نعم، الأردنيون غاضبون


الأردنيون غاضبون لأنكم أوصلتموهم إلى ما كان يُقال في الماضي من أن الجهل حكمة، ومع قسوة العبارة وفجاجتها، ورفض العاقل لها، إلا أنه تلوح في الأفق هذه الأيام تأكيدات كثيرة لها، فقد أصبحنا نقول: إن الجهل باستخدام الإنترنت، بل الأمية بعامة راحة، ولو غاب التلفاز أيضا لكان أفضل، لقد جعلها الفاسدون، والمجرمون، والوصوليون....عبئا ثقيلا علينا.

فلو غابت هذه الوسائل لما عرفنا ما يدور في العالم العربي، من محاكمة من كانوا يسمون بزعماء الأمة لسنين طويلة في أقفاص كأقفاص الدجاج أو قل كأقفاص المجرمين العتاة! ولما رأينا ما يدور في العالم العربي من قتل وتعذيب للشباب والأطفال، واغتصاب النساء، واغتيال الأوطان، واستعباد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا...

لولا القراءة والإنترنت لما عرفنا ويكيلكس، ولا أبطالها –من شتى المنابت والأصول- من المنافقين الذين يتباكون على أقدام السفارات لأجل كسرة خبز في مقابل الاستقواء على الوطن، وبيع دماء الشهداء، وضياع هوية فلسطين، وأطفال غزة المعذبين، والأسرى الذين قضوا أعمارهم في ظلمات السجون وغياهبها، والأمهات الثكالى، والنساء الأرامل، والشعوب المشردة التي التحفت رياح الشتاء، وزمهرير البرد لسنين طويلة، وما زالت قابضة على مفتاح بيتها تحلم بالعودة، متناسين ما تردده الشعوب : من أن أصحاب هذه السفارات ومن قَهر فلسطين الإنسان والوطن، وما زال يفعل، وجهان لعملة واحدة، ولو كان هؤلاء ينضحون من بئر العدالة والمساواة لعرفوا أنهما غير متحققتين لكثيرين من أبناء الوطن ومناطقه بغض النظر عن أصول سكانه وكفاءاتهم!

ولولا المعرفة بالقراءة والإنترنت لما كُشف الفاسدون، وبقينا في أحلامنا البريئة التي ترى الصورة الجميلة لأناس كنا نراهم في غاية النقاء والبياض.... ولما كشفنا كثيرا من الصفقات المشبوهة وبشاعتها التي طالت الأرض والبشر والشجر والحجر.... فهم يسرقون مليارات، ويهدرون أخرى، ويتذاكون على المواطن المقهور جوعا وظلما في الترويج لبطاقة خبز غبية! ولفاتنا كثير من أخبار ملفات الفساد التي تنزل أخبارها على رؤوس الأردنيين مثل يوم شتاء عاصف تتحدر فيه أمطار الغضب لا أمطار الرحمة!

لقد سئمنا المعرفة وتمنينا الجهل؛ لئلا نسمع أخبار سوء إدارة بعض الوزراء، وبعض رؤسائهم، وسوء قراراتهم، وبعض النواب وبشاعة تصريحاتهم بحق شبابنا، وخفايا أُعطياتهم، وسرقات السارقين من جيب المواطن الذي أفرغوه سوى من حيلة أم أو أب يدخل يده في جيوبه عشرات المرات مصبّرا أسرته كتصبير صاحبة عمر بن الخطاب التي كانت تضع الحصى والماء على النار؛ معللة صغارها حتى يناموا، إلى أن قيّض الله لها عمر، فأين أنت اليوم ياعمر؟!

سحقا لك أيتها المعرفة، لقد أفسدت رأينا في زعمائنا ووزرائنا ونوابنا وحراس أمننا وطمأنينتنا...
الأردنيون يريدون أن ينتبذوا مكانا قصيا بعيدا عن فساد كبارهم ومهاتراتهم، وما يكشفه الآخرون من تجاوزاتهم على الوطن وحقوق المواطنة، وما تبثه الفضائيات من فسادهم، فقد بات هذا كله يحرجهم، بل يغضبهم، فهل يفهم المعنيون قبل فوات الأوان؟! أم سيستمرون في إحباطنا وقلقنا وإحراجنا أمام العالم بتجاوزاتهم، وقراراتهم الرعناء، وما قصة الكازينوهات، واتهامات الدولة بالفساد من بناتها، والمنتفعين منها لسنوات طوال، والباص السريع في نهب المال العام، البطيء في الإنجاز، والمادة ال23 من تعديلات الدستور سيئة الصيت، إلا غيض من فيض؛ لذا فمن الأمانة القول: إن الأردنيين غاضبون، بل غاضبون جدا.amalnusair@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات