في كل ثورة ومعركة وتحرك وتغيير, نجد أن أرباب السياسة وأبناء الذوات وتجار الأوطان هم أول المغادرين لها والبائعين لثرواتها.
فما جرى في تونس ومصر لشاهد كبير على ما نريد الذهاب إليه من تحليل لمنفعة وحدتنا الداخلية وخير أردننا الذي لا يمكن ان نتخيل العيش بأرض غير ارضه , فنحن فقراء الوطن لا نملك قصورا ولا ذهبا ولا ارصدة في الخارج لبيعه او للتآمر عليه.
فغالبية من قفزت أقدامهم على فقراء الوطن للوصول الى المناصب والوزارات , اقسم بالله سيكونون اول الهاربين الى خارجه اذا ما تعرض لطارئ ما لا قدر الله , وندعوا الله أن يجنبه ويلات المتآمرين , وأن يبعد عنه شبح الفتن الداخلية والخارجية , والتي لن ينجوا منها الوطن حال تعرضه لها ,إلا اذا كان للفقراء دور في تمتين أمنه , لانهم وحسب المعطيات التي نستمدها من الازمات والاحداث التي بدأت تعصف بالمحيط العربي, ومن خلال قراءتنا للتاريخ, تشير بان الاوطان ليس لها إلا الفقراء , وأما الاغنياء فمهما إدعوا البطولة وتغنوا بالوطنية , فمشروعهم الوصول للكرسي بأغلى الأثمان تمهيدا لجني الارباح , حتى لو كانت وسيلتهم لذلك التآمر على الوطن واهله.
فكم مليونير بيننا ويحمل الجنسية الاردنية ولا يربطه وأولاده بالاردن غير التجارة والاستثمار ؟ , وكم مليونير اردني يعيش بيننا ويحمل الجنسية الاردنية وأمواله في الخارج يرقص على انغامها أعداء الوطن ؟.
فيا سيدي الملك إن مقدرات فقراء الوطن قد بيعت بأسعار رخيصة بأيدي من كان يفترض بهم حمايتها , فجّملوا لك القبيح في بقاءها , وشوهوا صورة بقاءها بأيدي الشعب , فبيعت لاجل مصالحهم بمبالغ أرخص من بائعيها ولا تساوي قيمتها على الارض, إذا ما قورنت بالارباح الهائلة السنوية التي تجنيها هذه الايام.
لذا فإننا نتمنى إعادتها للفقراء بنفس الاسعار التي بيعت بها , وإعادة تاهيلها لخدمتهم والانفاق عليهم, فنحن الفقراء أهل الوطن الحقيقيين والذين نمثل 95% من سكانه , ولن ينتصر لنا غيرك يا سيدي الملك لأننا خط دفاعك الاول ,والسد العالي الذي يقيك مؤامرات الاعداء ,وما اصحاب الثروة والجاه في الازمات غير تجار سرعان ما يذوبون كما يذوب السكر في الماء المغلي.
فالاردن يا سيدي الملك , يحظى بميزة لا يشابهه بها أحد من شعوب الارض , ألا وهي حُب القيادة بالفطرة , هذا النوع من الحب يكاد يتلاشى من الارض , لذا فإنه يُعتبر أمر ذا اهمية كبرى سيبعد عنا وعن الوطن وعنك شبح التآمر .
فلو تتبعنا التاريخ الاردني لوجدناه خاليا من الخيانة , وإن ما نسمعه من خيانات بين الفينة والاخرى , ما هي إلا خيانات مدسوسة بيننا وعلى اهلنا ابطالها بعض الاغنياء, ولا علاقة للفقراء بها لانهم الاقرب دوما الى الله, ومن يكون ارتباطه بالله, وانتماؤه المطلق للاردن , فلن يقبل خيانة وطنه وقائده تحت اي حجة وذريعة , ولا يرضى الذل والهوان لشعبه مهما ارتفعت الارقام الموضوعة له في حسابه في الخارج لتمرير المخططات على الاردن.
وقفة للتأمل :" هذا الوطن ليس أضرحة تقسم أشلاؤها بين الذباب والنسور , ويقام على أنقاضها للاغنياء في زواياه القصور, بل هذا الوطن خيمة لا يستظل بفيّها غير الاسد الجسور, وسيبقى فقرائه يحومون بسمائه مثل الصقور, فليحذر المتأمرين على ارضه فلن ينالهم غير الويل والثبور, واستبدال قصورهم بالقبور ".
quraan@yahoo.com
*عضو اتحاد الكتــّاب والأدباء الاردنيين