المعارضة الناعمة وليس الأمن الناعم


كنا في السابق نسمع ونقرأ عن انواع الامن المختلفة ومنها الامن الوقائي والامن الجنائي والامن الوطني والامن الاقتصادي والامن السياسي والامن الاجتماعي, وما كنا لنسمع بالامن الناعم وسرعان ما بدأت وسائل الاعلام مؤخرا تروج لمفهوم الامن الناعم , وانه نوع جديد يضاف الى أنواع الامن تم استحداثه مؤخرا على يد مدير الامن العام الحالي ,وبدأ مدير الامن العام مع فريق يرافقه بشرح هذا المفهوم في جولات خارجية , ولم يبقى للأردن الا ان تتبنى هذا المفهوم الجديد وتعرضه على الهيئات الدولية, وتسجل براءة اختراع له, وتطلب المشاركة بجائزة نوبل للسلام بسبب هذا الاختراع العظيم ,انه لأمر مؤسف حقا ان نصل الى هذه المرحله من التفكير, ومن خصوبة الخيال ولا نجد جهة رسمية كبرى تتدخل لتقول أوقفوا ما يجري و لا داعي له , واريد هنا ان اسأل سؤالا : هل يعني مفهوم الامن الناعم ان يقوم جهاز الامن العام بتقديم الماء والعصائر للمسيرات ؟ اعتقد ان الجميع يجيب بـ لا على هذا السؤال , واعتقد ان ما سهل على مدير الامن العام اختراع هذا المفهوم , هو ان المعارضة الاردنية تعتبر معارضة ناعمة وناضجة ومختلفة عن المعارضات الاخرى, فلو فرضنا على سبيل المثال ان المعارضه استخدمت اسلوبا خشنا وسلكت طرقا غير الطرق التي كانت تسلكها ,فهل سيأمر مدير الامن العام بتقديم العصائر والماء لهم ؟ الاجابه ايضا لا .
ان الشعب يرفض مفهوم الامن الناعم الذي اوصله الى ما هو عليه الآن ,من استقواء على هيبة الدولة وتغول الدولة على حقوق المواطنين ,فأصبح رجل الامن يتعرض للهجوم , ومثله الحاكم الاداري وموظف الحكومة, وتفشت الجرائم وبدأنا نسمع بأنواع جديده من الجرائم لم تكن موجوده في قاموس الامن الاردني , من أجل ذلك يرفض الشعب هذا المفهوم ويطالب بسيادة القانون ان تعود وأن يعم العدل والأمن لكي نأمن على انفسنا وعلى ممتلكاتنا, فلا يستقوي احد على هيبة الدولة ومكوناتها ,ولا تتغول الدولة على شعبها, فهنالك القانون الذي يفصل ويحكم بين الجميع بالعدل والمساواه , وبذلك نغلق باب المزاودات وبيع الوطنيات على بعضنا البعض في ظل غياب سيادة القانون, و ننام و نستيقظ من جديد على نعمة الامن والامان بشكل حقيقي وصادق , أما واقعنا الحالي وبعيدا عن المجاملة فنحن لسنا آمنين ولا ننعم بالأمن الذي نطمح اليه, فقضية الأمن والأمان تعتبر قضية نسبية, وكلنا يرغب عندما نريد ان نقارن أمننا أن نقارنه بأمن الدول المتقدمة وصاحبة النموذج الامني المثالي, ولا نقارنه بأمن الدول المهترئة ونعتبر أمننا افضل منهم نريد لأمننا ان يقارن نفسه مع احدى الدول التي يوجد فيها شارع تزيد ممتلكات هذا الشارع عن عشر مليارات دولار, ولا يتم اغلاق ابواب المحلات في هذا الشارع لا ليلا ولا نهارا , هذا هو مفهوم الامن الذي نبتغي.
ان الامن الناعم هو ان يحترم الشرطي المواطن طيلة ايام الاسبوع وطيلة ايام الشهر وطيلة ايام السنة وفي كافة المواقع , عند تحرير المخالفة له وعند تنفيذه للقانون, وعند كافة اشكال التعامل اليومي , هذا هو الامن الناعم وليس تقديم العصائر والماء .
كان الافضل لجهاز الامن العام ان يوفر ما تم انفاقه على مفهوم الأمن الناعم وينفقه على مرتباته فهي أحوج لذلك , نريد أمنا الكترونيا يسهل على المواطن ويحترم شعوره وكرامته ويحقق الامن ويحصر المسائلة على كل من يخالف القانون فقط . كان الأجدر بمدير الامن العام ان يطور الامن التقليدي ويستفيد من الدراسات والافكار والمفاهيم التي تم اعدادها من قبل مدراء الامن العام السابقين ,لا ان يقوم بتجاهلها ،ان الحكومة بأجهزتها المتعددة والشعب لم يعودا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر, فلو كنا كذلك لتدخل وزير الداخلية السابق ورئيس الوزراء السابق واوقفوا ما يجري ولكننا للاسف وصلنا الى مرحلة , كل شخص مسؤول في موقع يطوب هذا الموقع بأسمه , ولا يسمح لأحد التدخل فيه وبغض النظر عن قراراته ,صائبة كانت ام خاطئة, واريد ان اقول هنا ان من شاور الناس شاركهم في عقولهم لذلك نتمنى على دولة رئيس الوزراء الدكتور عون الخصاونة ومعالي وزير الداخلية - والذين يثق بهم الشعب ويبني عليهم آمالا كثيرة - أن يتدخلوا و يعيدوا النظر في الاستراتيجيات الأمنية القديمة والبالية, ونتمنى على دولة الرئيس الشروع في التفعيل الكلي لسيادة القانون واعمام العدل والمساواة بين كافة فئات الشعب ,والشروع في محاسبة الفاسدين الذين أعيوا الجسد الاردني وارهقوه ,وتقديمهم للمحاكمة سواءا كان الفساد ماليا أو اداريا , حمى الله الاردن وحمى شعبه , انه نعم المولى ونعم النصير .



تعليقات القراء

ضابط أمن عام
شكرا جزيلا للأخ الكاتب...وصف جميل وأوافقه الرأي على كل ما تفضل به ونرجوا من معالي وزير الداخلية التدخل والاشراف المباشر على جهاز الامن العام ووقف ما يجري من تجاوزات أثرت نفسيا على معنويات جميع المرتبات
25-11-2011 11:25 PM
أبو العود / السلط
شي غاد بدك تقوم ...على أم .....
26-11-2011 12:15 AM
عصامي
....... بزمانه ومنين جايب هلصورة
26-11-2011 12:16 AM
معارض لمقولة المعارضة الناعمة ولست مع سياسة الأمن الناعم
ماذا بقي من لبعض قوى المعارضة الناعمة عندما تتجاوز الخطوط الحمر من إساءة لرمز هذه الأمة وتعطيل مصالح العباد والضرر قيها والعمل من أجل أجندات خارجية في سبيل تحقيق مصالح شخصية ، نعم إنه الأمن الناعم الذي لا نرغبه، ولو لم يكن ناعماً لتوقف كلٌ منهم عند حده وإحترم أمناً لم يُسيء له أو أهان كرامته أو تجاوز حدود الإنسانية معه كما فعلت كل الدول التي إنقلبت أنظمتها ، وهذا لا يعني أننا مع هذه السياسة التي أنهت هيبة الدولة وأفقدتنا الثقة بأنفسنا
26-11-2011 03:15 AM
ابراهيم الحمامصه
لم تعد الدول تفاخر بما لديها من امكانيات مادية وتكنولوجية وانما بما تملكه من امن واستقرار , فالامن عنصر مهم لنمو الحياة في جميع المجالات لذلك لابد ان يبقى الامن قوي حتى يحافظ على هيبة الدولة ويحفظ الحقوق للمواطنين

وشكرا ياابو عدي على هذا المقال
26-11-2011 11:03 AM
ابو ليث
الرجل ما غلط حكى الصحيح والدلالة الجرائم التي لم يسبق لها مثيل لا بل لم نكن نتخيلها يستاهل الكاتب الشكر للتنبية والتذكير خوفا من حصول مالا يحمد عقباة
26-11-2011 11:39 AM
كركي وافتخر
اشكر الكاتب على هذا المقال وفعلا صرنا نسمع بجرائم وتطاول على هيبة الدولة لم يسبق له مثيل
26-11-2011 12:07 PM
ابن البلد
دائما مميز بمقالاتك سيدي بسام بيك
26-11-2011 12:19 PM
زميل متقاعد
شكرا للزميل ابو عدي على طرح هذا الموضوع المميز
27-11-2011 08:38 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات