لا أمان للإسرائيليين بدون تطعيم الفلسطينيين


خلال كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم الخميس الماضي 28 / 1 / 2021 قال جلالة الملك عبد الله إنه ( لا يمكن للإسرائيليين أن يكونوا بأمان من الفيروس دون تلقيح الفلسطينيين ) وتابع جلالته قائلا لقد رأيت أنّ إسرائيل خاضت معركةً ناجحةً جدًا من التطعيمات ( لهم ) ولكن ليس للفلسطينيين وأضاف في رده على سؤال من رئيس المنتدى كلاوس شواب ( إذا نظرت إلى التواصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يمكنك إعطاء اللقاح لجزء من مجتمعك دون الآخر وتعتقد أنك ستكون آمنا وتفكر بأنك محصن الدرس الأول من الوباء انه لا يميز الحدود ولا يفرق بين الفقراء والأغنياء ) وشدد جلالة الملك على أن حماية السكان اللاجئين من الوباء هو واجب عالمي يستوجب توفير لقاحات ضد فيروس كورونا للفلسطينيين

تعتبر إسرائيل من أكثر دول العالم سرعة في تقديم لقاح كورونا إلى مواطنيها لكن يتم وصف ما تقوم به تجاه فلسطينيي قطاع غزة والضفة الغربية والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من قبل الكثير من السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان والناشطين والأطباء ( بنظام الفصل العنصري الطبي ) حيث ترفض السلطات الإسرائيلية توفير اللقاحات للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة متذرعة باتفاقية أوسلو التي تنص على أن تتولى السلطات الفلسطينية الشؤون الصحية في الأراضي المحتلة عام 1967
ورغم هذه الاتفاقيات الصحية الواضحة والملاحق المتعددة لاتفاق اوسلو بهذا الخصوص وفضلا عن قدرة إسرائيل على تلقيح عدد كبير من السكان في الشهور المقبلة مثلما أعلنت في وقت سابق ( أكثر من ربع سكان إسرائيل، البالغ عددهم تسعة ملايين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من لقاح فايزر بيونتيك منذ بدء حملة التطعيم في كانون الأول من العام الجاري ) إلا أن وزارة الصحة الإسرائيلية لم تقم بصياغة أي سياسة لحجز كميات محددة من اللقاحات للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما أنها لم تحدد جدولا زمنياً لنقل لقاحات إلى الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية

وقد دعت منظمة التحرير الفلسطينية في وقت سابق المجتمع الدولي إلى أن يحث إسرائيل كقوة احتلال على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي وبما يتحتم عليها كدولة محتلة لأراض فلسطينية أن تعمل على توفير اللقاحات والمواد الطبية اللازمة لمكافحة الوباء و ( الحديث عن دولة احتلال هنا ليس حديثاً عاطفياً بل نقصد به الممارسات التي تقوم بها إسرائيل وتعترف بها في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية ) وقد أصدرت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحد بياناً قالت فيه إن إسرائيل هي المسؤولة عن حصول الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية على لقاحات بشكل عادل كواجب قضائي وإنساني وان القانون فوق الاتفاقيات

كما قالت الهيئة إن التمييز في الحصول على اللقاحات أمر غير مقبول " أخلاقيا وقانونيا " بموجب القانون الدولي المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف بشأن إدارة الأراضي المحتلة بشأن واجب القوة المحتلة في توفير الرعاية الصحية لكن إسرائيل غالبا ما تقول إنها عملياً غير محتلة للضفة الغربية وغزة وهذه مسألة لا يتفق عليها خبراء القانون الدولي حيث لا تزال العديد من القضايا المتعلقة بالحكم والوضع النهائي للأراضي المحتلة معلقة بلا حل

ولا يفوتنا في هذا الشأن التذكير بتصريح وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي عمير أوهانا إلى عدم وجود نية لدى الحكومة الإسرائيلية في تلقيح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مما أثار موجة غضب عارمة من قبل منظمات دولية وحقوقية أسفرت عن تراجع الحكومة الإسرائيلية عن نيتها فأعلنت مصلحة السجون الاسرائيلية بعدها أنّها ستلقح جميع السجناء لديها بما فيهم الأسرى الفلسطينيون

حتى إن بعض النواب الإسرائيليون في الكنيست انتقدوا الحكومة الاسرائيلية لعدم تلقيحها الفلسطينيين في الضفة الغربية ضمن حملة التطعيم الإسرائيلية التي شملت جميع المستوطنات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة لازالت تستغل إسرائيل عجز حكومة حماس عن وقف انتشار فيروس كورونا وتشترط المساعدة في مواجهة الوباء بعودة الأسرى والجنود الإسرائيليين المفقودين

ووفقا للاتفاقيات المبرمة بين الطرفين لا تستطيع استيراد أي لقاح أو دواء من دون موافقة السلطات الإسرائيلية، إذ بحسب بروتوكول باريس المضمون في اتفاقية أوسلو لا يحق للسلطة الفلسطينية استيراد أي لقاح او دواء من دون موافقة وزارة الصحة الإسرائيلية فضلاً عن تحكم السلطات الإسرائيلية بالحواجز والمعابر فلا يمكن أن يدخل أي شيء إلى الأراضي الواقعة تحت إدارة السلطات الفلسطينية من دون موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفي المدى المنظور يبقى أمام الفلسطينيين الاعتماد على حسن نية المنظمات والشركات الأجنبية

باستثناء أولئك الذين يعيشون في القدس الشرقية، لم يتلقى أحد من سكان الأراضي الفلسطينية لقاحات ضد الفيروس وهناك دعوات لتوفير جرعات لآلاف العمال الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل يومياً من أجل العمل هناك وقد أوضحت السلطة الفلسطينية أنها تستطيع توفير اللقاحات ووعدت بوصول مليوني جرعة من اللقاح البريطاني ومئتي ألف جرعة لقاح بتمويل من منظمة الصحة العالمية وخمسة آلاف جرعة هدية من الدولة الروسية وهذه اللقاحات المقدمة من روسيا

وقد خططت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة للحصول على لقاحات من بضع مصادر حيث وقعت أربعة عقود لشراء لقاحات بينها لقاح "سبوتنيك – في " الروسي لتلقيح 70% من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تتسلمها بحلول منتصف اذار المقبل وقالت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية إنها تتوقع تطعيم حوالي 20 في المئة من السكان بالجرعات المقدمة لها بموجب خطة " كوفاكس" المدعومة من قبل منظمة الصحة العالمية ضمن جوهدها الدولية لإيصال اللقاحات إلى البلدان الفقيرة التي قد لا تتمكن من تأمين إمدادات كافية بمفردها

ومن المهم التأكيد ان إيصال اللقاحات إلى غزة تواجه بتحديات لوجستية بسبب القيود المفروضة على المنطقة التي تخضع لحصار إسرائيلي منذ تولي حركة حماس الإسلامية الإدارة والمسؤولية هناك في عام 2007 رغم ورود تقارير تفيد بحصول حركة حماس على لقاحات من دولة قطر

مؤخرا حذر بعض خبراء الصحة بشكل مباشر من مخاطر استمرار انتشار الفيروس في إسرائيل إذا لم يمتد برنامج اللقاح إلى الفلسطينيين بسبب اختلاط الشعبين في معظم الأحيان القصوى
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات