ضحكة


جائتني على غفلة بلا موعد ، كضيف ثقيل الظل يأتي بساعة متأخرة من الليل فصارت حاضرة وحدها رغم كل تفاصيل الغياب التي تبدو عليه، بملامحها المتعبة ، تحمل حقيبة أتعبها الترحال أكثر منها .

جائتني كمسافر أنهى للتو رحلة النزوح العابر للبلدان ، كمهاجر غير شرعي ركب البحر هاربا من احتمال الموت إلى احتمال موت آخر ، كعاشق قرر الانتحار في ليلة زفاف جولييت فصار روميو .

تسللت علي مكسورة ومفعمة بوزر الخيبات ، فقدمت نفسها لي قربانا لعلي احضنها بالشغف القديم نفسه ، واللهفة القديمة نفسها ، فأنتشي وأنسى كل لحظات الغياب الموجعة ، وأغفر كل لحظات الفراق القاسية .

ضحكة تلك ...تمردت على قوانين الطبيعة التي صار عنوانها الحزن ، وارتدت عن كل ديانات العمر الوثنية بالقهر ، هربت إلي كأنني أملك أن أحررها من الأسر وارمي لها بطوق النجاة ، وهي لا تدري بأنها أوجعتني وأيقظتني من سكون الوجع الحقيقي ، فكيف لأسير أن يحرر رهينة ، وكيف لغريق باليأس أن يصير طوق نجاة .

ضحكة تلك ... جائتني كبائعة هوى تتمايل هوينا ، في وقت صار العالم كله من حولي محرابا للحزن ، وصرت فيه للألم وللوجع ناسكا وإماما ، فجاهدت نفسي عنها بغض البصر وما استطعت.

ضحكة تلك ... جاءت كمنشور سري قرأته سريعا ثم مزقته خوفا من العيون والحراس .

ضحكة تلك ... جاءت كقطار على محطة حزينة خلت من الركاب ولم يبقى فيها سوى رائحة الحقائب وبقايا دموع المسافرين .

ملاحظة ... اشتقنا لضحكة من القلب أو بالأحرى اشتقنا لقلب يضحك لا يتوجع من كل شيء .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات