رسالة العمل


بعد أن تعطلتْ سيارة الطبيب، دفع بها الى أحد خبراء الميكانيك المختصين ليقوم بصيانتها، أمضى العامل وقتاً في صيانتها والطبيب ينتظر، وبعد عدة ساعات؛ خرج العامل من تحت السيارة وهو يقول للطبيب: "تمت العملية بنجاح، وعادت سيارتك للحياة"، ثم قام بتشغيل السيارة لتأكيد كلامه.

وعندها سأل العامل الطبيب: "نحن نقوم بصيانة سياراتكم كما تقومون بصيانة أبداننا، ولكن لماذا تأخذون أجوراً كبيرة جداً بالمقارنة الى الأجور الزهيدة التي نتلقّاها منكم؟"، سكت الطبيب قليلاً ثم قال للعامل: "حاول أن تقوم بصيانة السيارة وهي تعمل كما نفعل نحن بأجسادكم".

وفي إحدى القرى الصينية كانت السيدة تجلب الماء لمنزلها من البئر من خلال وعاءين تحملهما كل تلك المسافة، وكان أحد الوعاءين به شرخ بسيط يتسبب بتسريب الماء خلال الطريق، ولا يصل الى المنزل سوى نصفه فقط.

انتقص الوعاء الكامل من الوعاء المشروخ، موضحاً أنه يصل بالماء كاملاً، أما هو فيصل بنصف كمية الماء فقط. بات الوعاء حزيناً مكلوماً لأنه معيوب، وفي الصباح سألته السيدة عن سبب حزنه فقال: أنا معيوب، أصل بنصف الماء فقط، فقالت: أعلم ذلك، ولكنني زرعت على طول الطريق بذوراً للأزهار، ألم تلاحظ جمال الطريق من ناحيتك، بينما تخلو الجهة الأخرة من الأزهار الملونة ومن رائحتها العطرة؟

مهما كان تخصصك، ومهما كانت وظيفتك، حاول أن تمسك بالمكنسة وتقوم بتنظيف الشوارع لمدة ثمان ساعات متواصلة، أو أن تمضي يومك وأنت تقف في حجرة الطوارئ تشاهد المرضى والمصابين والموتى، أو أن تكسب قوتك من قيادة السيارات والشاحنات على مدار اليوم والليلة، أو أن تُمضي يومك في الملاعب وساحات التدريب.

أنا مؤمن تماماً أن لكل عمل رسالة، وكل شخص منا ميّسر لعمل ما، وله دور في هذه الحياة، ولم يخلقه الله عبثاً، وإلا لكان عالة على المجتمع، ولا مكان له بين الناجحين من أفراده.

لا تسخر من عامل النظافة أنت غير قادر على القيام بعمله، أو وأنت عاطل عن العمل من الأساس، ولا تهوّن من وظيفة الطبيب وتعظّم أجره وأنت لا تعلم مقدار المعاناة التي وجدها في دراسته أو يجدها في عمله، ولو كنتَ طبيباً أو طياراً أو مهندساً؛ لا تقلل من شأن الوظائف الأخرى، فكل واحد من هؤلاء له دور يقوم به، ولو توقّف أحدهم عن العمل، لما تمكّنتَ أنت من القيام بعملك من الأساس.

من المستحيل أن نكون جميعاً أطباء ومهندسين وطيارين ومعلمين، فالنجار والميكانيكي والسائق وعامل النظافة والبقّال وعامل محطة الوقود والخباز ولاعب كرة القدم والمذيع والصحفي لهم أهميتهم أيضاً، تماماً كما أنك مهم في مكانك وفي عملك.

نحن اليوم في عالم سريع التغير والتقلب، اليوم أصبح لاعب التنس يجني في بطولة أكثر من راتب طبيب سنويّ، ولاعب كرة قدم شهير قد يجني في إعلان لمدة ثلاثين ثانية ملايين الدنانير، وشركة برمجة مكونة من عدة مبرمجين قد تحصد الملايين من خلال تطوير برنامجي حاسوبيّ بسيط، وبالتالي هؤلاء ليسوا بفشلة، ولكنهم وجدوا موهبتهم خارج الدفاتر والكتب والأوراق، ربما في الحواسيب، أو في أروقة الملاعب أو ساحات الموضة.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات