هجرة المزارعين .. والزراعة لا نملك إحصائيات


جراسا -

مصطفى محمد - "يوم أو أسبوع أو شهر أو عام فأنا أفكر بإغلاق مزرعتي والهروب من تَغيُرات التغير المناخي التي ضربت الأرض وأفسدت المحاصيل الزراعية .. حقا هذه التغيرات تدمرنا كمزارعين وتقضي على مصادر دخلنا وتجبرنا على الرحيل".

بهذه العبارات لخص المزارع خالد أبو عابد معاناة شريحة واسعة من المزارعين الأردنيين المتضررين جراء التغير المناخي الذي شهدته المملكة ودول المنطقة مؤخرا ، مضيفا  أن الزراعة أصبحت تواجه صعوبات أكثر منذ سنوات جراء عدم انتظام هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي ألحق أضرارا بعدد من المحاصيل الزراعية ما أدى لتراكم الديون المالية عليّ.

وكشف أن تذبذب سقوط الأمطار عبر المواسم السابقة، بل انعدامها أدى إلى جفاف الأراضي القابلة للزراعة، وعدم زراعتها، والاستفادة منها، إضافة إلى عدم نمو الأعشاب والحشائش التي يستفيد منها أصحاب الثروة الحيوانية في المنطقة؛ بجانب جفاف الأشجار المثمرة والحرجية على حد سواء.

وأوضح أبو عابد أن ضعف الموسم المطري وارتفاع درجات الحرارة صيفا تسبب بفقدنا لظاهرة تشكل الندى التي كنا نشهدها في فصل الصيف وتغذي النباتات الصيفية، أضافة إلى ان هناك عزوف حاد لدى المزارعين من زراعة بعض المحاصيل الزراعية تجنبا للخسائر.

وبين "كنا نزرع صنفا من الطماطم ضمن حقول بعلية تعتمد على الطبيعة ضمن المحاصيل الصيفية ويعرف بــــ"بندورة ارحابا" بالاعتماد على كميات المياه التي تخزنها التربة في باطنها من هطول الأمطار في فصل الشتاء، ويمتاز هذا الصنف بحبات كبيرة الحجم ذات مذاق لذيذ وكل من يتناول من حبات الطماطم يشبهها بقطع اللحمة الهبرة، إذ إن الحقول لم تعد قادرة على إنتاجها بسبب ضعف الموسم المطري حسب قوله.

المزارعون يهاجرون الى المدن ومحاصيل لم تزرع منذ سنوات

المزارعون بدؤوا بالهروب فعلا من القرى إلى المدن بحثا عن مصادر رزق أخرى وليس هناك من ينتشلهم من خوفهم بسبب آثار التغير المناخي" بحسب مدير عام  اتحاد المزارعين الأردنيين المهندس محمود العوران ، الذي أكد أن القطاع بحاجة إلى فرق مختصة بمجال التوعية للمزارعين حول آثار هذا التغير.

وكشف عن محاصيل زراعية زرعت ولم تجنِ ثمارها خلال الأعوام الماضية ومنها "الفاصولياء والفول وبندورة ارحابا والعدس والشعير والحمص والزهرة " حيث تسببت بخسائر للمزارعين بسبب قلة المياه وارتفاع درجات الحرارة وعلى إثرها تم العزوف عن زراعتها.

وبين أن التربة غير صالحة للزراعة في الكثير من المناطق مما تسبب بالهجرة السكانية من الأرياف إلى المدن، مشيرا الى أن الأردن كان يحقق فائضا بإنتاج القمح والشعير ولكن نسبة الإنتاج اليوم 2% ونستورد 98%.

 *أمننا الغذائي سيكون في خطر سنة 2027

وشدد العوران أن السنوات القادمة سوف نحتاج إلى استيراد أنواع كثيرة من الخضار والمحاصيل الزراعية لتلبية احتياجاتنا مشيرا إلى ان الأمن الغذائي خلال 2024—2027 سيكون في خطر لعدة أسباب منها غياب التوعية .

* لا إحصائيات لدى وزارة الزراعة

لا احصائيات لدى وزارة الزراعة حول أعداد المزارعين المتضررين من هذه الظاهرة " وفق الناطق الرسمي باسمها لورنس المجالي ، مضيفا ان إنتاج بعض المحاصيل الزراعية انخفض خلال الاعوام السابقة وتراجعت الصادرات الزراعية ، بسبب عزوف المزارعين عن زراعتها بسبب هذه الآثار الناجمة عن هذه الظاهرة.

ونوه إلى أن ظاهرة الهجرة السكانية من الأرياف إلى المدن هي ظاهرة فردية وليست جماعية بالأردن وهناك عزوف عن زراعة بعض المحاصيل الزراعية مما تسبب بأضرار مادية ومعنوية للمزارعين.

وأشار إلى ان جميع العاملين في مجال التوعية بآثار التغير المناخي هم أشخاص ذو كفاءة عالية ويمتلكون مؤهلات علمية في كافة مديريات الزراعة في المملكة.

وأظهرت تقارير دائرة الاحصائيات العامة تراجع كميات الإنتاج الزراعي ومعدل الإنتاج السنوي وعدد الأراضي المستخدمة للزراعة بسبب هذه الظاهرة خلال الفترة 2016 الى 2020.

 

 

* إنخفاض الإنتاج الزراعي كارثة لم تؤخذ بعين الاعتبار

صالح الياسين عضو المجلس الزراعي الأعلى أكد على أن انخفاض الإنتاج الزراعي  بنسبة كبيرة في بعض المحاصيل الزراعية في الأردن كارثة "زراعية" ، مشيرا إلى أن أمننا الغذائي خلال السنوات القادمة سوف يكون في خطر ولن يكون هناك إنتاج محلي من بعض المحاصيل الزراعية وسوف نعتمد على الاستيراد الخارجي.

وبين  أن تراجع صادراتنا الزراعية منذ 10 سنوات يعود إلى أمرين رئيسين هما عزوف المزارعين عن زراعة بعض المحاصيل الزراعية لأضرار لحقت بها وعدم تعويض المزارعين عن الخسائر وثانيا ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة وتراجع تساقط الأمطار موضحا أن الأردن كان ينتج الحمص بنسبة تصل إلى 70% واستهلاكنا كان 40% مما يعني أن هناك فائضا محليا من انتاج الحمص قبل سنوات أما اليوم المزارع لم يعد قادرا على زراعة الحمص.

ونوه إلى أن 50 الف دونم من منطقة غور الصافي كانت تزرع بمحاصيل البندورة التشرينية ومن ثم ارتفعت إلى 75 ألف دونم في السنوات الماضية ولكن اليوم يتم زراعة 15 الف دونما من محاصيل البندورة نتيجة الأضرار التي لحقت بها حتى أصبحت باقي الأراضي بورا.

وبحسب التقارير الصادرة عن وزارة الزراعة نجد تراجعا في نسبة الصادرات الأردنية خلال الأعوام ما بين 2016---2020


* الارصاد: درجات الحرارة ستصل ذروتها عام 2024

التغيير المناخي  يعرف علميا بالتغيير المنتظم بمعدلات عناصر الطقس كالحرارة والأمطار بالنسبة لفترة مرجعية " بحسب مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد آل خطاب ، الذي شدد على أن الفترة المرجعية لدينا في الأردن تحسب حاليا من العام 1981 الى 2010م ، وأن هذه الظاهرة  ناتجة عن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر في وسط وشرق المحيط الهادئ، تحدث في المتوسط كل 2 إلى 7 سنوات، وتستمر عادة من 9 إلى 12 شهرًا. 

وأضاف آل خطاب أن هذه الظاهرة قد تسجل رقمًا قياسيًا جديدًا لدرجة الحرارة العالمية السنوية، وتصل ذروتها في عام 2024 ، مشيرا الى أنه في سنوات سابقة أثرت هذه الظاهرة على العالم وعلى المملكة ،  إذ سجلت المملكة ارتفاعا مقداره 1.2 درجة مئوية عن المعدل العام السنوي في عام 2016 ، وبلغت  درجات الحرارة العظمى  على مستوى المملكة 50.1 درجة مئوية في العام 2020 في محطة دير علا في الاغوار الوسط ، إضافة الى أن المجاميع المطرية لغالبية مناطق المملكة في تلك الفترة سجلت أعلى من معدلاتها العامة السنوية.

وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد حذرت من أن العالم سيشهد درجات حرارة قياسية هي الأعلى عبر التاريخ خلال السنوات الخمس من 2023 ولغاية 2027.

 

 * تراجع الأردن بمؤشر مدركات المناخ

منتدى الاستراتيجيات الأردني وضمن ورقة ضمن سلسلة المعرفة قوة بعنوان " يوم الأمم المتحدة العالمي للأرض : لنجعله يوما يستحق الاحتفال بالأردن" وبحسب المنتدى أشار الى تراجع الأردن بمؤشر مدركات المناخ ، ففي 2022 حصل الأردن على مرتبة ضعيفة جداً 108/109 على المستوى العالمي وبدرجة كلية 36.2/100 قبل الأخيرة عالميا ، مشيرا الى أن ذلك جاء انعكاسا لضعف أداء الأردن في محاور المؤشر الثلاث، حيث جاء بالمرتبة 104/109 في محور التوعية ، والمرتبة 108/109 في محور الالتزام بالعمل ،كما جاء بالمرتبة الأخيرة من بين 109 دولة في محور إدراك المخاطر.

* الأردن سوف يفقد  5% من هطول الأمطار بالسنوات القادمة

وأشار تقرير صادر عن الجمعية الأردنية لخريجي جايكا الى أن الأردن يقع في دائرة زيادة درجات الحرارة بمقدار 3-4 درجات خلال الفترة 2071-2100 وإن معدل سقوط الأمطار سوف ينقص مقدار 5% لنفس الفترة الزمنية، مشيرة الى وجود  نقص في إنتاجية بعض المحاصيل الزراعية وزيادة الاحتياج إلى الماء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

 *  أمين عام وزارة المياه يصدم المزارعين

الاردن من أكثر الدول تأثرا بالتغيرات المناخية ومخاطر الفيضانات حيث شهد نماذج مختلفة منها خلال السنوات الماضية ،  حيث تذبذب نمط هطول الأمطار ، وارتفعت درجات الحرارة  و بالتالي أدت  الى تفاقم مشكلة نقص المياه ، بحسب تصريحات سابقة لأمين عام وزارة المياه المهندس بشار البطاينة.

" الأردن شهد شحا مائيا متزايدا نتيجة تغيرات المناخ التي أضحت ظاهرة عالمية مقلقة " وفق  البطاينة الذي كرر تصريحات وزراء مياه وأمناء عامين سابقين .

* 88% من سكان الاردن يشعرون بتأثيرات التغير المناخي..

"الدراسات دلت على أن 88% من السكان يشعرون بتأثيرات التغير المناخي في حياتهم اليومية" وفق  مدير قسم البحوث ودراسات العدالة البيئية لدى المركز الوطني للعدالة البيئية محمد رسول الكيلاني ، الذي أشار خلال حديثه لـ"جراسا" الى أن هناك آثار واضحة ومباشرة لتغير درجات الحرارة والهطل المطري على الإنتاجية الزراعية. 

ودعا الكيلاني إلى ضرورة الالتفات للفئات الهشة أو المعرضة للضرر، وكذلك الفئات الأقل قدرة على التأقلم مع تأثيرات التغير المناخي بسبب عوامل اجتماعية، ومن أبرزها النساء. 

* الملكة رانيا : نزوح 200 مليون شخص عام 2050

الملك رانيا العبدالله أشارت في قمة الويب التي عقدت في العام 2022 ، إلى أن هناك أزمات لجوء قد تواجه العالم بحلول 2050 نتيجة التغيرات المناخية وقد ينتج عنها نزوح أكثر من 200 مليون شخص حول العالم.

* مطالبات بإيجاد حلول

الأردن أصبح مطالبا اليوم بإيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة والتعامل معها بكل الطرق اللازمة لأنها تهدد دول العالم أجمع والأردن ليس بمنأى عنها وعن تأثيراتها" وفق الصحفية المختصة رزان المومني.

ونوهت رزان  الى أن هذه الظاهرة من أبرز تحديات هذا العصر، ولها آثار سلبية واضحة على قطاع الزراعة، أهمها ندرة المياه والجفاف وقلة الإنتاج الزراعي وتراجع الأمن الغذائي، وأنه بحكم التأثير المباشر لهذه الظاهرة على الزراعة فإن عمل العائلات المعتمد بشكل أساس عليه مهدد بسبب تداعيات الظاهرة، وخاصة أن غالبيتهم من النساء، يعني أنهن الأكثر تأثرا بالتغير المناخي .

وأشارت الى أنه من أهم الحلول لمواجهة هذه الظاهرة التوجه نحو الاقتصاد الأخضر لاستغلال الموارد المتاحة قدر الإمكان واستحداث فرص عمل جديدة.  

وشددت رزان أن  التوعية بمجال التغير المناخي تحتاج إلى خبراء ومختصين لتوضيح الآثار الناتجة عنها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات