لم أشأ التحدث في الشأن السوري الداخلي الذي إحتدم التوتر فيه خلال الفترة الأخيرة ، لقناعتي بضرورة الحديث عن الشأن الداخلي تحديدا لكونه يحوي ملفات ساخنة تكفينا للحوار والتعليق عليها ، ولكنني إرتأيت الكتابة في هذا الموضوع بعد صدور بيان من داخل الأردن أسمى نفسه باللجنة الشعبية لمساندة سورية في التصدي \" للمؤامرة ، والمؤامرة هنا بالضبط تقع على سوريا !!!
لا أدري حقيقة عن أي مؤامرة يتحدث شخوص هذا البيان الذي فوجئت بالأسماء الموقعة عليه ، فهم حسب قولهم يقولون بأن سوريا بنظامها الحالي تعد منبعاً للنهج القومي الوحدوي القائم على وحدة البلدان العربية وصون حقوقها والدفاع عنها في وجه الطغيان والجبروت الأمريكي وأعوانه ، لا بأس ولكن هل ينكر الموقعون الدور الذي لعبه النظام السوري القومي بدعمه حكام إيران ضد العراق في حربه مع الفرس ؟ فأين الروح القومية في هذا التصرف الأبله الذي سعى به حافظ الأسد الذي يرتع في قبره الآن مضرجاً بدماء أبناء حماة الذين سفك دماء الألاف منهم عندما إنتفضوا على حكمه .
والتاريخ يعيد نفسه دائماً فها هو الأن شبل الأسد الدكتور بشار وارث الحكم بطريقة ديمقراطية بحتة ! تورث عن أبيه نهج الروح القومية أيضاً وسيفه يرعف بدماء السوريين ! الذين خرجوا للتعبير عن سخطهم ورفضهم للواقع الذي يعيشوه في ظل ظروف إقتصادية سيئة وواقع أمني مزري يستعبد فيه السوريون من شرطي يدعي ولاءه لللبشار القومي القائد !!
قمة التناقض أن تطالب بحرية الرأي والتعبير في مكان وتسحقه في مكان آخر فحسب علمي بأنكم ترون في المسيرات التي تخرج في المدن الأردنية حقاً من حقوقهم للتعبير ، وهذا ما يحدث في سوريا فلم يخرج الشعب من فراغ بل لمطالبته بالتغيير والإصلاح ورفضه التام للنهج البليد الذي يقوده حزب واحد في بلدهم منذ أكثر من ثلاثة عقود يدعي إدعاءاً بأنه بعثي ، وهذا بحد ذاته كذب وتظليل ومجرد تبني لواجهة فكرية فقط ، فحسب علمي بأن فيلسوف البعث ميشيل عفلق لم يذكر في كتبه التي قرأتها وأمتلكها في مكتبتي أي نقطة تتحدث عن رفض البعث حرية الرأي وسحقه ، ولم يتحدث عن رفضه للديمقراطية الحقيقية المطبقة فعلياً ، ولم يتحدث عن الصمت بوجه المحتل الذي إغتصب هضبة الجولان .
في خطاباتكم دائماً سادتي اعضاء اللجنة الشعبية تقولون بان الشعب مصدر السلطات وهذا ما تؤكدون على تطبيقه في الأردن وتطالبون بحكومة منتخبة تمثل كافة الأطياف ، فما مبرر رفضكم بأن يخرج الشعب السوري ليقول كلمته في نظامه السياسي الذي لا يأتي بقريب أو بعيد بهذه الفكرة التي لا توجد في قاموسه سوى السيد الرئيس الحاكم بأمر الله وإمام السلاطين هو المنزل الذي عصم عن الخطأ ولا تخرج من بين يديه الا الأفعال الطيبة !! ألا تسمون هذا تناقضاً ؟ فهل بنظركم ان الشعب السوري لا يحق له أن يكون مصدرا للسلطات لأنهم الأن يخرجون للشارع بفقرهم وعوزهم وحاجتهم وسخطهم على ظروفهم بتوجيه أمريكي بالريموت كنترول ؟ هل يعقل هذا الكلام أن يكون الشعب السوري مغفلاً أيها الأكارم ليغدو عميلا لأمريكا وغيرها ؟ إن كان الأمر يتعلق بأمريكا فهي تتأمر على أصغر دولة في العالم وعلى الأردن لأن مصالحها تقتضي ذلك وهي تعتبر نفسها شرطي العالم ! وإن كان ما تقولونه صحيحاً فهذا يعني أن الخارجين بمسيرات الكرك وحي الطفايلة والجامع الحسيني وذيبان وغيرهم أيضاً ، يتلقون التعليمات من مبنى البنتاغون ؟! .
خرج الشعب السوري للميادين فسلطت على رقابهم الدبابات المجنزرة والرصاص الحي وزحف الجيش على الأحياء السكنية ، ولم تخرج رصاصة واحدة منذ الحافظ الى البشار الأسد منذ عقود طويلة في وجه مغتصب أرضهم العدو الصهيوني ولكنها ظهرت على الشعب فقط ، لأنه عبر عن رأيه منذ بداية الحراك بطرق سلمية هاتفاً بالحرية ومنادياً بصوت عال بان حراكه سلمي لا تخريبي ، وانتم تقولون ممانعة نعم إنها الممانعة لصوت الحق والوقوف بوجه الظلم واستئساد حاشية الأسد على ممتلكات الشعب السوري وحقوقه .
أرجو من الله العلي القدير أن تعيد هذه المجموعة حساباتها فهم من الرجال الطيبين الذين لهم مكانة لا نود أن يفقدها أحدهم إن أصروا على بيانهم هذا ، فلا تستهجنوا بعد اليوم أن يقوم الدرك بتفريق مسيرة أو منعها من مجرد التجمع ، حينها لا تقولوا شيئاً فإنتفاظتكم بوجه دركي ذهب لدوار الداخلية لقمع المواطنين كانت بنظركم قمة التسلط و السخط لحق التعبير ، أما أن يزحف الجيش والشرطة والشبيحة والمتكسبين على أجساد الشعب السوري فلا قمع هنا على الإطلاق لان النظام ممانع ! .