مكونات الدولة جميعها، بدءا من الدستور وانتهاء بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، وبصلاحيات مؤسسات الدولة المختلفة وعلاقاتها بالحياة المدنية والسياسية في البلاد ،وهنا كقوى عشائرية إنسانية نعمل ولكن من يعمل معنا ؟ في الحقيقة لا نجد سوى النظام ، والسائد إعلامياً هو عدم الرضا لعدة أسباب أهمها عدم التوافق بين منطلقات النظام في الإصلاح والتوجهات الحزبية ، وبالطبع هنالك تباين في وجهات النظر ، ولكن هذا لا يعني انعدام فرص الوصول إلى حلول وسط ما دام أن الفلسفة الإصلاحية متفق عليه سلفاً لتشمل: فصل السلطات الثلاثة ، المزج بين المسؤولية والمساءلة ، وقف تولي من بيدهم المال أي من السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية ، هذا عدا عن الكثير من القضايا والملفات التي تحتاج إلى علاج فوري وجاد مثل ملف الطاقة والثروات الأردنية ، وحصص الشعب في هذه الثروات والتي من الطبيعي والبديهي أن تكون ملك الشعب ، وقد وصل في سبيل ذلك عدد المسيرات والاعتصامات منذ بداية العام إلى 4100 بتكلفه تقدر بحوالي 375 ألف دينار أسبوعيا ، بعد أن تحررت قوى التغيير التي قمعت طويلا من الخوف ، لذلك لابد أن تحترم كافة الأطراف إرادة التغيير وتعظم المنجز ، ونبتعد ما أمكن عن سرقة المجهود الجماعي الشعبي والنخبوي والذي ما يزال حتى الساعة متواصلاً في الاحتجاجات والتظاهرات العشائرية ، ونتصدر دون وجه حق سرج الربيع الأردني لنستولي على حقوق العباد، متناسين النضوج الفكري والسياسي بسبب عدم تطور بعض الأحزاب التي ما زالت تعمل ضمن الأطر القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب،وفي المقابل لا نلمس إرادة رسمية واضحة للتغيير فمثلاً الدستور الحالي مستمد من دستور عام 1952 والذي يقرر نظام الحكم في الأردن كنظام نيابي ملكي وراثي، إلا أن الواقع السياسي قد حافظ على دستور عام 1946 الذي نص على نظام حكم ملكي وراثي نيابي ! ومن هنا تأتي أهمية تعديل الدستور وتفعيلة ، هذا في الوقت الذي نجد بعض القوى السياسية مثل جماعة الإخوان المسلمين يحملون الملك مسؤولية استمرار المسيرات ، وجدير بالذكر معرفة أن الجماعة أعلنت رفضها القاطع لـ "علمانيتها" على غرار تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا،هذا مع نفيها وجود اتصالات مع الأمريكيين، داعية جلالة الملك عبد الله الثاني، إلى تقديم المزيد من الإصلاحات، ولو أخذنا المشهد الأردني في عموميته فإن الأحزاب الدينية واليسارية على الرغم من تحفظنا الشديد على بعض سلوكياتها غير الناضجة إلا أنه يوجد لديها برامج ولكن لغاية الآن لا يوجد إرادة سياسية جادة لتوظيف هذه البرامج في عموم المشهد الأردني لإحداث التحول والتغيير المنشود ، ولو أخذنا مثلاً على مستوى حزب الإخوان في البلاد، فهو أكثر الأحزاب السياسية تداولا للسلطة داخليا، وقد أكد أكثر من مرة رفض الحركة التحاور مع المسئولين الأمريكيين وأنه لا يحمل أية أجندة خارجية، بالرغم من نشر الكثير عنهم وفي هذا الصدد بالذات ، وفي هذه الأوقات بالذات والتي تحمل أهداف ربما لها علاقة بإعاقة الإصلاح والتغيير في الأردن ، والحركة التي تقدمت في انتخابات1989م بعدد من المرشحين لا يتجاوز 37 مرشحاً ، كانت قد قاطعت الانتخابات النيابية مرتين منذ عودة الحياة الديمقراطي إلى البلاد بعيد عام 1989 م، حيث كانت الأولى عام 1997، أما الثانية فكانت خلال الانتخابات الأحدث عام 2010 للمجلس السادس عشر ، احتجاجا على حدوث عمليات تزوير في انتخابات 2007 التي منيت فيها بخسارة فادحة، ومع ذلك فإن كل ما قامت فيه الحركة أو حتى الأحزاب الأخرى وباقي التحركات لم يقود فعلياً إلى التغيير الإيجابي ، في الحقيقة ما زالت القوى السياسية تتساءل لماذا القيادة السياسية في الأردن ممثلة بالنظام، تتعامل مع الأردنيين باستخفاف وتجاهل من خلال الحديث عن بعض الإصلاحات السياسية الخجولة التي تمثلت ببعض التعديلات الدستورية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي جاءت كذر الرماد في العيون وكأن الشعب ليس مصدر السلطات ؟! هذا عدا عن الحديث عن السياسات الخارجية مثل السعي وراء دول مجلس التعاون وترك الدول الساعية إلى توطيد العلاقات معنا ، وهي في الوزن الإقليمي والدولي أثقل بكثير من دول الخليج والسعودية معاً مثل إيران ، والمستعدة لتقديم ما لم تحلم فيه الأردن حتى ولو حصلت على انضمام كامل لمجلس التعاون الذي لفظ الفكرة من أساسها ، مشكلة أن لا نتحرك قيد أنملة وعلى كافة المسارات الداخلية والخارجية ، وكأننا في حالة انتظار الربيع العربي لنعود إلى ما كان سابقاً من تسلط وظلم وفساد وإفساد ، كيف ؟ و هل ما يحدث في الأردن لن يقود إلى التغيير الإيجابي ؟!



تعليقات القراء

مدهش
مدهش
26-12-2011 08:52 PM
هذلول
كلا و الف كلا
27-12-2011 08:35 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات