عبود


أحيانا تتعوذ من الشيطان مائة مرة ، فيما لو قام أحد الأشخاص بزيارتك ، ليس بخلا انما لأن لديه طفل يخلو من ادنى درجات التربية والاحترام والأدب .

هذا ما حدث معي أمس ، لحظة دخول " عبود " وأهله علينا . وضعت يدي على قلبي ، واستعذت من الشيطان مائة مرة ، ودعوت الله أن يعدي هذه الزيارة على خير وأن يكون حجم الخسائر المنزلية وفق المعدل .

ما أن دخل أهله وفي غمرة السلام والترحيب المصحوب بقلق وخوف ، حتى زرق من بينهم راكضا " فلخم " بالمزهرية الجاثمة باستسلام فتسبب لها ببعض الكسور ، وكان أول الغيث مزهرية .

اعتذر الوالد وخرجت مني عبارة " مش مهم " على مضض ، وعبود ما زال " يتنطنط " هنا وهناك وعلى الكراسي ، والست الوالدة تردد كل شوي "بس يا حبيبي ، بس يا عبود" ، ثم تعود الى الاحاديث والسواليف وطق الحنك .

انضربنا على رأسنا وقدمنا " كيك " مع الشاي ، وحيث أن عبود لديه كرم زائد ، فقد قام "بفتفتة" الكيك على الكنب والفرش والسجاد ، لم ادري وقتها من الذي تناول الكيك عبود أم الأثاث ؟ نظرت الست الوالدة لعبود وقالت : هيك مليت الدنيا ، معلش وسخنالكم الارض ، لم استطع وقتها ان أرد سوى : فداك يا عبود ، مع ان نفسي ان اقوم بفرم عبود على ماكنة اللحمة فرمة ناعمة .

عبود لم يعر انتباها لأحد ، ما زال ينطنط ، وما زال يخرب ، اعترض على طريقة ترتيب الفازات ، فقام بتغيير الترتيب والأمكنة ، الظاهر ان لديه حس فني ، المهم لم يبقى في النتيجة سوى فازة واحدة تعاني من التشققات ، فيما البقية لم يعد ينفع معهن الجبصين أو التجبير .

أجمل ما في الامر ان والد عبود أخبرني بأن أغلب الاطفال اللذين في عمر عبود ، مشاكسين ومخربين ، وشكا لي عن ابن صديق له ، وقال لي عبود جنبه نعمة ، وفي نهاية الحديث قال لي بس بيني وبينك هذا الشيء ما بصير اللي عنده ولد مش مربى لازم يضبه في البيت ، نظرت الى عبود ولم املك ان اقول سوى معك حق .

عطش عبود فقمت بمناولته كأس ماء ، لكنه بعد ان ارتوى ، قام برش الماء المتبقي وكبه على الارضية ، والظاهر ان المسألة اعجبته ، فأصبح يملئ الكأس ثم يقوم بتفريغه على الارض ، عندها " نهر " الوالد بعبود ، وقال له : والله بس نروح لأموتك ، بفرجيك بس نروح ، وفي محاولة مني لتهدئة عبود وتقليل حركته وتخويفه قلت له : ( ييييه رح يذبحك بابا ) ، ضحك عبود ، وقال : لا ما رح يذبحني هو دائما بحكي هيك بس ما بسويلي اشي .

في كل محاولة تخريبية من عبود ، كانت الأم تردد نفس العبارة ( بس يا عبود خلص حبيبي ) ، ثم تعود الى السواليف والاحاديث والقال والقيل ، وعبود لا يزال ينقض على الكاسات والمزهريات ، ويحاول خلق ديكور جديد للمنزل . ولا زلت وقتها انظر الى عبود بعيون ساخطة ونفسية ترجو أن تفرك أذانه او تعلقه على الباب أو تضعه في المولينكس حتى .

في نهاية الزيارة وعند مغادرتهم ، نظر الي عبود وقال وهو يبتسم " باي عمو " ، غادر بعد ان ترك في القلب غصة وفي المنزل حالة فوضى يرثى لها

وضع عبود لا يتختلف كثيرا عن حال والفساد والفاسدين لدينا .

فعلى الرغم من لهجات التخويف والوعيد ، على الرغم من تهديدات " بفرجيك " ، الا انه ما زال يتفاقم في تخريبه وتدميره لنا ، ويقضي على كل مقتنياتنا .

على الرغم من كل لهجات الوعيد والتخويف وعلى الرغم من العيون الحمراء ، الا اننا ما زلنا نعاني ونكتم في قلوبنا ، فلا بس ولا خلص كفتنا شر هروب باخرة بحجم الألم الذي لدينا وكأن التي هربت حبة زيتون تدحرجت دون أن تلفت الانتباه او نشعر بها .

للأسف .. الخوف الخقيقي ليس موجود ، لذا كلما سرق أحدهم الفرحة من أفواهنا والأمل من عيوننا ، قال لنا قبل أن يغادر " باي عمو " .

المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

هذلول بن متعب
..........
رد من المحرر:
نعتذر.......
17-11-2011 11:04 AM
المحاميه وصاف الكعابنه
الزميل المحترم خلدون
لااعلم من اين ابدأ فأمثال عبود كثيرون لقد عانيت بالبدايه مثل معاناتك وبالنهايه لماجد مفرا من ان اتصدى لعبود ولام عبود وبالاخص ام عبود لان كل اللوم يقع عليها بالدرجه الاولى فأسس التربيه يجب ان تزرعها الام بالاطفال منذ تعومة اظفارهم فترتاح وتريح الناس من شقاوة الاطفال نعم لقد حرمت على نفسي ان اقدم اية ضيافه لمصطحبي اطفالهم خاصه تلك القابله لتلويث الاثاث واكتفي بتقديم القهوه الساده سريعة الضيافه وقليل من الفاكهه والتمر وذلك ليس بخلا انما تجنبا لعبث اطفالهم كذلك لااتردد بتوجيه النصيحه لتلك الام اللي مريحه نفسها عالاخر وعيب ياحبيبي بوجوب تربية ابنها ليكون ضيفا خفيف الظل على مضيفيه او ان تبقيه بالبيت لينعم بالدفء والراحه وهي تكون قد خرجت من جو البيت وغيرته للاسف ارى بأمهات هالايام قلة الاهتمام بالتربيه والتوجيه كما كنا نفعل مع اولادنا بل ويتباهين بشقاوتهم بكل استخفاف ويحولنها لخفة دم ثقيلة الظل
19-11-2011 09:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات