العدل الاجتماعي


إن الواقع الأردني الرهن بحاجة إلى افتراض أو نظرية جديدة قد تساهم في حل المشكلة الأردنية في مجال العدل الاجتماعي بأبسط صوره، والذي اصبح هذه الأيام مطلب شعبي يجب على الحكومات الأردنية إعادة النظر فيه وإبرازه بصورة حضارية تتلاءم والوضع الأردني الجديد. فأفضل طريقة لقياس التقدم في هذا المجال هو المقارنة ما بين القديم والحديث، والوقوف على نقاط القوة والضعف واستلهام العبر والدروس المستفادة، وتسهم هذه الطريقة في اكتشاف المزيد من المشكلات الأعمق والتي حلها يتناسب مع الواقع الاجتماعي الأردني. وتبرز أهمية تحقيق العدل الاجتماعي كونه من أهم واجبات الحكومة.
فمن الأهداف الأساسية لأي حكومة أن تعمل على خلق الغنى الروحي والمادي لدي الموطن بمعنى أخر العمل على تحقيق العدل الاجتماعي والحرية الأساسية وان يسود القانون على الجميع .وتتحمل بعض الحكومات الأردنية المتعاقبة الجزء الأكبر والأساس من مسؤولية التردي والضعف في مجال العدل الاجتماعي والذي يعتبر مشكلة تراكمية وذلك لسوء توزيع الثروات والمكاسب المادية في الدولة، إضافة إلى توارث المناصب العامة وتركزها في عائلات معينة وحرمات الباقي منها، إضافة إلى وضع الحواجز والعراقيل أمام حرية الفكر وحركة الثقافة والتطورات التقنية، والعمل على استيرادها جاهزة من الغرب.
فكثير من الحكومات الأردنية المتعاقبة قد ركزت على العاصمة عمان في مجال تطوير البنى التحتية في حين غاب ذلك عن بقية المحافظات وخصوصا محافظات الجنوب فما السبب في ذلك؟ صحيح أن عمان هي العاصمة ويجب أن تكون منظمة ومعدة جيدا لهذه الغاية، ولكن على الحكومات أن لا تنسى باقي مدن المملكة فجميع المدن أردنية وسكانها من حملة الهوية الأردنية بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الوطن الغالي ومليكه المفدى .
و نظرا للتغيرات التي يشهدها الأردن من تعديلات دستورية وإصلاحات مطالب بها، فلا بد من صياغة مفهوم اجتماعي جديد يتماشى مع العصر ومتطلباته، بشرط أن يكون للمفهوم قدرة واضحة لمراعاة الوضع الاجتماعي والثقافي للمجتمع الأردني بحيث يتماشى مع القيم والمبادئ السائدة والتي تتلاءم وقيم المجتمع ، ولكن المسؤولية لا تنحصر بالحكومات وحدها، بل يتطلب مشاركة أهلية وحركة اجتماعية من العلماء والمثقفين من جهة، ورجال الأعمال والأثرياء من جهة أخرى، أي أن يكون هنالك توافق وضوابط تتطلب من الجميع العمل بروح الفريق الواحد.
ولا مجال للشك في انه كلما ازداد الاهتمام بتطوير البنية التحتية والقوى الفكرية في الدولة، من حيث المحتوى والأدوات، كلما أصبح المجتمع أكثر قدرة على التعامل مع معطيات العالم المتغير بسرعة، وفي المحصلة النهائية يجب علينا تبني قوة دافعة إلى الخروج من مأزق العدل الاجتماعي وتبني إستراتيجية واضحة في ظل قانون يكفل لجميع الفئات حقوقهم وواجباتهم. فلا سيادة لغير القانون الذي يطبق على جميع الناس بدون استثناء سواء أكان رئيس أم مرؤوس، ونحن أيضا بحاجة ماسة في الأردن إلى إبداع نموذج معرفي ذي خصوصية ثقافية أردنية .بحيث نستطيع الدخول في عالم الحوار والإبداع. ويحتاج إنتاج العدل الاجتماعي إلى وجود ثقافة معرفية متميزة في المجتمع، تساندها وتشجعها وتبرزها، وتحترم قدرات التفكير والإبداع والسؤال والتأمل والبحث والتطور التقني والمهني.
إضافة إلى إبداع وسائل المعرفة المختلفة وإنتاجها بأيد أبناء الدولة ذاتها مع التوزيع العادل للمكتسبات الوطنية. فالنهوض بمستوى العدل الاجتماعي الأردني يتطلب مشاركة أهلية من كافة القطاعات الشعبية وعلى اختلاف مستوياتهم لان المجتمع اعرف بعاداته وتقاليده وبالتالي ما يناسبه من تطور وخطط علاجية، مما يؤدي إلى عدم تراجع الأمر واتساع الهوة الثقافية وترسيخ ثوابت المجتمع. حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان وحفظ الله جلالة الملك المفدى.

awad_naws@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات