هل العلاقة بين الفساد والقانون كالعلاقة بين الفيروس والمضاد الحيوي?


في حديث جانبي ،وبسيط وتلقائي وبدون مقدمات ، فاجئني أحد الاصدقاء وقال أن طفله الصغير أصبح لا يجدي معه المضاد الحيوي الواقي للرشح مما اضطر الطبيب لإعطائه مضاد حيوي أقوى من السابق ،وانتهى الحوار بيننا ،ولكنه لم ينتهي في عقلي الصغير كمواطن يحاول أن يرسم صورة جميلة للوطن في المستقبل .
من هذه المقدمة الحوارية البسيطة ، وجدت أن هذه الحالة لابد وان تطرح للنقاش عن الفساد ، منذ عشرين عاما سابقا ويزيد كان الفساد عندنا يأخذ شكل واحد وبسيط وهو أن هناك مسئول ما في مركز حكومي معين يستفيد من وجوده في هذا المركز ، ومن خلال المعلومات التي يحصل عليها عن مناطق التطوير للأراضي أو المشاريع ، يقوم هذا المسئول بالاستباق والسيطرة على مجموعة من الأراضي التي تحيط بهذا المشروع ، ومن هنا يصبح هذا المسئول صاحب أراضي تقدر قيمتا بمئات الملايين ، وبعد فترة زمنية كشف هذا الأسلوب .
وأصبح هناك أساليب عدة للفساد ومتطورة ،ومنها أن يفرض احد الأشخاص نفسه وعائلته على بعض المناصب للحد الذي تصبح عنده هذه المناصب وراثية ، ولازال هذا الأسلوب يستخدم ، ولكن بأسلوب خجل بعد أن كشف من قبل المجتمع ، واصبح المجتمع لا يخجل من ذكره .
وبعد قضايا الفساد في المصفاة وموارد ومشاريع دراسة الجدوى ، وبيع العطاءات للوزراء من خلال شركاتهم الخاصة ، ومكاتب الهندسة التابعة لأقرب الناس لهم ، وقبض العمولات على القروض الحكومية ، والعطاءات وما شابه ذلك من اشكال الفساد ، وبعد ذلك كله هل سيقوم الفساد بتطوير نفسه ويغير شكله كي يبقى خارج إطار سيطرة القانون .
وسؤالنا هنا هل العيب بالقانون الذي وضع مراحل زمنية وبعيدة عن المنطق ، أم ان العيب في من ينفذ القانون ويطوعه كما يريد ؟ ، وهل سنجد أنفسنا بعد سنوات قليلة قادمة أمام أنواع جديدة من الفساد يؤكل من خلالها مقدرات البلد ، ونبقى نسير في حلقة دائرية لانهاية لها أسمها الفساد المتطور .
يقال أن الحاجة هي أم الاختراع وفي هذه الجملة طرفان، الطرف الأول هم من يضعون القانون ، والطرف الثاني هم من يمارسون الفساد ، فكلا الطرفين سيستخدمان حاجاتهم في خلق اختراعات تلبي حاجاتهم ، وهنا يبقى الفيصل في يد الطرف الأول الذي لابد وان يكون يملك المعرفة والذكاء والحيادية ، كي يستطيع أن يواكب عقلية الطرف الثاني وهو يبحث عن طرق وأساليب ليحقق بها حاجاته القائمة على الفساد ومن خلال اختراع أساليب جديدة كما يفعل الفيروس في تطوير نفسه كي يستمر الطرف الأول بالبحث عن مضادات حيوية تقضي عليه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات