جراسا -

التطور اللافت داخل ساحة الحرب في أوكرانيا، هو أن كلمة «المفاوضات» أصبحت الأكثر استخدامًا في المجال السياسي، وتزامن ذلك مع تحذير خبراء عسكريين في الغرب، بأن الجيش الأوكراني فقد القدرة على إمكانية التوازن، ومن بينهم ضابط أميركي عمل مدربًا للقوات الأوكرانية، بحسب صحيفة التايمز البريطانية، وضابط الاستخبارات الأميركية المتقاعد، سكوت ريتر، الذي يرى أن روسيا «يرجح أن تلحق بالجيش الأوكراني قريبًا هزيمة استراتيجية»، ومنسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي، الذي كشف عن حقيقة فشل الهجوم الأوكراني المضاد، مما سبب «خيبة أمل» للولايات المتحدة.

يأتي هذا في الوقت الذي تعهّد فيه وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، بعدم الخضوع للضغوط الغربية للتفاوض!



تثبيت الوضع الراهن
التطورات الأخيرة على ساحات الحرب في أوكرانيا، أعقبها ظهور توجه يرغب في وقف الحرب وتثبيت الوضع الراهن في أوكرانيا، من أجل الحفاظ على ما تبقى من الأراضي الأوكرانية الموجودة، باعتبار أن أهم ما تبقى هو الحفاظ على دولة مستقلة.

ويرى المحلل السياسي الروسي الشهير، ألكسندر نازاروف، أنه من حيث المبدأ، لم يعد الغرب يخفي حقيقة أنه سيكون أكثر من راض عن تثبيت الوضع الراهن، لتظل أوكرانيا كيانا عدوانيا كارها للروس كثيرا، مستعدا لمحاربة روسيا في أي لحظة، مع تعزيز الفكرة الوطنية الرئيسة لمواجهتها وإعادة الأراضي المفقودة.
رويسيا ترفض تثبيت الوضع
أما تثبيت الوضع الراهن بالنسبة إلى روسيا فهو أمر غير مقبول على الإطلاق بطبيعة الحال، وأي مفاوضات دون تحقيق الأهداف المعلنة منذ البداية سيكون بمثابة هزيمة.

ويضيف «نازاروف»، وفي ظل الظروف الحالية لن يتم رفض مبادرات السلام للدول الصديقة مباشرة بالطبع، ولكن لن يتم التوصل إلى أي نتيجة للمفاوضات، إذا ما قدر لها أن تبدأ فجأة، سوى بشرط استسلام كييف.

كييف تتهم الغرب بالمسؤولية عن فشل الهجوم المضاد


ويشير المحلل السياسي الروسي، إلى المناقشات السياسية المعلنة داخل المشهد السياسي في أوكرانيا، حول أن الغرب هو المسؤول عن فشل الهجوم الأوكراني، حيث لا يوفر ما يكفي من الأسلحة، بعد أن قام بتدريب الجنود بشكل غير صحيح، والآن يحاول الاتفاق من وراء ظهر أوكرانيا مع روسيا، ولا يرغب في تدميرها، أو في انتصار أوكرانيا على الإطلاق.

وجرى تقديم قانون أمام البرلمان يحظر مغادرة البلاد للمراهقين من سن 16 عاما.
إقالات بسبب الفشل
خلال الأيام القليلة الماضية، أقال زيلينسكي جميع المفوضين العسكريين المسؤولين عن التعبئة، حيث تقول الرواية الرسمية إنه «بسبب استياء الناس من الفساد المرعب في الوزارة، بعد أن اشترى المفوض العسكري بمدينة أوديسا، على سبيل المثال لا الحصر، سيارة ماركة «مرسيدس» بنصف مليون دولار، وفيلا في إسبانيا مقابل 4 ملايين يورو». ومع ذلك، فإن السبب الحقيقي لمثل هذه الخطوة قد يكون فشل خطط التعبئة الشاملة وتنفيذا لما أصدره زيلينسكي من أوامر بتعبئة 100 ألف جندي في الشهر، تمكن الجهاز من تعبئة 70 ألف فقط، وهو ما لا يعوض الخسائر على الجبهة.

الارتباك وعدم اليقين




وقال ألكسندر نازاروف، حتى هذا الصيف، كان المجتمع الأوكراني، وبفضل الدعاية المحلية والغربية الضخمة، واثقا تماما من النصر، بحسب تعبير ألكسندر نازاروف، والآن أصبح التأثير النفسي لانهيار الهجوم الأوكراني المضاد مثل صدمة نفسية، ولذلك فإن المجتمع الأوكراني يشعر بالارتباك وعدم اليقين.

وهكذا بدأ الحديث مسموعا عن «المفاوضات» وتثبيت الوضع الراهن وإلى الوقت المناسب في ما بعد.