جراسا -

تتحسب الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة، لتداعيات حدث هام مرتقب خلال الساعات المقبلة، وهو إطلاق مجموعة «بريكس»، في القمة الـ 15 التي ستعقد في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا ( 22 ـ 24 أغسطس / آب الجاري)، عملة موحدة بينها، تنهي بها هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي، إذ أعلن ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر يونيو/حزيران 2022، مشددا على أن مجموعة بريكس تعمل على تطوير عملة احتياطية جديدة على أساس سلة العملات للدول الأعضاء.

هذا الأمر أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في شهر يناير/كانون الثاني 2023، حينما قال «إن مسألة إصدار عملة موحدة لدول مجموعة بريكس ستناقش في القمة الـ 15 المقبلة المقرر عقدها في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا.
كسر هيمنة الدولار

من جانبه، قال رئيس مجلس الدوما الروسي، ألكسندر باباكوف، في مطلع شهر أبريل/ نيسان 2023، إن «مجموعة دول بريكس تخطط لإصدار عملة موحدة للتداول فيما بينها لكسر هيمنة الدولار باعتباره الوسيط الرئيس للتجارة والتسويات الدولية».

ومن المرجح سعي الدول الخمس المكونة لتحالف «بريكس» إلى القضاء على هيمنة الدولار في التبادلات التجارية الدولية، سينعكس إيجابيًا على دول الشرق الأوسط، التي لديها تبادل تجاري ضخم مع روسيا والصين، إذ وافق البنك المركزي الروسي في بداية عام 2023 على اعتماد الجنيه المصري، والدرهم الإماراتي، والريال القطري بحيث تكون من العملات المقبولة في التبادل التجاري مع موسكو.
«إعادة توازن» النظام العالمي

وأكد وزراء خارجية بريكس، طموح كتلتهم في التنافس مع القوى الغربية، إذ عبروا في تصريحات خلال الجلسة الافتتاحية قبل محادثاتهم الخاصة، عن تطلع الكتلة لعالم متعدد الأقطاب.

ودعا وزراء الخارجية إلى «إعادة توازن» النظام العالمي..وأكد وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار في مستهل الاجتماع، أن «العالم المتعدد الأقطاب يعيد توازنه، والأساليب القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة».

عملة على أساس استراتيجي

ولم تحسم بعد دول بريكس شكل العملة الجديدة، وتأتي العملات الرقمية ضمن الأفكار المطروحة لهذه العملة التي ستُنشأ على أساس إستراتيجي، لا على أساس الدولار أو اليورو، وتأمينها سيكون بالاعتماد على الذهب والمعادن النفيسة، حسب ما صرح به رئيس البرلمان الروسي، باباكوف.

مقدمات إصدار العملة الموحدة



إصدار «عملة موحدة » يعد خطوة لها تداعيات واسعة على الساحة الدولية ـ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ـ وقد سبق خطوة إصدار عملة موحدة لمجموعة «بريكس» إرهاصات ومبادرات :

1 ـ قررت مجموعة دول بريكس -خلال قمة فورتاليزا التي عقدت بالبرازيل عام 2014- إنشاء بنك تنمية سمي «بنك التنمية الجديد (New Development Bank) » برأسمال بلغ 100 مليار دولار، ويعد بمثابة بنك تنمية متعدد الأطراف، بديلا عن البنك والصندوق الدوليين
وانضمت الإمارات العربية المتحدة وبنغلاديش وأوروغواي رسميا إلى «بنك التنمية الجديد» التابع للمجموعة أواخر عام 2021، قبل أن تنضم مصر أيضا نهاية مارس/آذار 2023.

2 ـ إنشاء صندوق احتياطي في شنغهاي «اتفاقية احتياطي الطوارئ» (Contingent Reserve Arrangement)، واختصاره «سي آر إيه (CRA).» وخصص لصندوق الاحتياطي، مبلغ 100 مليار دولار تحسبا لأي أزمة في ميزان الأداءات.. ويعد هذا الصندوق إطارا لتوفير الحماية من ضغوط السيولة العالمية.
والمهم.. أن هذا يشمل قضايا العملة، إذ إن العملات الوطنية للدول الأعضاء في المجموعة تتأثر سلبا بالضغوط المالية العالمية، خاصة الاقتصادات الناشئة التي شهدت تحريرا اقتصاديا سريعا ومرت بتقلبات اقتصادية متزايدة.

3 ـ بدأ قادة دول بريكس، خلال القمة التي عقدت في روسيا عام 2015، مشاورات لنظام دفع متعدد الأطراف، يكون بديلا لنظام الاتصالات المالية بين البنوك العالمية «سويفت (SWIFT» من شأنه أن يوفر قدرا أكبر من الضمان والاستقلالية لدول مجموعة بريكس.
4 ـ تقود كل من روسيا والصين مبادرة لإزالة الدولرة داخل دول «بريكس»، وأيَّدت الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا تلك المبادرة، وظهر ذلك جليًا عندما اتجهت كل من الصين والهند إلى تنشيط حركة التجارة الدولية مع روسيا باستخدام العملات المحلية الثلاث،
ويرى بعض المحللين أن تلك الخطوات تمهد الطريق لإصدار عملة مجموعة بريكس الموحدة .